قطعة أرض كبيرة في العاصمة، يتوسطها ميدان شهد على مدار 20 عامًا الكثير من التطورات، بداية من تسميته ب"رابعة العدوية"، تكريمًا لرمز ديني أثر في المصريين، الذين أحبوها كثيرا، مرورًا بميدان لمعترك سياسي اتخذته جماعة تريد فرض نفسها بحجم مؤيديها، لينتهي اليوم بالقضاء على أي جدل سياسي وإعلاء قيمة الوطنية، وتغير اسمه ل"الشهيد هشام بركات". ظل الميدان "صحراء قاحلة" حتى أواخر السبعينيات، حين جاءت بعض العائلات واستوطنت فيها، وبنت العديد من العقارات والمرافق، كما أنه لا يزال الطابع العسكري مميزا للمنطقة، ممثلا في قربها من معسكرات تدريب القوات المسلحة، والمبنى الرئيسي لوزارة الدفاع المصرية، كما أنه غير بعيد عن نصب الجندي المجهول، الذي بني تخليدا لأرواح الجنود المصريين، الذين قضوا في حرب أكتوبر 1973. سُمي الميدان على اسم المسجد الذي يطل عليه، والمعروف ب"مسجد رابعة العدوية"، في بداية التسعينيات من القرن الماضي، لكثرة المصريين المحبين للسيدة رابعة العدوية، لطهارتها وعفتها ومكانتها الدينية العالية، التي ارتقت بسبب قوة إيمانها وحبها الخالص لوجه الله وابتغاء مرضاته، وأيضا لرفضها الزواج وملذات الدنيا، عندما وهبت نفسها تشبها بالسيدة مريم، حتى اعتبرها البعض من مكانة آل البيت والصحابة. لكن جماعة "الإخوان" كان لها رأي آخر، حين اختارته وحلفاؤها، منذ بداية حكم الرئيس المعزول محمد مرسي، منطلقا لمسيراتها الموازية لتلك التي كانت تنطلق من ميدان التحرير، وفي 28 يونيو 2013، أعلن "تحالف دعم الشرعية"، دخوله في اعتصام مفتوح في ميدان رابعة العدوية، من أجل الدفاع عن شرعية نظام مرسي، ضد الدعوات التي انطلقت وقتها للنزول يوم 30 يونيو لإسقاط النظام. انتقل ميدان رابعة العدوية، من ساحة لا تختلف عن غيرها من ساحات القاهرة، إلى مركز ومقر لأنصار نظام الرئيس المعزول مرسي، حتى يوم 14 أغسطس، بعد اشتراك القوات المسلحة والشرطة، في فض ميدان رابعة من جميع المعتصمين، وكل المخالفات الأمنية الجرائمية، التي ارتكبت في هذا الميدان، إلا أن الجماعة وأنصارها، يشيرون ب4 أصابع، لإعلان هويتهم السياسية، المنتمية لنظام قرر الشعب المصري إنهاء حكمه في 30 يونيو. وبعد تعرض المستشار هشام بركات النائب العام السابق، لعملية اغتيال أودت بحياته، إثر تفجير سيارة مفخخة بموكبه، صباح أمس، طالب نادي القضاة، الرئيس عبدالفتاح السيسي بإطلاق اسم "الشهيد هشام بركات" على ميدان "رابعة العدوية"، ليظل المستشار الشهيد، رمزًا خالدًا لمصر الجديدة، ووافق الرئيس على الطلب بداية من اليوم.