بعد الارتفاع الرهيب فى أسعار السيارات، المبرر وغير المبرر فى أحيان أخرى، دشّن عدد من المهتمين بسوق السيارات والراغبين فى شراء سيارة جديدة، حملات على مواقع التواصل الاجتماعى، تطالب المستهلك بالعزوف عن شراء سيارة جديدة، أملاً فى التأثير على الوكلاء والموزعين والتجار بتخفيض أسعارهم، حتى وصل التهديد إلى تدشين حملة بعنوان «خلّيها تصدّى». لكن موضوع أسعار بيع السيارات فى مصر وارتفاعها يخضع لعدة أسباب، وليس فقط الضغط على «فيس بوك»، منها أزمة الدولار وعدم توافره بالسوق والتشديد الصادر من البنك المركزى على التحويلات الخارجية لشركات السيارات، مما جعل بعض الوكلاء والشركاء يلجأون لاستخدام طرق أخرى غير البنوك فى التحويلات للخارج بتكلفة ومصاريف أعلى من التحويلات العادية. ومن الأسباب الأخرى، التى تؤثر على أسعار السيارات فكرة العرض والطلب، فمع قلة المعروض تزيد الأسعار، وهذا ما يحدث الآن فى سوق السيارات، وهناك جملة معروفة يتم تداولها بين التجار وهى «طول ما فيه زبون يبقى مفيش مشكلة.. يعنى ولا هتصدّى ولا هتدوّد».. كل هذه أسباب طبيعية، لكن المشكلة فى الأسباب غير الطبيعية، مثل جشع التجار واستغلالهم الأزمات بتسعير السيارات، كلٌّ على مزاجه، فعندما تذهب إلى معرض سيارات تسأل عن سعر سيارة معينة، فيبلغك البائع بأن سعرها كذا، فتذهب إلى معرض آخر وتسأل عن نفس نوع السيارة، فتسمع سعراً آخر، حتى وصلت الأسعار إلى أرقام مبالغ فيها، لا تساوى قيمة السيارة التى ستشتريها، ناهيك عن سيارات أسعارها الرسمية الصادرة من الوكلاء زادت بأرقام كارثية خلال الأسابيع الماضية، بخلاف الظاهرة الأكثر كارثية وهى الأسعار التى يضعها الموزع والتاجر، والتى تزيد على السعر الرسمى، «الأوفر برايس»، والتى لا تخضع لأى نوع من أنواع الرقابة، سواء من الوكيل صاحب ومستورد السيارة، أو الأجهزة المعنية، والظاهرة الأغرب أن هناك وكلاء رفعوا أسعار سياراتهم بسبب ظاهرة «الأوفر برايس» المنتشرة حالياً، فبدأوا ينفّذون خطة أخرى، وهى زيادة الربح من «الأوفر برايس»، فما دامت سياراتهم تباع بأسعار أعلى من الأسعار المعلنة عند التجار، فما المانع أن يأخذوا جزءاً من أرباح التاجر بإعلان رفع الأسعار، فهناك شركات زادت من أسعارها بأرقام كبيرة، للاستفادة من أزمة نقص المعروض الموجودة حالياً. ويتساءل كثيرون عن دور الحكومة فى حل الأزمات المتلاحقة على قطاع السيارات التى تؤثر بشكل مباشر على المستهلك الغلبان، الذى لا حول له ولا قوة، أين دور الهيئات والروابط والمجالس والغرفة التجارية التى تدّعى أن لها علاقة بقطاع السيارات؟ رجاء وضع حلول عاجلة تُنقذ قطاع السيارات من الانهيار ودوامة زيادة الأسعار التى لا تنتهى وتشديد الرقابة على أسعار بيع السيارات حتى يعود الاستقرار مرة أخرى إلى السوق.