"خطوة كبرى في مسيرتنا نحو المساواة، لقد أصبح الآن من حق مثليي الجنس، الزواج كأي شخص آخر .. الحُب ينتصر"، كلمات غرد بها الرئيس الأمريكي عبر "تويتر"، عقب إصدار المحكمة العليا في الولاياتالمتحدة، بمنح الحق للمثليين جنسياً بالزواج في كافة الولايات، والذي يُعد حكما تاريخيا، استوقف العالم بجميع أطيافه عنده، وانقسم بين مؤيد ومعارض، ويبقى السؤال، هل هذا القرار انتصار للحب، أم انتصار للشهوات، هل هو انتصار للحب، أم انتصار لمذلات الفُجر والإلحاد؟! ومن هذا المنطلق، ودت أن أنوه أن الخروج عن الدين، والفطرة السليمة، لا يجوز أن تكون موضع جدل بين البشر، وكذلك هدم الأخلاق وانسلاخها من المعاني الإنسانية، لا يحق أن يكون لها مؤيد، فهذه القضية جاء حكم الشرع بها معلوم ومعروف، ولذلك فإن رأي العالم أجمع بهذا الشأن، بمختلف دياناته وأنظمته، وعاداته وتقاليده، وثقافاته وفئاته ، لا يُسمن ولا يغني من جوع، فلا رأي يعلو صوت الشرع. ولكن، "لماذا حرم الله سبحانه، وتعالى مثل هذه العلاقات الشاذة؟!"، سؤال قد يتبادر في أذهاننا حين نتدبر في هذه القضية بالطبع، فحكم الشرع جاء بالتحريم لأن هذا يعد انحرافا عن الفطرة التي خلق الله الناس عليها، فقد خلق الله عز وجل الإنسان من ذكر وأنثى، وجعل لكل مهمته، وجهزه بما يناسب أداء مهمته، فجعل الرجل مسؤولا عن الإخصاب، وجعل المرأة هي الأرض الخصبة الصالحة لنمو نبتة الله في الأرض وهي الإنسان. إن تأييد الغرب، لمثل هذه العلاقات المشبوه، قد يكون مقبولاً بعض الشئ، إذا نظرنا إلى ثقافاتهم وعاداتهم وتقاليدهم، بل وأرى أن مبرراتهم مُجازة، مقارنة بمجتمعاتنا الشرقية، التي ودت أن تُجامل دون وعي، أو استنادا للشريعة الإسلامية، وعلى سبيل المثال، جاء تصرف الفنان خالد أبو النجا، إزاء هذه القضية، خير دليل، حين قام مؤخراً بنشر صورة له على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، تحمل شعار ألوان "قوس قزح"، الذي اتخذه المثليين رمزا لهم، ورُغم أنني من جمهور أبو النجا، وأعجب بأداءه الفني، وأراءه السياسية التي يواجه بها النظام، إلا أنه أخفق هذه المرة، حين اندفع وأيد هذه الجماعة دون أن يستند للشرع، ويبحث عن أسباب تحريمه لهذه العلاقات الشاذة، التي يبدوا أن الفنان الثائر، ليس على اطلاع بها بالقدر الكافي - هذه العلاقات التي تعرض حتمياً ممارسيها لما لا حد له من الأمراض الخطرة، التي حذر منها الطب الحديث -. ففي الإسلام، جاء نص الدين، في القرآن الكريم، واضحاً، بسورة الشعراء، ومحرماً لهذه الممارسات، حين قال الله تعالى: " كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ ﴿160﴾ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ ﴿161﴾ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ﴿162﴾فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ﴿163﴾ وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿164﴾ أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ ﴿165﴾ وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ ﴿166﴾"، وتفسيرها: "بأن قوم لوط كذبت برسالته، فكانوا بهذا مكذبين لسائر رسل الله؛ لأن ما جاؤوا به من التوحيد وأصول الشرائع واحد، إذ قال لهم أخوهم لوط: ألا تخشون عذاب الله؟ إني رسول من ربكم، أمين على تبليغ رسالته إليكم، فاحذروا عقاب الله على تكذيبكم رسوله، واتبعوني فيما دعوتكم إليه، وما أسألكم على دعوتي لهدايتكم أيَّ أجر، ما أجري إلا على رب العالمين، وقال لهم لوط، أتنكحون الذكور مِن بني آدم، وتتركون ما خلق الله لاستمتاعكم وتناسلكم مِن أزواجكم؟ بل أنتم قوم - بهذه المعصية- متجاوزون ما أباحه الله لكم من الحلال إلى الحرام. وليس الإسلام فقط، هو الذي حَرم مثل هذه العلاقات، فجاءت المسيحية، أيضا في آياتها، ونصوصها، رافضة لتلك الممارسات، بآيات من الإنجيل جاء بها الآتي: " ولا تُضاجِعْ ذَكَرًا مُضاجَعَةَ امرأةٍ. إنَّهُ رِجسٌ (لا 18: 22)"، وأيضا في آية آخرى جاء فيها: "وإذا اضطَجَعَ رَجُلٌ مع ذَكَرٍ اضطِجاعَ امرأةٍ، فقد فعَلا كِلاهُما رِجسًا. إنَّهُما يُقتَلانِ. دَمُهُما علَيهِما ( لا 20: 31)"، ومن جانبه علق الأنبا رافائيل، أسقف عام كنائس وسط القاهرة، وسكرتير المجمع المقدس للكنسية القبطية الأرثوذكسية، على منح الولاياتالمتحدة الحق للمثليين بالزواج، قائلاً: "إن خطية الشذوذ الجنسي خطية بشعة لا يوافق عليها الكتاب المقدس، وغير موجودة في كل الكائنات الحية إلا في بعض المنحرفين نفسيًّا أو جنسيًّا من البشر فقط". وفي هذا الصدد، برزت هذه القضية للآسف الشديد، بمجتمعاتنا العربية أو الشرقية، كارثة حقيقة، وأضاءت عيباً متشبثاً بعقولنا وأفكارنا التي تُتهم دوماً بالرجعية والتخلف، وقد أثبتت بعض الاراء إزاء هذه القضية، التهم علينا، وإن كان بشكل محدود، كي لا أبالغ، ألا وهي المزج الصريح، وخلط الأوراق، بين مفهوم تأييد الحُرية، وبين تأييد العُهر والفجور، وبين إبداء الرأي المدروس، والاندفاع بالقول بهدف لفت الأنظار وتسليط الأضواء، وكما ذكرت لكم في البداية، أن مثل هذا الأمر أي التصريح بزواج المثليين، لا يحتاج منا جدل أو تأييد، أو رافض أو معارض، لأن نصوص الأديان جاءت مُكتمة أفواهنا، كي لا نُجادل في أمرِ، لا يُثمر سوى أمراض، وانحرافات، ووقف النسل، والخروج عن الطبيعة والمألوف. خلاصة القول: "اُتهمت عقولنا بالرجعية .. وحاربنا من أجل إثبات العكس، واُتهمنا بالتخلف.. ودافعنا عن أنفسنا بكل السبل، رجاء: قبل أن نحارب وندافع عن أنفسنا، علينا أن ننظر بعين الاعتبار إلى ممثلي مصر في الخارج، حين "يبعبعون" بأراء "رجعية، ومتخلفة"، دون أن يستندوا إلى شرع أو احترام لثقافات مجتمعاتهم.. فإما أن نُشجعهم كالجهلة، وإما أن نُكَمم أفواهنا احتراماً لدياناتنا !"