الهدوء يخيم على المنزل بكامله، يجلس خلف مكتبه، أو على سريره، أو حتى متكئًا على الحائط، يُمسك الكتاب في يديه ليصُم ما به صمًا، استعدادا للملحمة التي ستُنفذ خلال أيام، والإجابة: "عندنا ثانوية عامة"، فمع اقتراب موسم الامتحانات يرفع حالة التوتر بشكل عام، لكن امتحانات الثانوية العامة، ترتفع مؤشر التوتر إلى اللون الأحمر، فتُضرب الأسرة عن كل ملاذ الحياة، طمعًا في أن يحقق طالبها الآمال المرجوة فيه. لم توفر التكنولوجيا الحديثة الرفاهية فقط، بل حافظت عليها، فوسائل الغش الحديثة تغنيك عن كل هذا العناء الذي سبق، ما يجعلك تستمتع بوقتك حتى اللحظات الأخيرة قبل دخول لجنة الامتحان، حتى إنها قضت على فكرة "البرشام"، أو سؤال صديقك عن النقطة "أ" في السؤال الثاني، أو الاضطرار إلى نزولك "الحمام" للبحث في الملازم التي سبق وخبأتها في مكانٍ ما. مواقع "السوشيال ميديا" مثل "فيس بوك"، وفرت مركزًا ممتازًا للترويج لأدوات الغش هذه، حتى بيعها أصبح علنًا و"على عينك يا تاجر" على صفحاته، وعلى سبيل المثال صفحة دُشنت على موقع التواصل الاجتماعي السابق ذكره، باسم "أصغر سماعات بلوتوث غير مرئية داخل الأذن للغش في الامتحانات"، للترويج لأحد أنواع سماعات "البلوتوث" فائقة الصغر، لمساعدة الطلبة على الغش. وتعمل هذه السماعة عن طريق وضعها داخل الأذن، ووضع شريحة داخل جهاز الاستقبال "فيزا كارد - قلم - نظارة طبية - ساعة يد - سلسلة جلدية"، وبمجرد الاتصال برقم الشريحة يُفتح الخط تلقائيًا، ويبدأ الإرسال والاستقبال، وبحسب الصفحة، فإن الجهاز المتصل بالسماعة يحتوي على ميكروفون حساس جدًا، يُمكن الطالب من التحدث مع مُلقنه بسهولة، وسعر هذه السماعة يتراوح بين 1600 إلى 2000 جنيه، وبإمكان الطالب شرائها عبر رقم الهاتف الموجود على الصفحة. "إسلام" طالب بالثانوية العامة، اشترى سماعة من الصفحة، يقول ل"الوطن": "اتصلت بيهم عشان اشتري واحدة.. بعد يوم جالي مندوب من الشركة ومعاه السماعة في علبة صغيرة", وتابع: "طلبت أني افتحها عشان اتأكد أنها شغالة، المندوب قالي أنا ماليش دعوة.. مش هتاخدها غير لما تديني ال2000 جنيه، إن شالله حتى تلاقي فيها تُراب". استسلم "إسلام" للمندوب، ودفع ثمن السماعة، وعاد إلى منزله، ليتفاجأ بأن السماعة تالفة تمامًا، ويضيف: "اتصلت بالرقم اللي اشتريت منه عشان يحللي مشكلتي، مرة يطلب مني فلوس زيادة، ومرة يقفل موبايله، ومرة يكنسل عليا، وبقى يتهرب مني باستمرار، ولما دخلت الصفحة عشان أفضحه، بيمسح كلامي أول بأول". وحاولت "الوطن" التواصل مع صاحب الصفحة، إلا إنه لم يضف أي معلومات عن التي كُتبت في وصف السماعات.