على الرغم من الأثر النفسى والعملى المؤلم لحالات التشخيص الخاطئة، فإن الدكتور خيرى عبدالدايم، نقيب الأطباء، قلل من أهمية «التشخيص الخاطئ» جملة وتفصيلاً: «دى واردة تحصل عادى جداً، لأنها عملية معتمدة على عوامل كثيرة، فمثلاً فى أمراض بتختلط مع أمراض تانية كتير، وهنا بيكون دور الدكتور إنه يوصل للتشخيص بقدر اجتهاده ويصف العلاج الصح من وجهة نظره، وقد يوفق فى ذلك أو لا يوفق، ما دام بذل جهده لا يعاتب ولا يعاقب، خاصة إن كان المرض من النوعية الصعبة التى يختلط تشخيصها مع أمراض أخرى، أو كان من الأمراض التى لا يتوافر بشأنها أبحاث علمية كافية». الشكاوى الواردة إلى نقابة الأطباء بشأن التشخيص الخطأ يتم التعامل معها عبر تشكيل لجنة علمية تحكم إذا ما كان الطبيب قد قام بما عليه أم لا، عبدالدايم بدا متعجباً من الهجوم على الأطباء الذين يشخصون أمراضاً عن طريق الخطأ: «أمراض كتير بيغلط فيها أجعص طبيب»، مشيراً فى الوقت نفسه إلى أن النقابة لا تمتلك أرقاماً لعدد الشكاوى الواردة بشأن هذا الأمر، كما أنها لا تراقب المسألة: «النقابة مش بتلف على العيانين تشوفهم اتشخص لهم المرض صح ولا غلط، وزى ما قلت دى بتكون غلطة دكتور واردة جداً». وجهة نظر لا يتفق معها الدكتور محمد عزالعرب، رئيس وحدة الأورام بالمعهد القومى للكبد، وأحد ممثلى منظمة الصحة العالمية فى مصر: «التشخيص الصحيح يتطلب من الطبيب أخذ التاريخ المرضى السليم، ثم الكشف الطبى بدرجة سليمة وحسب الأصول الطبية السليمة، ثم تأتى مرحلة التحاليل الطبية ثم الأشعات التشخيصية فى حال احتاجها المريض، والكشف المثالى يمر بمرحلتين الأولى اسمها تشخيص مبدأى يعتمد على التاريخ المرضى والكشف الإكلينيكى، أما الكشف النهائى والوصول للتشخيص فهو يجمع بين نتائج كل من الكشف الإكلينيكى والتحاليل المعملية والأشعات التشخيصية». نقيب الأطباء: الطبيب يجتهد فى تشخيص الحالة المرضية.. لكن «فيه أمراض كتير بيغلط فيها أجعص دكتور» «عزالعرب» أشار إلى أن أى خطأ فى أى مرحلة من تلك المراحل يؤدى إلى عدم سلامة التشخيص، لكن هذا ليس كل شىء: «لدينا عنصر بشرى فى هذه العملية أيضاً، لكن ما مدى تدريب الطبيب، ليس كل الأطباء بنفس الكفاءة، كما أن الكثير من معامل التحاليل فى مصر ليست بالكفاءة المطلوبة، وكثيراً ما يتم عملها بطريقة خاطئة بحيث تختلف النتيجة من معمل لآخر، وهنا لا يمكننا لوم الطبيب، الأمر ذاته ينطبق على معامل الأشعة، خاصة الرنين المغناطيسى والأشعة المقطعية والموجات الصوتية، لو اللى بيكتب التقرير أغفل أو ماشافش إن فى دلالات أورام عند المريض فالنتيجة الحتمية هنا عدم اكتشاف الورم، وهناك مشكلة أخرى تتعلق بعدم دقة التحاليل والأجهزة التى يستخدمها الطبيب نفسه». بين عناصر بشرية وعناصر طبية يتفرق ذنب التشخيص الخاطئ، لكن المسألة لها حلول بحسب «عزالعرب»: «من هنا كانت فكرة عمل الترخيص للعيادات وتجديدها كل فترة، لكن للأسف لدينا فى مصر خريج الطب يظل حياته كلها يمارس مهنته بالترخيص الذى يستصدره عند بداية العمل، فى حين أن الواقع يتطلب مراجعة كل خمس سنوات ليتضمن الترخيص كشفاً دقيقاً وفحصاً دورياً على المعامل والأجهزة والأدوات المستخدمة فى العيادات». «عزالعرب» فرق بين الخطأ العادى فى التشخيص وبين ما أسماه ب«الخطأ القاتل»: «فى هذه الحالة يجب أن يتم محاسبة الطبيب، لأن الخطأ القاتل يحدث عند طبيب يرى علامات إكلينيكية لمرض خطير ولا يبذل الجهد الكافى لاكتشافه، أو يتكاسل عن تحويل المريض إلى طبيب مختص، وبحكم القانون إذا لم يقم الطبيب بتحويل المريض إلى الطبيب المختص بحالته، فإنه يكون مسئولاً قانوناً عن الحالة وما تؤول إليه ويعتبر إهمالاً طبياً، وإذا تهاونت نقابة الأطباء فى ذلك واعتبرته أمراً عادياً فيمكن للمتضرر اللجوء إلى النيابة العامة لاتخاذ الإجراءات اللازمة».