أصدرت المحكمة الحاخامية اليهودية فى إسرائيل وكما نقلت الشروق منذ أيام حكما على كلب ضال بالرجم حتى الموت، وذلك بسبب الشك في أن يكون الكلب قد حلت به روح محام علماني كان قد أهان قضاة المحكمة الدينية اليهودية منذ 20 عاما." "وذكرت صحيفة (بهادري) الإسرائيلية التي يصدرها اليهود الحريديم بإسرائيل على موقعها الإلكتروني يوم الجمعة الماضي - أن كلبا ضخما اقتحم مقر المحكمة بالقرب من حي (مائة شعاريم) اليهودي الأصولي وأرعب القضاة والزائرين ورفض أن يخرج من المحكمة إلى أن تم سحبه إلى الخارج." "وأضافت "أنه فجأة استعاد أحد القضاة حادثة جرت منذ 20 عاما عندما دخل محام كبير قاعة المحكمة وأهان قضاتها مما عزز الاعتقاد بأن روحه حلت في الكلب الضال مع العلم بأن القاضي العلماني اليساري قد توفي منذ سنوات." هذه الواقعة حدثت في الكيان الصهيوني المجاور، ورغم أنها شديدة الشذوذ بل والتطرف في الاعتقاد بالخرافات والشعوذة والتي استندت إليها المحكمة الإسرائيلية، إلا أنها لم تتعرض للتصيد من قبل التيار العلماني الإسرائيلي.. فالواقعة حدثت ونقلت كخبر عادي في الصحف اليومية، دون أن يتحرش بها أي من القوى اللادنية في إسرائيل. المشهد في إجماله مدهش إلى حد بعيد، ولا ندري ما إذا المجتمع الإسرائيلي لا يرى غرابة فيما جرى يستدعي نقله إلى دائرة الجدل الإعلامي، وإما أن قواه الاجتماعية والسياسية تملك من الرحابة ما يسع حتى المواقف التي تستند إلى الأساطير والخرافات والشعوذة انطلاقا من مبدأ إعلائي للحريات مهما بلغت من الشطط على نحو يخالف العقل والفطر الإنسانية السليمة.. أم أنها جاءت في سياق لا يخرج عن أصول مرحلة التأسيس، استنادا إلى أن إسرائيل دولة مؤسسة على "الأساطير الدينية". وأيا كان الأمر، فإن ما حدث في "الجارة" الصهيونية القريبة، يلقي بظلاله على ما يجري منذ سنوات في المجتمع السياسي المصري، ولو أن شيئا قريبا أو شبه قريب له قد حدث في مصر وهو من رابع المستحيلات بطبيعة الحال لقامت الدنيا ما قعدت، ولتعرض السلفيون والإسلاميون لعمليات جلد يومي ولعُلقت لهم المشانق الصحفية، وسيقوا إلى غرف التعذيب الوحشي على برامج ال"توك شو".. باعتبارهم "ظلاميين".. وتُهم القضاة ب"عمالة" للإخوان المسلمين.. وسنسمع تلك الأفيهات المعلبة والجاهزة وربما يطالب البعض بحرقهم في "جاز وسخ"! ويبدو لي أن المسألة في مصر، ستظل رهنا بمستقبلها الديمقراطي، وربما تفضى تطورات الأحداث لاحقا، إلى تأسيس مجتمع مدني مؤهل، ليخوض معارك وطنية كبيرة، لا يلتفت ولا يتوقف عند "تصرفات" صغيرة بل يتجاوزها إلى ما هو يليق بمنزلة مصر الجديدة بعد الثورة. سيظل مجتمع النخبة في مصر صغيرا، لا ينشغل إلا بالصغائر، إذا ظلت الاوضاع مستنسخة من عصر مبارك وما قبله، غير أنه من المتوقع يقينا أن يفرز المجتمع المصري بعد الانتخابات القادمة، نخبا سياسية وقوى اجتماعية، جديدة وراقية وعند مستوى هذا الحدث الجلل والكبير والذي بدأ باستفتاء 19 مارس الرائع. [email protected]