"مجتمع المصير المشترك".. الصين وأفريقيا تعززان شراكتهما بأدوات قانونية متطورة

في مبادرة تعكس عمق الشراكة الاستراتيجية بين الصين وأفريقيا، احتضنت مدينة جينهوا الصينية مؤتمر "حوار التعاون والتبادل القانوني بين الصين وأفريقيا 2025"، بتنظيم مشترك من حكومة المدينة ووزارة العدل بمقاطعة تشجيانج وجامعة تشجيانج نورمال، في حين جاء المؤتمر تحت شعار "تعميق التبادل القانوني بين الصين وأفريقيا لتمكين التعاون الاقتصادي المشترك"، بحضور دبلوماسيين ومسؤولين كبار وخبراء قانونيين من الجانبين.
رؤية مشتركة لمستقبل التعاون
أكدت السفيرة الصومالية لدى بكين، هودان عثمان عبدي، أن الصين وأفريقيا يتقاسمان مساراً تاريخياً وتنموياً متشابهاً، مشيرة إلى أن سيادة القانون تمثل الضمانة الأساسية للتنمية الاقتصادية واستدامة التعاون بين القارتين.
وأشادت بالنموذج الصيني في التحديث باعتباره مرجعية جديدة لأفريقيا، لافتة إلى أن الصومال، بوصفها "قرن أفريقيا"، تسعى جاهدة لتحسين بيئة الأعمال من خلال سلسلة من الإجراءات، بينما يفتح النمو الأفريقي أسواقاً واعدة أمام الشركات الصينية. ودعت السفيرة إلى تعميق الحوار التشريعي وتعزيز التعاون القضائي وتوسيع تبادل الكفاءات القانونية بين الجانبين.
الإطار الأكاديمي والعملي للتعاون
أوضح شين سيباو، رئيس الجمعية الصينية لبحوث القانون الاقتصادي والتجاري الدولي، أن النظرية والممارسة تؤكدان أن سيادة القانون تشكل الدعامة الأساسية لتعميق التعاون الاقتصادي الصيني الأفريقي، معتبراً المؤتمر منصة مهمة لتطبيق نتائج قمة بكين لمنتدى التعاون الصيني الأفريقي.
وأشاد بدور مدينة جينهوا في الاستفادة من ميزاتها الصناعية للاندماج في التعاون الاقتصادي مع أفريقيا، مما يدفع بتحقيق رؤية الصين وأفريقيا 2035.
بدوره، أشار لو ينجتشون، نائب أمين اللجنة الحزبية بجامعة تشجيانج نورمال، إلى أن المؤتمر يمثل اعترافاً بجهود الجامعة البحثية في مجال القانون الأفريقي، مشيداً بالإنجازات التي حققتها الجامعة في تدريب الكفاءات القانونية المتخصصة في الشؤون الأفريقية، باعتبارها جامعة إقليمية رئيسية تلتزم بتوجيهات الرئيس الصيني شي جين بينج نحو بناء جامعة شاملة ورفيعة المستوى ومتميزة.
فيما أكد شو جيان يي، نائب عمدة جينهوا ومدير مكتب الأمن العام، على أن المدينة تعد بوابة الصين الرئيسية للتعاون مع أفريقيا، حيث أقامت علاقات تجارية راسخة مع العديد من الدول والمناطق الأفريقية، متعهدا بتطبيق قرارات الجلسة الرابعة للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، والعمل بكامل الطاقة لدعم التعاون الاقتصادي عالي الجودة مع أفريقيا.
حزمة مبادرات عملية لحماية الاستثمارات
شهد المؤتمر إطلاق حزمة من الأدوات القانونية المتخصصة لدعم التعاون العملي، حيث أصدرت كلية القانون بجامعة تشجيانج نورمال "تقرير الرصد السنوي لتطور سيادة القانون في أفريقيا 2025"، الذي يقدم إجابات منهجية ومتخصصة على التحديات المعاصرة المتعلقة بالتعاون والبحث القانوني بين الصين وأفريقيا.
كما كشف مكتب العدل بمدينة جينهوا عن أدلة متخصصة للخدمات القانونية الاستثمارية في جنوب أفريقيا ومصر ونيجيريا وغيرها، لتكون بمثابة "خريطة طريق قانونية" و"دليل مواجهة المخاطر" للشركات في مقاطعة تشجيانج الراغبة في دخول الأسواق الأفريقية.
وبالتعاون مع مجلس تعزيز التجارة الدولية بالمدينة، تم نشر 10 حالات نموذجية في الوساطة التجارية المتعلقة بأفريقيا لتبادل الخبرات العملية.
من جهتها، أطلقت لجنة الوساطة الخارجية في مدينة ييوو "مبادرة جينهوا للوساطة التجارية الدولية - الانسجام والتعايش وازدهار الأعمال العالمية"، لتضخ زخماً جديداً في تنظيم الوساطة التجارية الدولية.
رؤى أكاديمية وتوصيات عملية
في الجلسة الرئيسية، قدم ليو هونجوو، مدير معهد الدراسات الأفريقية بجامعة تشجيانج نورمال، عرضاً بعنوان "فهم التحولات المئوية وتعزيز القدرات الخارجية، وهو التعاون القانوني الصيني الأفريقي وأمن الشركات الصينية في الخارج".
واستعرض إنجازات التعاون خلال العام الماضي، مشيراً إلى أن العلاقات ارتقت إلى مستوى "مجتمع المصير المشترك على مدار الساعة"، وأن أربعة من مشاريع الجامعة أدرجت في "خطة عمل بكين".
وأكد أن التعاون القانوني أصبح عنصراً حاسماً في حماية المصالح الوطنية لكلا الطرفين وتعزيز قدرة الصين على المشاركة في الحوكمة العالمية.
من جانبه، أوضح هونج يونجهونج، أستاذ بجامعة شيانجتان ومدير معهد بحوث القانون الاقتصادي والتجاري الصيني الأفريقي، أن أفريقيا تولي أهمية كبيرة لسيادة القانون وتعطي الأولوية لفعالية العقود، مشدداً على ضرورة أن تكون الشركات الصينية "جريئة في الاحتكام للقانون وماهرة في استخدامه" مع الالتزام بمعايير الامتثال.
وأشار إلى التشابه الكبير بين القانون الصيني والأفريقي، داعياً إلى التبادل المشترك للخبرات القانونية. وقدم ثلاث توصيات رئيسية: إعداد تقارير المخاطر القانونية، والاستفادة من تقارير امتثال الشركات، وتحسين آليات تسوية النزاعات.
في الجلسة الثانية من المؤتمر، تبادل العلماء والمحكمون والمحامون وممثلو الشركات والوسطاء وجهات النظر حول تدريب الكفاءات القانونية، وتقديم خدمات قانونية متميزة، والامتثال في الاستثمار والتجارة، وحل النزاعات الاقتصادية، مما أثرى النقاش بخبرات ميدانية متنوعة.
حضر المؤتمر مسؤولون من جامعتي تشجيانج نورمال وشيانجتان، وممثلون عن الجهات الإقليمية المعنية، إلى جانب وفد المعلمين الأفارقة ضمن برنامج "جسر اللغة الصينية"، وطلاب أفارقة، وممثلون عن شركات الدولة والشركات الاستثمارية في أفريقيا وشركات التجارة الخارجية.