قرأت خبراً من الأخبار المضحكة المبكية، منشوراً فى بوابة أخبار اليوم وذلك يوم الاثنين 12/11/2012 تحت عنوان: الإخوان أخطر على العرب من إيران وإسرائيل، وهذا جزء من تصريحات قائد شرطة دبى، ضاحى خلفان. لم أصدق ما قاله الرجل عند قراءته، وسمعت الكلام بنفسى واضحاً على الإنترنت صوتاً وصورة عندما قاله ذلك الرجل فى برنامج الشارع العربى فى تلفاز دبى يوم الأحد 11/11/2012. كان الجزء الذى لم تذكره بوابة الأهرام يتعلق بإسرائيل، إذ لا يرى ذلك القائد الهمام صراحة أنها خطر على العالم العربى ما دامت كبريات البلدان على هذا الوئام. «مفيش خطر لأننا عاجزون» هكذا قال. ثم اتهم القائد الهمام إيران بأنها تهدد، وأنها خطر والإخوان يهددون ويقولون: «إننا زاحفون وقادمون وسوف تخرجون أنتم وحكامكم». «وهم ينشرون وسائل الترويع والترهيب»، ثم يقول: «وإذا كانت مقبرة للإخوان ستكون فى أرض الخليج وكحد أقصى 5 سنوات سيقضى على شىء اسمه الإخوان عربياً، ويظلون كتاكيت، ولن ينجحوا فى الحكم». ثم يقول عن الإخوان: حملوا لواء العداوة مع دول الخليج، ما دام المرشد يتبنى تنظيماً عالمياً. ويرى خلفان ضرورة إزالة المرشد وإزالة التنظيم العالمى، وتقديم براءة عالمية وأن ليس لهم دخل بالجماعة هنا. ولا بد من تجفيف مصادرهم، ويقولون توبة أن نعبث بأمن الخليج. ويقول عن الإخوان: «يرفعون راية العداء والكراهية لدول الخليج، فستكون نهايتهم فى هذه الصحراء». يذكرنى هذا الموقف بأيام 1990 السوداء، واحتلال صدام حسين للكويت، واختلاط المواقف حتى بين الإسلاميين وغياب الرؤية والشفافية والسير فى طريق واحد لا ثانى له وهو تدمير قدرات الأمة العربية بطريقة ذكية حتى يقبلها العرب من أعدائهم تحت عنوان حمايتهم من خطر صدام حسين. واليوم ترفع نفس الدوائر المهمة فى الأمة العربية خصوصاً، فضلاً عن الخليج كله، خطر إيران والإخوان. ولن يلوم العرب إلا أنفسهم إذا قامت الحرب مرة أخرى فى المنطقة، ولكن بعد فوات الأوان. لا يوجد فى الدنيا كلها من يطفئ المصابيح المضيئة لهم إلا العرب، وكأنهم يحبون العيش فى الظلام. مرة أخرى هذا ضاحى خلفان يتردد فى اعتبار إسرائيل عدواً للأمة، والخطر على الأمة اليوم فى نظره، الذى يعكس وجهة نظر أسياده الذين لا يتكلمون، هو إيران والإخوان. حسب علمى ليست هناك مشكلة بين الإخوان والخليج فهذه مشكلة مفتعلة بعد الربيع العربى. الإخوان فى موضع اتهام من الليبراليين والعلمانيين بأنهم يتلقون تمويلاً ودعماً من الخليج، وكذا السلفيين وبدرجات متفاوتة من المتعاونين والمحبين للخليج وبأنهم من خلال زوايا مختلفة يقفون مع الخليج ضد إيران وطبعاً مع الأمريكان وإسرائيل. وهذا الضغط على الإخوان إن هو إلا حلقة فى هذا الصراع، خصوصاً أن الإخوان تعجلوا الحكم وقدموا السياسة، ولها متطلبات صعبة تخالف بعض أهم الثوابت الإسلامية والعربية. هذا الضغط على إيران والإخوان له سببان؛ أولهما تخويف المنطقة جغرافياً وأهل السنة مذهبياً وفقهياً من إيران والتقدم التقنى والعلمى الإيرانى حتى يعيش الجميع فى تخلف وحاجة دائمة إلى الغرب، والقضاء على الجماعات الإسلامية والوطنية المقاومة التى كانت تجد دعماً لدى إيران أو الإخوان، من أى نوع وبأى حجم مثل حزب الله فى لبنان وحماس فى فلسطين. وإسرائيل لن تنسى حربها التى هُزمت فيها فى لبنان فى يوليو 2006، ولا فى غزة 2009. هذه المقاومة يجب أن تتوقف والضغط الذى نراه من ضاحى وأمثاله أحد تلك السبل. أما السبب الثانى، فهو إرهاب الإخوان المسلمين وهم فى السلطة اليوم فى بلدان الربيع العربى وبأحجام مختلفة، وإرهاب البلاد العربية والإسلامية بأكملها حتى لا يفكروا يوماً ما فى التنمية الصحيحة فى بلادهم، ولا دعم المقاومة العربية ولا مشروع الوحدة العربية أو الإسلامية ولا أستاذية العالم، وضرورة الصلح والتطبيع مع إسرائيل وقبولهم بالأمر الواقع. وقد يكون خطاب الرئيس مرسى إلى بيريز حلقة من هذه الحلقات دون أن يدرى، وقد يكون الإعجاب بالنموذج التركى الناجح اقتصادياً أيضاً فى الاعتبار، خصوصاً فى ضوء القواعد الأمريكية العسكرية فى تركيا والعلاقات الاستراتيجية مع إسرائيل. وبكل تأكيد فإن القضية السورية والصراع فى سوريا مهما كانت نتيجته، إن هو إلا حلقة من حلقات هذا المخطط، وبكل تأكيد فإن إيقاع المقاومة فى مشكلات داخلية وخارجية، وتشويه صورتها الجميلة هو جزء من هذا المخطط. سيتكرر المخطط المدمر للأمة حديثاً كما حدث فى التسعينات واستكمل فى سنة 2003، باغتيال العراق واحتلال بغداد، وليس فقط القضاء على صدام حسين. هل يدرك خلفان الهمام ومن وراء خلفان ذلك الأمر؟ لا أظن ذلك. والله الموفق