- ذكرنا فى المقال السابق الجزء الأول من إعلان برلمان الأديان عن المقاييس العالمية للأخلاق، ونواصل فى هذا المقال عرض بنود هذا البيان وذلك على النحو التالى: - ثانياً: مطلب أساسى: يجب أن يعامل كل إنسان معاملة إنسانية، نحن جميعاً أناس ناقصون، غير معصومين من الخطأ، لنا حُدُودُنا ومثالِبُنا. إننا نعلم حقيقة الشر. - إننا نعى هنا: أن تقاليدنا الدينية والأخلاقية المختلفة تبين بالدليل، بطريقة كثيراً ما تكون متباينة، ما ينفع الإنسان أو يضره، ما هو صواب أو خطأ، ما هو خير أو شر. إننا لا نريد طمس الخلافات الجذرية بين الأديان أو تجاهلها، لكنها لا ينبغى أن تحول بيننا وبين الإعلان جهاراً عما هو مشترك الآن بالفعل بيننا، وعما نشعر بالالتزام به، بناء على ما هو مشترك الآن بالفعل مما لدى كل منا من أسس دينية أو أخلاقية. - إننا نعى أن الأديان لا تستطيع حل مشاكل هذه الأرض البيئية، والاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية، لكنها تستطيع الوصول إلى ما لا يمكن الوصول إليه فيما يبدو من خلال الخطط الاقتصادية، والبرامج السياسية، أو التنظيمات القانونية وحدها: وهو تغيير الموقف الداخلى للإنسان، والعقلية برمتها، أى قلب الإنسان، وحمله على عودةٍ من طريق خاطئ إلى موقف جديد من الحياة. - إن الإنسانية بحاجة لا محالة إلى الإصلاحات الاجتماعية والبيئية، لكن حاجتها إلى التجديد الروحانى لا تقل عن ذلك.. إن القوى الروحانية للأديان بالذات هى التى يمكن أن توفر للناس فى حياتهم ثقة أساسية، وأُفقاً لمعنى الحياة، ووطناً روحانياً. لكن الأديان لا تستطيع إنجاز ذلك بمصداقية، إلا إذا تغلبت هى نفسها على تلك الصراعات التى هى نفسها مصدرها، وإلا إذا قلل كل منها غطرسته، وسوء ظنه، وأحكامه المسبقة، بل مشاعره العدائية تجاه الآخر، ومقدساتهم، وصيامهم، وشعائرهم. - نظراً إلى جميع أشكال اللاإنسانية تطالب معتقداتنا الدينية والأخلاقية ب: ضرورة معاملة كل إنسان معاملة إنسانية، وهذا يعنى: أن كل إنسان يمتلك كرامة مقدسة لا يملك بيعها أو التفريط فيها، بصرف النظر عن عمره، أو جنسه، أو عرقه، أو لون بشرته، أو قدرته الجسدية أو الفكرية، أو لغته، أو دينه، أو رؤيته السياسية، أو أصله القومى أو الاجتماعى. يلتزم لذلك الجميع أفراداً ودولاً باحترام هذه الكرامة، وضمان الحماية الفعالة لها. أيضاً فى الاقتصاد، والسياسة، والإعلام، وفى المعاهد البحثية، والمؤسسات الصناعية، ينبغى أن يكون الإنسان دائماً شخصاً قانونياً، وهدفاً، وليس أبداً مجرد وسيلة، وليس أبداً سلعة للمتاجرة والتصنيع. - لا أحد يقف فيما وراء الخير والشر: لا الإنسان ولا طبقة اجتماعية، ولا جماعة مصالح قوية النفوذ، ولا تحالف قوى، ولا جهاز شرطة، ولا جيش، ولا دولة. بالعكس: يلتزم كل إنسان، باعتباره كائناً مزوداً بعقلٍ وضميرٍ، أن يتصرف بطريقة إنسانية، وألا يتصرف بطريقة غير إنسانية، وأن يفعل الخير، ويدع الشر. - يوجد مبدأ هو القاعدة الذهبية يمكن العثور عليه فى كثير من تقاليد الإنسانية الدينية والأخلاقية المعروفة منذ آلاف السنين، وقد ثبتت صلاحيته: ما الذى لا تريد أن يفعله الآخرون بك، لا تفعله أنت أيضاً بالآخرين، أو بصيغة إيجابية: ما تريد أن يفعله الآخرون بك، افعله أنت أيضاً بالآخرين. ينبغى أن تكون هذه القاعدة هى المعيار الثابت الحتمى لجميع مجالات الحياة للأسرة، والجماعات، للأجناس، والأمم، والأديان - ينتج عن هذا المبدأ أربعة إرشادات هى: * الالتزام بثقافة خالية من العنف وباحترام الكائنات الحيّة كافة: إننا نعرف من تقاليدنا الإنسانية الدينية والأخلاقية الكبرى القديمة الإرشاد القائل: لا تقتل، أو بصيغة إيجابية: احترم الحياة.. لكل إنسان الحق فى الحياة، والسلامة الجسدية، والتطور الحر لشخصيته، ما دام أنه لا ينتهك حقوق الآخرين. ليس يحق لأى إنسان تعذيب إنسان آخر جسدياً أو نفسياً أو جرحه، ناهيك عن قتله. ليس يحق لأى شعب، أو دولة، أو جنس، أو دين ممارسة التمييز ضد أقلية مختلفة فى النوع أو الدين، وتطهيرها عرقياً ونفيُها، ناهيك عن تصفيتها. سوف أتابع نشر بنود الوثيقة..