تنسيق الدبلومات الفنية 2025 دبلوم صناعة.. الكليات والمعاهد المتاحة ومؤشرات الحد الأدنى للقبول    تراجع معدل تضخم أسعار الجملة في الدنمارك إلى 8.4%    رئيس الوزراء يتابع إجراءات تنفيذ الخطة الاستراتيجية لتحلية مياه البحر    مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان: مخاوف من تطهير عرقي ممنهج بالضفة الغربية    متحدث عسكري عراقي: الهجوم على حقلين نفطيين في كردستان يلحاق الأذى بالعراق    الزمالك يخوض مران الغد على فترتين استعدادا للموسم الجديد    هرب من الحر فكان مصيره الغرق.. مصرع طالب بترعة المحمودية في البحيرة    لا نزول بعد الغروب.. إخلاء الشواطئ يوميا الساعة 7 مساء لحماية أرواح المصطافين بالإسكندرية    سماع دوي انفجار داخل محطة وقود برمسيس.. ومصدر يكشف التفاصيل    فيديو.. آمال ماهر تطرح أغنية خبر عاجل وتعود بفستان الزفاف وأغنية الحب الأول في ألبوم حاجة غير    مسلسلات رمضان 2026.. تفاصيل القائمة المبدئية لخريطة الموسم الدرامي قبل انطلاقه ب7 أشهر    المركز القومي للسينما يعلن بدء التسجيل في ورشة التراث في السينما المصرية الروائية    ب«الحجاب».. ياسمين عبدالعزيز تشارك كواليس زيارتها لمسجد الشيخ زايد الكبير (فيديو)    الشيخ خالد الجندي: وصف وجه النبي صلى الله عليه وسلم    محافظ الجيزة: "100 يوم صحة" تستهدف إيصال الخدمات الصحية لكافة المواطنين    التعليم تكشف المواد المطورة للعام الدراسى الجديد.. عربى وإنجليزى أبرزها    بيت الزكاة والصدقات يقدم الدعم ل 5000 طفل بقرى محافظة الشرقية    طرح قطع أراض سكنية بالمجتمع السكنى الجديد غرب طريق الأوتوستراد بحلوان للبيع بالمزاد العلني    انفوجراف | شروط ومستندات التقديم للتدريب الصيفي بالبنك المركزي المصري    120 مليون سنويا.. خالد الغندور يكشف انتقال حمدي فتحي إلى بيراميدز    ما حكم اتفاق الزوجين على تأخير الإنجاب؟.. أمين الفتوى يوضح    زيلينسكي خلال الاحتفال بيوم الدولة: أوكرانيا باقية    مرافق الأقصر تحرر 111 محضر ومخالفة خلال حملة مكبرة بشوارع المدينة    مستشفى سوهاج العام تحصل على المركز الثانى فى إجراء جراحات العظام    جمهور رحمة محسن يطالب بالدعاء لها بعد تداول صورتها داخل المستشفى    محمد الحنفى يعلن اعتزاله التحكيم    رئيس الطائفة الإنجيلية: الموقف المصري من نهر النيل يعكس حكمة القيادة السياسية وإدراكها لطبيعة القضية الوجودية    إنطلاق فعاليات حملة "100 يوم صحة" بميدان الثقافة في سوهاج    لليوم الثالث.. انتظام أعمال تصحيح الشهادة الثانوية الأزهرية بالقليوبية    مها عبد الناصر تطالب بالكشف عن أسباب وفاة 4 أطفال أشقاء في المنيا    كريم الدبيس: "كولر" مراوغ وقطعت عقود بلجيكا للانتقال للأهلي    المفتي الأسبق: يوضح عورة المرأة أمام زوج أختها    نتيجة الامتحان الإلكتروني لمسابقة معلم مساعد دراسات اجتماعية.. الرابط الرسمي    مصدر ل"مصراوي": كشف جديد للذهب بمنطقة "آفاق" باحتياطي يتخطى 300 ألف أوقية    برينتفورد يضم جوردان هندرسون في صفقة انتقال حر لمدة عامين    برج السرطان.. حظك اليوم الثلاثاء 15 يوليو: احذر    اليوم نظر محاكمة عامل متهم بقتل زوجته فى الطالبية    بعد حادث «الدائري الإقليمي».. «القومي لحقوق الإنسان» يعقد