لا يختلف إثنان علي أن القوى البشرية هي أهم عنصر ومورد من موارد الدولة في عملية البناء والتنمية وهي الوقود اللازم لدفع عجلة الإقتصاد إلي الأمام وأنها المكون الرئيسي للدول الاقتصادية الناجحة، ومن هنا تأتي أهمية تدريبها وتنميتها بالمهارات اللازمة. إن تحقيق التنمية البشرية التي تؤدي إلى خلق كوادر قادرة على بناء منظومات ومؤسسات قوية وتحقق ميزة تنافسية تمكنها من تبوء مراكز متقدمة مطلب أساسي من مطالب هذه المرحلة، وذلك لأن رأس المال والموارد الطبيعية رغم أهميتهما بدون العنصر البشري الكفء والمعد إعداداً جيداً لن يكون لها قيمة. إن الموارد البشرية هي لبنة أساسية لتحقيق التنمية الشاملة ، فالدولة التي تعجز عن تنمية وتطوير مواردها البشرية لا يمكنها أن تحقق أهدافها حتي ولو كان لديها من الموارد الطبيعية الكثير. ولقد اعتمدت الدول المتقدمة في نهضتها على ما تمتلكه من ثروات بشرية وركزت كل استثماراتها في تنمية هذه الثروات وتدريبها وتوفير الوسائل المطلوبة والتطبيق العملي المتقدم وهدفت من وراء ذلك إلى رفع الكفاءة الإنتاجية ، وقد حققت هدفها، ولنا في التجربة ألألمانية والتجربة اليابانية خير مثال ، فقد خرجت ألمانيا من الحرب العالمية الثانية خاسرة ولكنها اعتمدت علي عقول مواردها البشرية واستثمرت فيها حتى أصبحت من أوائل الدول المتقدمة، أما اليابان فخرجت من أثار القنبلة النووية إضافة إلي ندرة شديدة في الموارد الطبيعية وبالتركيز علي الإستثمار في المورد الوحيد والرئيسي لديها في هذا الوقت ألا وهو المورد البشري فقد استطاعت في وقت قصير أن تكون في مصاف الدول الثماني المتقدمة . إن الحفاظ على ثروتنا البشرية والعمل على تنميتها عن طريق التأهيل والتدريب المستمر من خلال برامج تدريبية مستديمة تمكنها من التكيف مع المتغيرات الموجودة والتحديات المتوقعة في المستقبل. وأيضا لا بد أن نعمل على توسيع مدارك الفرد وتطوير مهاراته وتوفير فرص الإبداع وزرع التفكير الإيجابي والأبداعي في أفراد المجتمع. ولابد أن لا تقتصر خطتنا علي ذلك فحسب ولكن تهتم بالتدريب الحرفي والمهني لشرائح مختلفة وأيضا تدريب وتطوير المهارات الأساسية في مجالات شتى. وبدون شك فإن التنمية البشرية بدون تنمية إدارية تصبح بلا قيمة وتعتبر إهدارا لثروة عظيمة، فلابد من الاهتمام بملف تنمية المهارات الإدارية وذلك من منطلق الأيمان بأن تطبيق أساليب الإدارة الحديثة يضمن توظيف إمكانيات القوى البشرية بشكل ملائم يعظم من إنتاجياتها ويساهم بشكل مباشر في عملية البناء والتنمية. كما أن اصلاح المنظومة الادارية يعتبر من الأمور الملحة التي تضمن خلو المؤسسات من الفساد الإداري وتكوين هياكل تنظيمية وإدارية علي أعلى مستوي بدءا من حسن الإختيار علي معايير ثابتة مرورا بتدريب الكوادر والمستويات الإدارية المختلفة ونهاية بتقييم الأداء تقييما عادلا بعيدا عن المحاباة والمحسوبيات. إن ثروة مصر الحقيقية تكمن أساسا في ثروتها البشرية التي لايملكها أحد في المنطقة وفي قدرات شعبها المهارية ، مما يدفعنا إلي وضع مسألة تنمية الموارد البشرية في مقدمة أولوياتنا أثناء التخطيط لأي شيء. ولذلك فإن الاستثمار الحقيقي لابد وأن يشمل الاستثمار في العقول والبشر. ومن هنا اوصي الحكومة وقيادات الدولة التنفيذية والقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني بإعطاء الأولوية لتنمية الموارد البشرية والتنمية الإدارية ولنبدأ حقبة جديدة حقيقية ومستمرة لخلق جيل من الشباب ذو مهارات حرفية متعددة قادر علي دفع عجلة الإنتاج في مختلف المجالات وأيضا ذو قدرة علي القيادة والإدارة الحديثة ليسبق الزمن ويمضي بمصرنا الجديدة إلي ربوع الإزدهار للأجيال القادمة.