قال باسم كامل، النائب السابق عضو المكتب التنفيذى للحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى، إن التعبير عن كل أطياف المجتمع والاستماع لمطالبهم بحق واحترام التنوع والحوار هو الأنسب لمصلحة مصر، وأكد فى حوار ل«الوطن»، أن هذا الأمر هو الوصفة المناسبة لكتابة دستور توافقى، وذلك فى ظل تصاعد الخلافات بين القوى السياسية على كتابة دستور ثورة يناير. جاء تأكيد «كامل»، بعد أن عايش بنفسه التجربة الإندونيسية فى الدستور، خلال المؤتمر الذى نظمه معهد «السلام والديمقراطية» بجامعة «بالى»، ضمن «برنامج الحوار المصرى الإندونيسى»، فى محاولة للاستفادة منها فى الواقع المصرى، خصوصاً أن هذا البلد الآسيوى 85% من مواطنيه من المسلمين وبه 5 ديانات ومذاهب رئيسية أخرى فضلاً عن 200 لغة. ■ كيف كانت تجربة إندونيسيا فى كتابة دستور توافقى؟ - إندونيسيا بلد به أغلبية مسلمة تصل ل85% من مواطنيها، ومع ذلك فهناك تنوع أيضاً، وهناك 5 ديانات هى: الإسلام، والبوذية، والهندوسية، والمسيحية (الكاثوليكية، والبروتستانتية)، وديانة أخرى ستعتمد قريبا هى «الكونفوشوسية»، والدستور الحالى لإندونيسيا كتب عام 1998 بعد الإطاحة بسوهارتو، على 4 مراحل استغرقت 4 سنوات، وكان رئيس الجمعية التأسيسية مسيحى بروتستانتى، ومن بين المبادئ الأساسية التى اعتمدوها فى كتابة الدستور وحدة الأرض والديمقراطية والمساواة. ■ كيف جرى التوافق رغم هذه التعددية؟ - إندونيسيا مكونة من مجموعة جزر، وكانت لديهم قناعة بأنه لو أقصيت أى مجموعة عرقية أو دينية فإن ذلك سيساعد على انفصالها، وحين كانوا يختارون جمعية الدستور، حرصوا على أن تضم أشخاصاً جيدين ومتنوعين، وبالإضافة إلى ذلك جلست هذه الجمعية مع كل أطياف المجتمع واستمعت لهم وعكست ذلك فى كتابتها للدستور، ولذلك لم يكونوا فى حاجة إلى عرض الدستور للشعب للاستفتاء عليه. ■ وكيف تتعامل الدولة مع الأديان والمذاهب المختلفة هناك؟ - رغم أن الدين الإسلامى هو الرسمى للبلد لأنه دين أغلبية السكان، فإن ذلك غير متعارض مع احترامهم لبقية الديانات وحقوق معتنقيها فى ممارسة الشعائر، وعمليا يجرى التعامل مع الديانات الأخرى على قدم المساواة، فهناك وزارة للشئون الدينية، مثل وزارة الأوقاف لدينا، لكن بها 5 قطاعات كل قطاع مختص بديانة من الديانات ال5 الرئيسية، وفى طريقهم لاعتماد قطاع سادس للكونفوشوسية رغم أنهم يمثلون نصفاً فى المائة فقط من إجمالى السكان. ■ ألم تكن هناك عقبات، كما هو الحال فى مصر، أو قوى تسعى لفرض رؤيتها؟ - كانت هناك مقاومة بالفعل، ولا تزال هناك أصوات تطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية بطريقة شبيهة بما يطالب به السلفيون فى مصر، ولكنهم يتصدون لذلك بالحوار، وهناك شبه اتفاق عام على أن هناك أشياء لا يمكن تطبيقها على الجميع، ومن ثم فإنها لا تصلح لأن تكون نظاماً للدولة ككل، وهذا لا ينفى أن الشرائع الخاصة بأصحاب كل دين مطبقة فيما يتعلق بأحوالهم الشخصية، كما هو الحال فى مصر. ■ إلى أى مدى تختلف تجربة مصر عن إندونيسيا فى كتابة الدستور، من وجهة نظرك؟ - هناك فضلاً عن أنهم يمثلون كل فئات المجتمع فى الجمعية التأسيسية، فإنهم كانوا يستمعون لكل أطياف المجتمع بشكل حقيقى، على عكس الحال لدينا، حيث يستمع القائمون على التأسيسية بشكل شكلى، ثم يكتبون فى النهاية ما يريدونه هم. ■ وكيف يرى الإندونيسيون التجربة المصرية حتى الآن فى هذا المجال؟ - أعرب زملاؤنا الإندونيسيون فى المؤتمر عن اعتقادهم بأن أزمة كتابة الدستور فى مصر، تأتى من عدم كون تأسيسية الدستور غير معبرة عن الجميع، مؤكدين أن تشكيلها لا ينبغى أن يكون بناء على حصص الأحزاب فى البرلمان. ■ ما الدرس الذى يمكن الاستفادة منه من التجربة الإندونيسية لدينا؟ - الدرس الأساسى هو ضرورة «التوافق»؛ لأن الدولة المصرية بها تنوع أيضاً كما هو الحال فى إندونيسيا، لا بد من احترامه، وإدراك أنه لا يمكن أن نطبق إلا ما يناسب الجميع، وليس ما تريده قوى بعينها، وإعلاء مصلحة الوطن على الانتماءات الدينية أو العرقية الضيقة.