بعد تصاعد الأحداث -وفى مرحلة التفاوض مع الحسين- طلب بعض أتباع اليزيد من الحسين مبايعة الخليفة الجديد حقناً للدماء قائلين له (فى أشهر مقاطع المسرحية) نحن لا نطلب إلا كلمة فلتقل «بايعت» واذهب بسلام لجموع الفقراء فلتقلها واذهب يا ابن رسول الله حقناً للدماء فلتقلها ما أيسرها إن هى إلا كلمة! الحسين: كبرت كلمة وهل البيعة إلا كلمة وما دين المرء سوى كلمة وما شرف الله سوى كلمة أتعرف ما معنى الكلمة؟ مفتاح الجنة فى كلمة دخول النار على كلمة وقضاء الله هو كلمة الكلمة لو تعرف حرمة زاد مزخور الكلمة نور.. وبعض الكلمات قبور وفى أحد أشهر منولوجات المسرحية -التى وصفها توفيق الحكيم بأنها أعظم ما كتب للمسرح المصرى- يقف الحسين رضى الله عنه (وحيداً على المسرح) يناجى جده صلى الله عليه وسلم بشكل يعبر فيه عن مأساته التى فرضها القدر عليه.. بأبى أنت وأمى يا رسول الله إذ أبعد عنك وأنا قرة عينك إننى أرحل عن أزكى بلاد الله عندى خارجاً بالرغم منى غير أنى.. أنا لا أعرف ما أصنع فى أمرى هذا فأعنى أنا إن بايعت للفاجر كى تسلم رأسى أو ليسلم غيرى لكفرت ولخالفتك فيما جئت للناس به من عند ربك ويعود الحسين فى مشهد بديع آخر يعبر فيه عن الصراع الذى يعيشه: ربى إلى من توكل العبد الضعيف؟ أنا ذاك أدعوك مثل جدى حين طارده رجال من ثقيف قد أتاهم بالهداية إن لم يكن بك ربّ من غضبٍ علىّ فما أبالى! إنى فزعت إليك من دنيا يزيد وهرعت نحو رحابك القدسى بالخير الطريد وبكل أحلام السلام وكل آمال العدالة أنا ذا لجأت إليك يا ذا الحول والجبروت يا رب الجلالة ... أفض عليه بحكمتك فأرى الصواب من الجنون فلا أضل ولا أضل أنا ذا أذوب وأضمحل وليس بالمعشوق بخل إنى أعيذك أيها المعشوق عن كل الصفات فأنت موصوف بذاتك أنا لست أطمع فى العبارة فالعبارة قد خصصت بها الكليم إنى لأضرع طالباً منك الإشارة فالإشارة رائد فوق الطريق المستقيم إن كان ما بى رغبة فى أن أكون أنا أمير المؤمنين إن كنت مفتوناً بأعراض الحياة ولا أحس إن كان ما بى شهوة للملك ولا تبين قد خالطت كوساوس الشيطان عقلى فالتبس ومضت تخادعنى لتبرير الخطيئة مثل آدم فأظن أن تطلبى الدنيا دفاعاً عن حقوق المسلمين وأخال أن تطلعاتى ثورة ضد المظالم إن كان بى هذا الفتون إن كان بى زهو خفى لابس زهد التقى فاسكب على قلبى شعاعاً من جلال حقيقتك لأرى اليقين لأرى الحقيقة والخديعة فى الذى هو كائن حولى وفيما قد يكون. وفى مشهد آخر يوضح «الحسين» أنه ما خرج للحرب طلباً للملك وإنما دفاعاً عن الحق قسماً باللهِ ما أُنشِد فتنةْ