ورشة حول حقوق العمال وبيئة العمل الآمنة    بحافلة متعطلة.. إسرائيل تلجئ نازحا من طولكرم إلى مأوى من حديد    كل ما تريد معرفته عن كأس العالم للأندية 2029    دعاء الفجر.. اللهم إنا نسألك فى فجر هذا اليوم أن تيسر أمورنا وتشرح صدورنا    "الأونروا": ارتفاع معدلات سوء التغذية في قطاع غزة    الإيجار القديم بين الواقع والمأمول.. نقلا عن "برلماني"    9 أضرار للإفراط في شرب الشاي.. لا تتجاوز هذه الكمية يوميا    وزارة العمل: 3 فرص عمل في لبنان بمجالات الزراعة    القومي لحقوق الإنسان يعقد ورشة عمل حول العمال وبيئة العمل الآمنة    «مصيرك في إيد الأهلي».. شوبير يوجه رسالة إلى أحمد عبدالقادر    جيش الاحتلال: اعتراض مسيرة أطلقت من اليمن دون تفعيل صفارات الإنذار    الصحة: بدء تدريب العاملين المدنيين بوزارة الداخلية على استخدام أجهزة إزالة الرجفان القلبي (AED)    أخبار البورصة اليوم الإثنين 14-7-2025    ثنائي بيراميدز ينضم إلى معسكر الفريق في تركيا    محمد حمدي: هذه أسباب عدم نجاحي مع الزمالك    خاص | أسرة حفيدة أم كلثوم ترد على مدحت العدل بعد انتقاده حجابها    بكاء خالد سليم بعد عرض مشاهد نادرة لوالده في «صاحبة السعادة» (فيديو)    مشاركة الرئيس السيسي في قمة الاتحاد الأفريقي بمالابو تؤكد دعم مصر لأمن واستقرار القارة    محامي المُعتدى عليه بواقعة شهاب سائق التوك توك: الطفل اعترف بالواقعة وهدفنا الردع وتقويم سلوكه    تعرّف على عقوبة إصدار شهادة تصديق إلكتروني دون ترخيص وفقًا للقانون    «مستقبل وطن» يُسلم وحدة غسيل كلوي لمستشفى أبو الريش بحضور قيادات جامعة القاهرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.




نشر في الوطن يوم 23 - 08 - 2015

بعد ماراثون طويل من المباحثات والاجتماعات، التى بدأت تحديداً بعد ثورة يونيو فى نوفمبر 2013، لاستكمال دراسات تداعيات سد النهضة على مصر والسودان، وبعد توقيع إعلان مبادئ مع السودان وإثيوبيا، وبعد زيارة الرئيس المصرى إلى البرلمان الإثيوبى، وبعد اجتماع الخرطوم الماراثونى الشهر الماضى، وبعد انتهاء إثيوبيا من 50% من إنشاءات سد النهضة، إذ بنا نقرأ فى الإعلام أنّ الشركتين الاستشاريتين، الفرنسية والهولندية، لم تتقدما بعرضهما الفنى المشترك لدراسات السد فى الموعد الذى حدّدته اللجنة الثلاثية فى 12 من الشهر الحالى. وتلى ذلك اجتماع اللجنة الثلاثية فى أديس أبابا يومى 20 و21 أغسطس لمناقشة وتسوية هذه المشكلة، وقررت منح الشركتين مهلة إضافية أسبوعين لتقديم عرضهما الفنى المشترك. والسبب الرئيسى لعدم تقدم الشركتين بعرضهما حتى الآن، أنّ الشركة الهولندية وجدت أنّ شروط اللجنة الثلاثية تجاهها مجحفة وتحاول الشركة من خلال الضغط والتأخير أن تعدّل هذه الشروط. إنّ من شروط اللجنة الثلاثية، بناءً على ضغوط إثيوبية، أن تكون الشركة الفرنسية هى الشركة الأم، وتقوم بحوالى 70% من الدراسات رغم أنّها حديثة الخبرة بالسدود الضخمة والأنهار الدولية، وأن يكون دور الشركة الهولندية من الباطن وتقوم بحوالى 30% من الدراسات، رغم أنّ لها أكثر من مائة عام من الخبرات فى السدود والأنهار. واشترطت اللجنة الثلاثية أن تكون الخطة الفنية للشركة الفرنسية هى الأساس لدراسات سد النهضة، وأنّ مساهمات