أرجوكم يا سادتى، نريد سياسة أمل وحديث أكثر عن الاقتصاد والخدمات والرعاية الاجتماعية. أرجوكم قليلاً من الجدل السياسى ومزيداً من محاولة فهم حقيقة الأوضاع الاقتصادية الخطرة التى تواجهها البلاد. وأرجو ألا يتهمنى البعض بمحاولة ترويع الناس بخطورة الوضع الاقتصادى بهدف تقليص الحريات السياسية! لا وألف لا. هذا التكتيك فى الجدل القائم على مبدأ «الابتزاز السياسى» الذى يعتمد على «إما أنك» أو «إما أنك»! ألا يمكن أن أكون مطالباً بالحريات السياسية لكنى أطالب النخبة أن تنشغل أكثر فى ذات الوطن بالملف المالى والاقتصادى وتحدياته لمصر. مصر الآن لديها مشاكل فى مخزون: السكر والقمح والذرة؛ لأنها فى المستوى الأدنى، ولديها أزمة فى قدرة تلبية الإنتاج المحلى من الطاقة لاحتياجات المواطن والسوق من بنزين وغاز وسولار. نحن الآن أمام ارتفاع غير مسبوق لسقف التوقعات والأمانى الاجتماعية فى ظل «صبر محدود للغاية» من قبَل قطاعات الشعب المصرى الصبور الذى فاض به الكيل من كثرة الوعود الكاذبة من أنظمة حكم متعاقبة من العام 1952. الشغل الشاغل للعقل المصرى الآن هو كيفية معاقبة الماضى، بينما سيف الوقت يضغط على رقابنا اقتصادياً ليفرض علينا السؤال الحقيقى وهو كيفية مواجهة الحاضر وكيفية التحضير للمستقبل القريب. هذا المنهج «الماضوى» القائم على الفعل الماضى بينما هناك إنكار وتجاهل ورفض لأى مواجهة حقيقية لاحتياجات المواطنين اليومية الحالية. لا تحدثنى عن أى شىء قبل أن تجد لى موارد وحلولاً وتدابير وتمويلاً لاحتياجات الناس الضاغطة عليهم بشكل حقيقى. «الأخطر الأكبر» المقبل ليس سياسياً، والخطر المقبل هو ثورة جياع هادرة لا عقل لها ولا برنامج سياسياً أمامها إنها زلزال بدرجة ألف ريخنز لا يعرف التظاهر السلمى ولا يعرف تنظيف الشوارع ولا طلاء أرصفة الميادين. إن مخاطر فشل التجربة الحالية بصرف النظر عن مسئولية الفاعل أو المفعول به، سواء كان المذنب هو الحاكم أو المحكوم سوف يؤدى بنا جميعاً إلى كارثة محرقة سوف تلتهم ما تبقى من «الأخضر واليابس». أرجو أن نكون على مستوى مسئولية الأزمة المقبلة التى أرجو ألا نصل إلى دفع فاتورتها الباهظة. أرجو أن يركز عقل النخبة السياسية فى مصر بأزمة ندرة الموارد وتراجع الاستثمار وضعف الخدمات العامة كما ينشغلون بمسائل الدستور والنائب العام وتشكيل أحزاب سياسية جديدة. إذا وصلنا إلى الربع الأول من العام المقبل ونحن نلف وندور حول مسائل ثأرية سياسية فإن انفجار تداعيات سوء الوضع الاقتصادى وارتفاع حجم المطالب الاجتماعية قد يؤديان إلى خطر لا يمكن السيطرة عليه.