يترقب الإعلام زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى مصر، وما يصحب هذه الزيارة من توطيد العلاقات الثنائية بين الطرفين، وتوقيع عدد من الاتفاقات الهامة، وفتح أفق تعاون جديدة بين البلدين.. "الوطن" أجرت حوارًا مع شريف جاد، مدير المركز الثقافي الروسي، والذي أكد فيه سعي روسيا إلى إقامة علاقات متينة وقوية مع الجانب المصري، كما تحدث عن تداعيات هذه الزيارة وما سيقدمه الروس لدعم مصر في الفترة المقبلة.. وإلى نص الحوار: * كيف ترى زيارة الرئيس فلاديمير بوتين لمصر؟ - تأتي هذه الزيارة ردًا علي زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي لروسيا، وذلك في إطار دعم العلاقات الثنائية بين البلدين، والملفت للنظر أن هذه الزيارة تلقى اهتمامًا شعبيًا من الجانب المصري. * ما الذي يعكسه اهتمام الشعب المصري بزيارة "بوتين"؟ - يعكس وعي الشعب المصري الذي اختار التوجه لروسيا وبناء علاقات جديدة معها، خاصة بعد زيارة وفد شعبي مصري يتكون من طوائف ورموز مصرية مختلفة لروسيا منذ عامين، وكان هذا أول وفد شعبي مصري يزور روسيا، والتاريخ أثبت أن روسيا دولة صديقة، قادرة على التعاون مع مصر في كافة المجالات، وفي نفس الوقت، يدرك المصريون أن هذا التعاون لن يؤثر على إرادة مصر وقرارها السيادي، ومن هنا جاء الاهتمام الشعبي بالتعاون مع روسيا. * ما هي أهم القرارت التي قد يصدق عليها الرئيسين خلال لقائهما؟ - أتوقع أن يكون هناك تصديق لمجموعة من البروتوكولات المهمة جدًا، واتفاقيات في أكثر من مجال، وهناك رغبة من الجانب المصري في الانفتاح على السوق الروسي، فيما يخص المنتجات الزراعية، وهذا سيعمل علي زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين، بشكل يليق بالعلاقات التجارية، وحجم التبادل التجاري حاليًا لا يليق بعلاقة البلدين. * ما هي أوجه التعاون بين البلدين؟ - هناك تعاون في المجال الاقتصادي والصناعي، ووفد روسيا حضر للقاهرة منذ عدة أيام ومكث أسبوعين للوقوف على حالة المصانع الروسية التي تم بنائها مع الجانب المصري، مثل مصنع الحديد والصلب في حلوان، وتفقد الوفد حالة المعدات هناك، والتي أصابها التلف، رغم أن هذا المصنع كان يضع مصر على الريادة في إنتاج الحديد والصلب، وسيتم إعادة بناء هذا المصنع الذي كان يستوعب 26 ألف عامل، وأصبح هناك 13 ألف فقط بعد تسريحهم. * ما هي المشاريع الروسية التي قد يطرحها بوتين على القيادة المصرية؟ - هناك مشروع روسي آمل أن توافق مصر عليه، وهو إنشاء محطة نووية بغرض توليد الطاقة، فروسيا وقفت مع دول كثيرة في مجال الاستخدام السلمي للطاقة النووية، مثل إيران التي تقف على أرض صلبة جدًا، وأعتقد أن مصر تحتاج إلى مثل هذا المشروع، ولدينا عقول وخبرات مصرية قادرة على استيعاب هذا المشروع. * كيف سيكون الدعم الروسي لمشروع المحطة النووية؟ - أنا لست من دعاة التمويل الروسي المفتوح لأن روسيا في الستينات والتي قامت ببناء السد العالي، تختلف عن روسيا اليوم خاصة علي الصعيد الاقتصادي، وفي المقابل مصر الستينات هي ليست مصر الآن، فروسيا لن تقوم ببناء السد العالي لنا مرة أخرى، وأنا أثق في القيادة المصرية التي تحرص على التعاون مع الجانب الروسي في كافة المجالات، فنحن لدينا موارد وامكانيات ويمكننا أن نتعاون مع روسيا بثقة وكبرياء. * ما الذي يميز روسيا عسكريا؟ - روسيا تعتبر دولة نووية كبري، وتعد من الدول القليلة التي تمتلك منظومة صواريخ "باليستية" عابرة للقارات، وهي قوة عظمي عسكريًا، و"بوتين" يمتلك حقيبة مثل الحقيبة المتواجدة مع أوباما يستطيع أن يضغط علي أي زر فيها لضرب أي دولة، وبالطبع نحن لا نتمنى ذلك. * وثقافيا؟ - كانت روسيا ولا تزال من الدول الرائدة في المجال الثقافي، فروسيا أهدت العالم رموز ثقافية عظيمة، ففي الموسيقى، قدمت روسيا تشيكوفسكي وكرسكوف وغيرهم، وبالمناسبة كرسكوف هو من صنع موسيقى "شهرزاد"، وروسيا لديها قدرة على استيعاب كافة الثقافات المختلفة، وفي السينما لديهم مخرجين عظام مثل ميخائيل روم وسيرجي سلفروف، بالإضافة إلى أن أفلامهم تدرس في معاهد السينما المصرية، وأيضًا هناك مسرح البارشوي والذي يعد من أعظم مسارح الباليه في العالم، ويعتبر تحفة فنية عالمية، إضافة إلى أن الفنون الشعبية الروسية من أقوى مدارس الفنون الشعبية، كما أنها تشارك في مهرجان الإسماعيلية للفنون الشعبية. * كيف تثبت مصر لروسيا أنها حليف استراتيجي؟ - الجانب الروسي دومًا يتسائل: "هل لجأت مصر إليه لأنها تعاني من أزمة مع أمريكا؟، وهل ستعطي مصر ظهرها مرة أخرى للروس إذا تحسنت علاقتها مع أمريكا كما كانت؟"، كل هذه التساؤلات تجول في خاطر الروس، والحقيقة أن مصر لم تقدم لروسيا دليل قاطع حتى الآن، على اختيارها كحليف استراتيجي، إذ لا بد أن تُبرز القيادة المصرية أن اختيار روسيا كحليف هو مطلب شعبي وجاء بناءً علي إرادة شعبية. * هل قدمتم أي فعاليات أو جلسات ثقافية في المركز بخصوص زيارة بوتين؟ - الفعاليات مستمرة في المركز على قدم وساق، حيث نظمت الجمعية المصرية لخريجي الجامعات الروسية، ندوة بعنوان "مصر روسيا صداقة ألف سنة" بمعرض الكتاب، تحدثنا فيها عن أن العلاقات بين مصر وروسيا لم تبدأ في عام 1943، ولكنها بدأت منذ ألف سنة، إضافة إلى عقد ندوة عن أدب الأطفال الروسي، وأقمنا ندوة عن علم المصريات ودور روسيا في إنشاء قسم علم المصريات في جامعة القاهرة، وأريد أن أشير إلى أن أول رئيس لقسم علم المصريات كان الروسي جالنشف، وأيضًا كان هناك ندوة عن السد العالي بعنوان "55 عامًا على وضع حجر الأساس"، وأهتم بها الكثير من المصريين وحضر بها بناة السد من المهندسين المصريين وجانب من المهندسين الروسيين منذ عدة أيام، كما نظمنا معرضًا تشكيليًا عن إحدى المدن الروسية، للتعريف بالثقافة والمدن الروسية، ونحن مستمرون في إقامة الفعاليات للتعريف بالثقافة الروسية. * كيف تناول الأدب الروسي العلاقات بين روسيا ومصر؟ - يوجد لدينا مكتبة بالمركز تحتوي على 12 ألف كتاب متنوع ما بين اللغة العربية والإنجليزية والروسية، وبها كتب الأدب الروسي الشهيرة، وهناك كتاب جديد صدر للمستشرق الروسي فلاديمير بليكوف يتحدث عن مصر في عيون روسيا، وهناك كتاب آخر صدر حديثًا للمستشرق جنادي جاليتشكه يتحدث عن روسيا في عيون مصرية، وهذه كتب تاريخية تتحدث عن العلاقات التاريخية بين البلدين، وهناك العديد من المؤلفات تتحدث عن العلاقات المصرية الروسية. * ما رأيك في قول البعض إن العلاقات بين مصر وروسيا انقطعت في عهد "مبارك"؟ - كانت علاقة بوتين بمبارك طيبة جدًا وكانت القيادة الروسية حزينة، لانتهاء فترة حكم الرئيس الأسبق مبارك، وأذكر أنني تحدثت مع القناة الأولى الروسية، وقولت إن الحزن الروسي على الرئيس مبارك غير مُبرر، وأنكم حزنتم لأن هذه العلاقة كانت مستقرة، ولكن الرئيس مبارك تعمد تجاهل روسيا لمدة 30 سنة. * ولماذا حزن الروس على سقوط مبارك؟ - الشعب الروسي بطبيعته عاطفي، ولذلك حزن على الرئيس مبارك، إضافة الي أن اختفاء مبارك من المشهد اصطحبه نوع من القلق والخوف على فقدناهم لمنتجعهم السياحي المفضل، غير أن الرئيس الأسبق لم يقوم بإنجاز اي مشروع تم الاتفاق عليه مع الجانب الروسي، والسبب هو حرصه على عدم غضب الأمريكان.