الشركة الهولندية فى الدراسات يجب أن تكون فى إطار هذه الخطة، بل إنّ الشركة الفرنسية هى المسئولة عن كل مخرجات الدراسة، بينما الشركة الهولندية تساعدها فى أداء المهام حسب متطلبات الشركة الفرنسية منها. فهل ترضخ الشركة الهولندية لشروط اللجنة الثلاثية وتوافق على المشاركة فى دراسات السد من خلال إطار فنى لشركة أخرى أحدث منها وأقل خبرة، هذا ما سوف نعرفه فى الأيام القليلة المقبلة. لكن إذا رفضت الشركة الهولندية شروط اللجنة الثلاثية، وهذا احتمال ليس بقليل، فسيكون هناك بديلان لا ثالث لهما للتعامل مع هذه المشكلة. الأول أن تستسلم مصر للمشيئة الإثيوبية ونوافق على إسناد الدراسات إلى الشركة الفرنسية وحدها رغم قلة خبرتها ووجودها المكثف فى الساحة الإثيوبية، والمخاطرة هنا أنّ الشركة فى الأغلب لن تستطيع وحدها استكمال الدراسات المطلوبة وبالجودة التى تتطلبها حدة أزمة سد النهضة، وشخصياً أشك أن مصر ستوافق على ذلك. والبديل الثانى أن يتم إعادة طرح الدراسات مرة ثانية على الشركات الاستشارية، لتضيع سنة أخرى فى التقييم والاختيار والتعاقد مع شركة جديدة. هذا هو وضع مسار المباحثات الفنية ونتائجه بعد واحد وعشرين شهراً بالتمام والكمال، ووزير الرى المصرى ما زال يصرّح بأنّ مشكلة سد النهضة أوشكت على الانتهاء رغم أنّه لم يتم حتّى الآن التعاقد مع شركة استشارية لدراسة الآثار السلبية لسد النهضة على مصر، وإثيوبيا انتهت بالفعل من 50% من إنشاءات السد، بل تقوم أيضاً ببناء خمسة سدود جديدة أخرى، فى ظل صمت مصرى متعمّد ومريب. إنّ التعاقد مع الشركة الاستشارية لن يتم فى أحسن الظروف إلّا بعد عدة أشهر، وفى الأغلب مع بدايات العام المقبل، وسوف تستغرق الدراسات وقتاً أطول كثيراً ممّا جاء فى إعلان المبادئ، وسوف ينتهى بناء السد والتخزين الأولى حتى قبل الوصول إلى توافق حول نتائج الدراسات، نتيجة وجود خلافات عميقة بين أطراف اللجنة الثلاثية لم تظهر إلى السطح بعد. الجانب المصرى يرى أنّ الشروط المرجعية للدراسات الهيدرولوجية تشمل تحديد السعة الأمثل لسد النهضة، لكن إثيوبيا ترى عكس ذلك ولا تقبل بدراسة سعة السد أو تقييم أبعاده. وثانى هذه الأسباب أنّ نتائج الدراسة الهيدرولوجية ستكون فى الأغلب على شكل سيناريوهات مختلفة تعتمد على فرضيات واحتمالات لحجم فيضان النهر السنوى، وبالتالى ستكون نتائج غير قاطعة وقد تؤدى إلى تباين فى التفسير والتأويل ما بين الدول الثلاث، وكل طرف سوف ينحاز إلى السيناريو الذى يحقق له أهدافه من التفاوض. والسبب الرئيسى والأكثر تعقيداً هو أنّه ليس هناك اتفاق بين الدول الثلاث على تفسير بند عدم الإضرار الوارد فى إعلان مبادئ سد النهضة، حيث لم يتم الاتفاق على تعريف الضرر ذى الشأن (الجسيم) الذى ورد فى هذا البند، بل لا توجد مرجعية للضرر فى حد ذاته، لأن إثيوبيا لا تعترف بالحصة المائية المصرية. ومصر للأسف وافقت فى إعلان المبادئ أن تكون مرجعية الضرر هى الاستخدامات العادلة والمنصفة للمياه للدول الثلاث (بدلاً من حصتها المائية)، والدول الثلاث لم تتفق على كمية هذه الاستخدامات. وأى نقص فى إيراد النهر لمصر سوف تعتبره إثيوبيا حقاً أصيلاً لها، بينما سوف تعتبره مصر ضرراً جسيماً وقع بها، وسنستمر فى جدال حتى تنتهى إثيوبيا من بقية سدودها.
