تنفرد "الوطن" بنشر مذكرات رجل الأعمال المصري، محمود العربي، رئيس مجلس إدارة مجموعة شركات ومصانع «العربي»، الذي ولد بقرية «أبورقبة»، بمركز أشمون بمحافظة المنوفية. وقال العربي في مذكراته: كان افتتاح أول محل باسم «العربى»، فى يوم الأربعاء 15 أبريل 1964 «نفس يوم ميلادي»، قبل عيد الأضحى بعدة أيام، يومها جاءنا حوالى 200 «بوكيه» ورد كهدايا. إننى على يقين من فكرة أن الأعمال الكبيرة إنما هى وليدة الإصرار على تنفيذ حلم كبير، تبدأ بفكرة بارقة محددة، تستقر فى العقل لفترة حتى يضيق بها، وتبدأ النفس الإنسانية حين تكون ذات همة وطموح وتمتلك رصيداً من الأخلاق والقيم الراسخة، فى السعى الدؤوب لتحقيق حلمها. بالنسبة لمراحل التصنيع فى البداية سيطرت علىَّ لسنوات طويلة الفكرة، حيث لم أستطع أن أكتفى بالتجارة فقط، نعم، كانت الحركة التجارية جيدة جداً فى بيع الأدوات المكتبية والخردوات ولله الحمد، ولكنى لم أتخلص من فكرة بيع منتجات من صنعنا، ولكنها ظلت لفترة مجرد أمل لا ندرى كيف نحققه، وحين واتتنا الفرصة ووافقت الأقدار ما نحلم وما نطمح إليه، لم نتردد ولم نتأخر. بدأنا بخطوات قصيرة، لكنها كانت جادة وناجحة. فى عام 1966، وبسبب حظر الاستيراد تماماً، بدأنا فى تصنيع ألوان الشمع «ألوان الزيت الجاف»، حيث كانت مبيعاتها رائجة لطلبة المدارس والأطفال فى مرحلة رياض الأطفال، فى جميع أنحاء الجمهورية. وأؤكد هنا أن مبدأنا فى الصناعة لم يتغير منذ تلك الأيام، أن نصنع ما نعرف كيف نبيعه، نبدأ بتجارة السلعة أولاً، فإذا نجحنا نبدأ فى السعى لتصنيعها. حين بدأ عصر الرئيس السادات مع نهاية 1970، اتجهت فيه كل موارد الدولة لصالح التجهيز للحرب مع إسرائيل، وتوقفت مصادر تجارة الكشاكيل والكراريس، ولم تكن تجارة الأدوات المكتبية الأخرى تكفى لتغطية التزاماتنا الكثيرة، وقد بدأت طائفة من التجار يدخلون أجهزة كهربائية إلى مصر عن طريق ليبيا والكويت والسعودية، وكانت أجهزة التليفزيون والراديو كاسيت فى مقدمة تلك السلع، وكانت أغلبها أجهزة ماركات «ناشيونال باناسونيك» و«سانيو» و«سونى» و«أيوا» و«توشيبا». ولقد وصل ذكاء اليابانيين لما وجدوا السوق المصرية غارقة بالأجهزة الكهربائية اليابانية، أن بدأوا فى تنفيذ حملات إعلانية فى السوق المصرية، برغم حظر الاستيراد فى مصر فى ذلك الوقت، ودخول الأجهزة لم يكن عن طريق اليابانيين أنفسهم، ولكن المسوق اليابانى الذكى ما يهمه -فى النهاية- هو بيع منتجه، والحصول على ثقة المستهلك المصرى، لقد رأيت فى ذلك المسلك -وقتها- قمة فى الذكاء التسويقى والترويجى، وكان ذلك فى أعوام 1971، 1972، 1973.