- هَانْسَ كُينْجَ (Hans Küng) هو أشهر علماء اللّاهوت السّويسريّين، وهو صاحب نظرية المقاييس العالمية للأخلاق، حيث يقول: إن الحاجة الماسة إلى أساس مشترك للحوار والتعاون بين البشر فى جميع الثقافات والفلسفات والأديان لصالح كوكبنا المشترك: الأرض، تلفت النظر إلى مقاييس أخلاقية أساسية مشتركة، وليس ينبغى البتة اختراع هذه المقاييس فهى موجودة بالفعل، ذلك أن تاريخ الأديان والفلسفات والثقافات يقدم مضمون مثل هذه المقاييس الأخلاقية الإنسانية، وفى عالمنا المعاصر متعدد الثقافات ليس يمكن لدين بمفرده أو فلسفة أو أيديولوجيا منفردة فرض مثل هذه المعايير الأخلاقية على المجتمع برمته، وبرغم ذلك من الممكن اكتشاف بعض القيم والمعايير والمواقف المشتركة الأساسية فى مختلف الأديان والفلسفات وينبغى التوعية بها بجميع الوسائل المتاحة لنا: - للفرد كإرشاد شخصى. - للمجتمع كشرط لتماسكه. - للأمم والجماعات الدينية كأساس للتفاهم والتعايش والتعاون والسلام. * وسوف أعرض على سيادتكم إعلان برلمان الأديان العالمية عن المقاييس العالمية للأخلاق، الصادر فى الرابع من شهر سبتمبر عام 1993، شيكاغو، الولاياتالمتحدةالأمريكية: - أولاً: لا نظام عالمياً جديداً بلا مقاييس عالمية للأخلاق. - نحن، نساءً ورجالاً، من مختلف أديان هذا العالم وبلدانه نتوجه لذلك إلى الناس كافة، متدينين وغير متدينين. نحن نريد التعبير عن قناعتنا المشتركة بما يلى: - نحن جميعاً نتحمل مسئولية إقامة نظام عالمى أفضل. - إن جهودنا المبذولة من أجل الدفاع عن حقوق الإنسان، والحرية، والعدل، والسلام، والمحافظة على الأرض، هى ضرورية لا محالة. - إن تقاليدنا الدينية والثقافية المختلفة جداً لا يجوز أن تمنعنا من أن نكافح معاً كل أشكال اللاإنسانية بفعالية، والسعى لإحلال مزيد من الإنسانية. - إن المبادئ المُعبر عنها فى هذا الإعلان يمكن لجميع الأفراد من أصحاب المبادئ الأخلاقية، سواء أكانت مسوغة دينياً أم لا، المشاركة فى دعمها. - لكن باعتبارنا أشخاصاً متدينين ذوى توجهات روحانية، ونؤسس حياتنا على حقيقة أخيرة نستمد منها قوة روحانية وأملاً، بالتوكل والصلاة أو التأمل الروحى، نطقاً أو صمتاً فنحن لدينا التزامٌ خاص جداً لتحقيق خير الإنسانية جمعاء، والاعتناء بكوكب الأرض، نحن لا نعتبر أنفسنا أفضل من الآخرين، لكننا على ثقة بأن حكمة أدياننا العريقة فى القدم يمكن أن ترشدنا إلى سبل المستقبل أيضاً. - صحيح أن عصرنا شهد تقدماً علمياً وتكنولوجياً أعظم من أى وقت مضى، إلا أننا نواجه برغم ذلك حقيقة أن معدلات الفقر، والجوع، ووفاة الأطفال، والبطالة، والإملاق، وتدمير الطبيعة على مستوى العالم لم تتراجع، بل زادت. تُواجه شعوب كثيرة خطر الدمار الاقتصادى، والتفكك الاجتماعى، والتهميش السياسى، والكوارث البيئية، والانهيار القومى. - فى مثل هذه الأوضاع العالمية المأساوية لا تحتاج الإنسانية إلى برامج سياسية وأفعال فحسب، بل تحتاج أيضاً إلى رؤية تعايش سلمى بين الشعوب، وبين الجماعات الإثنية والأخلاقية، وبين الأديان، بمسئولية مشتركة تجاه كوكبنا الأرض، رؤية مبنية على الآمال والأهداف، والمثل العليا والمعايير. بَيْدَ أن كثيراً من الناس فى جميع أنحاء العالم قد فقدوا كل هذا. برغم ذلك نحن مقتنعون بأن: الأديان بالذات، برغم سوء استخدامها، وبرغم فشلها التاريخى المتكرر، تتحمل مسئولية إمكانية إبقاء مثل هذه الآمال، والأهداف، والمثل العليا والمعايير حية وتسويغها ومعايشتها. - هذا ينطبق بصورة خاصة على كيان الدولة الحديثة: إن ضمانات حرية الأديان، وحرية الضمير، ضرورية لكنها لا يمكن أن تحل محل القيم الرابطة والمبادئ والمقاييس التى تسرى على البشر جميعاً، بصرف النظر عن الأصل الاجتماعى، والجنس، واللون، واللغة، أو الدين. - إننا مقتنعون بالوحدة الجوهرية للأسرة الإنسانية على كوكبنا الأرض. نحن نذكّر لذلك بالإعلان العام لحقوق الإنسان الصادر عن الأممالمتحدة عام 1948م. إن ما ينادى به هذا الإعلان بقوة على مستوى الحقوق نريد تأكيده وتعميقه هنا من وجهة نظر المعايير الأخلاقية: التحقيق الكامل لحرمة الشخص الإنسانى، وللحرية المقدسة (التى لا تباع)، والمساواة المبدئية بين جميع البشر، والتضامن الضرورى، واعتماد البشر كافة بعضهم على بعض. - بناءً على خبرات الحياة الشخصية، وتاريخ كوكبنا «الأرض» المتخم بالمعاناة، تعلمنا أن الحق بلا أخلاق لا يمكن أن يدوم ويستتب مع الوقت، وأنه لذلك لن يوجد نظام عالمى جديد بلا مقاييس عالمية للأخلاق. - سوف أتابع نشر باقى بنود الوثيقة.