إلى متى نستمر فى هذا المسار الفنّى العقيم لأهم قضية مصرية، تمس كل مواطن ومواطنة؟ وإلى متى يستمر نزيف الكرامة المصرية فى هذا المسار الفاشل ونتحمّل التعنت الإثيوبى الواضح فى ظل دعم السودان الكامل لإثيوبيا. لقد بُح صوتنا وجف قلمنا من كثرة النصائح والتحذيرات، لكن الحكومة أذن من طين وأخرى من عجين، ومصممة على المسار نفسه، رغم علامات فشله الواضحة. هناك سوء تقدير شديد لموقف مصر من الأزمة، وقد نبّه إلى ذلك علماء مصر عشرات المرات، لكن الحكومة للأسف تتعالى على النصائح وتكتفى بآراء خبرائها، وما أكثرهم. إنّ تداعيات سد النهضة لن تتمثل فقط فى آثاره المباشرة على مصر من بوار مساحات كبيرة من الأراضى الزراعية وتملح جزء كبير آخر، وانخفاض فى منسوب المياه الجوفية، وانكشاف العديد من مآخذ محطات مياه الشرب والمصانع الواقعة على نهر النيل وفرعيه، وزيادة تلوث مياه النهر والترع والمصارف والبحيرات الشمالية وتهديد الثروة السمكية، ونقص فى كهرباء السد العالى وخزان أسوان. بل سوف تؤدى إلى تشجيع بقية دول الحوض على تنفيذ مشاريع، وباستثمارات دولية فى الزراعات المروية والسدود الكبرى والمتوسطة، وإثيوبيا سوف تقوم تباعاً بإنشاء بقية سدودها الكبرى على النيل الأزرق. وسوف تقوم جنوب السودان بالانضمام إلى اتفاقية عنتيبى وتنفيذ مشاريع استقطاب فواقد النهر، بتمويل ودعم دولى لبيع المياه لمصر. وقد تتوسّع السودان فى الزراعات على النيل الأزرق خصماً من حصة مصر المائية، بل لا أستبعد أن تنضم السودان إلى اتفاقية عنتيبى وتعلن عدم التزامها باتفاقية 1959. وكالعادة سوف يتنصّل المسئولون المصريون من الفشل، ويلومون عصر «مبارك» و«السادات» و«عبدالناصر» و«محمد على»، ويرددون أنّ التكبر والتعنت فى العهود السابقة هو السبب.
هل نستمع إلى نداء العقل ونغير مسار المباحثات لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان وبعد أن فات ما فات؟ يجب البدء فوراً فى مسار سياسى يقوده وزير الخارجية تحت الإشراف المباشر للسيد الرئيس ومن خلال مبادرة مصرية. لقد طرحت من قبل مبادرة سياسية لإيقاف منشآت السد بعد الانتهاء من مرحلته الأولى وحتى الانتهاء من الدراسات الفنية والتوافق حول نتائجها، فإذا أثبتت الدراسات أنّ السد سوف يسبب أضراراً على مصر (وهذا مؤكد)، تقوم إثيوبيا بوقف إنشاءات السد نهائياً عند هذه السعة التخزينية، وإذا أثبتت الدراسات أنّ السد لن يُسبب أضراراً لمصر (وهذا مستبعد) تقوم مصر بتعويض إثيوبيا عن أى خسائر مادية نتيجة وقف إنشاءات السد، وتقوم إثيوبيا حينذاك باستكمال بنائه. هل من مستمع رشيد، اللّهم إنى بلّغت اللّهم فاشهد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.