سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
العربي:حكمت على نفسى أني "لا أستحق الحياة" بعدما رأيت التقدم باليابان رئيس «العربي»: كنا نستورد 50 ألف مروحة سنوياً من اليابان.. وطرحت على «توشيبا» إنشاء مصنع فوافقت
تواصل «الوطن» بنشر مذكرات رجل الصناعة الأول في مصر، رئيس مجلس إدارة مجموعة شركات ومصانع «العربي»، الذي ولد في يوم 15 أبريل 1932، في قرية مصرية صغيرة تسمى «أبورقبة»، والتي تبعد 7 كيلومترات عن مركز أشمون بمحافظة المنوفية، والذي انتقل إلى العيش في القاهرة، ولم يكن يتجاوز عمره 10 سنوات. وقال «العربي»، في مذكراته: قبل أن نحصل على توكيل «توشيبا»، كنا نعمل فى العديد من الماركات، ولكننا بطبيعة الحال كنا نهتم ببضاعة وسلع «توشيبا» أكثر من غيرها، خاصة بعد أن وضعونا في اختبار لمدة سنة، ليقرروا بعدها ويفصلوا في أمر التوكيل. أثناء سنة الاختبار تلك، سافر أخي «عبدالجيد» رحمه الله إلى اليابان والصين وتايوان وكوريا للتعاقد على شراء أجهزة كهربائية وأدوات كتابية ولعب أطفال، هناك زار «عبدالجيد» مصانع سانيو، وناشيونال، ومصانع أخرى عديدة، وزار أيضاً توشيبا، وقد قابله كبار مسئولى توشيبا بترحيب كبير، ونظموا له جولة واسعة فى مصانعها ومبانيها. وعاد إلينا «عبدالجيد» بنفس الانطباع، وهو أن توشيبا هي الأفضل، وأننا قد أصبنا التوفيق حين ركزنا على العمل معهم، وحددنا هدفنا في الحصول على توكيلها. إنني لا أنكر أننا استفدنا كثيراً من «توشيبا»، صحيح أننا قبل العمل معهم كنا قد أتقنا العمل التجارى باحترافية، وفهمنا أسرار السوق المصرية من أسوان إلى الإسكندرية، وتعلمنا كيف نكسب مزيداً من ثقة التجار والموزعين والمستهلكين، ولكن زياراتنا المتكررة لتوشيبا في اليابان أكسبتنا خبرات أخرى، أهمها -بالإضافة لخبرات التصنيع- خبرة خدمات ما بعد البيع، وكيف تكون من أهم أسباب ثقة العملاء في منتجاتنا. بعد أن تأكد اليابانيون فى شركة «توشيبا» أن «العربى» هو من يبحثون عنه، ليكون وكيلاً دائماً لهم فى مصر، وكعادتهم مع وكلائهم وموزعيهم الناجحين فى دول العالم، قرروا دعوتى -كرئيس مجلس إدارة «العربي»- لزيارة اليابان فى نهاية عام 1975. كنت منبهراً طوال مدة الزيارة بما يقومون به من صناعات عالية الجودة، يقطر من كل جزء منها دلائل الابتكار والإبداع. نعم، كانت لدينا خبرات تصنيعية سابقة، ولكنها كانت متواضعة للغاية بالمقارنة بما أراه الآن، أين هي من هذه العملية العملاقة؟ نعم، بعد أن زرت مصانع «توشيبا»، ورأيت هناك ما رأيت من الإمكانات والتقنيات المتقدمة للغاية، ومن أعداد هائلة من العاملين تعمل فى ثقة وجدية والتزام، حكمت على نفسى بعدها أنني لا أستحق الحياة، ولا الطعام الذي آكله!، ولا نستحق -في شركة «العربي»- المكانة التى رفعنا إليها كل من يتعاملون معنا كتجار، إن لم نصنع بنفس هذه الطريقة.. لماذا لا نبني مصنعاً كبيراً فى مصر، لماذا لا نكون مصنعين فى بلدنا، فيكون أغلب الخير لنا ولأهلنا.. لأهل مصر كلها؟.. إننا بالتصنيع سنقلل الأموال التى تخرج من مصر، ونزيد من تلك التى ستدخل إلينا ببيع تلك الأجهزة فى الداخل والخارج. كان قرارى حاسماً: لا بد أن نصنع!.. لا بد أن ينطلق اسم «العربي» إلى عالم الصناعة. إننا ككيان لن نعيش ولن نكبر إلا إذا انبثقت من تحت كيان «العربي» مصانع عديدة، وشركات تقوم على تسويق وبيع منتجات تلك المصانع. بدأت طرح السؤال على توشيبا، لعلهم يوافقون على إقامة مصنع للمراوح، ولكنهم اعترضوا.. فكنا نستورد من «توشيبا» في تلك الأثناء 50 ألف مروحة سنوياً وكنا نبيعها كلها. عام 1976 قرر مجلس إدارة «توشيبا» الموافقة على إقامة المصنع، ويكون تصنيع 40% من المنتج في مصر لمدة سنتين، وفى السنتين التاليتين تصل نسبة التصنيع المحلى إلى 75%، وبعد السنتين تصل إلى 95%.. ثم السنة السابعة تكون نسبة التصنيع المحلى 100%. قضينا تلك السنوات (من 1976 حتى 1979) فى سعى مستمر للحصول على اشتراطات التصنيع من الجهات الحكومية المصرية، التي كانت معقدة للغاية، ثم بدأنا في تأسيس المصنع بشكل محترف بمساعدة خبراء توشيبا بدءاً من عام 97، وعلى مدار ثلاث سنوات كان كل شىء قد تم إعداده وتجهيزه وتنفيذه بعناية ودقة فائقة، والفضل كله لله العلي العظيم.