في ظل الزيارة المرتقبة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال الأيام المقبلة، التي سبقتها زيارة نائب رئيس الوزراء الروسي حاليّا للقاهرة؛ تمهيدًا لزيارة بوتين، تعتبر هي الأولى من نوعها منذ سقوط مبارك، حيث كانت آخر زيارة له في عام 2005. ويتطلع الجانب المصري من خلال هذه الزيارة إلى جذب المزيد من الاستثمارات وتوقيع بعد الاتفاقيات العسكرية والاقتصادية؛ لمساعدة مصر في تجاوز الأزمات التي تعاني منها منذ ثورة يناير. وتعاني روسيا من أزمة اقتصادية طاحنة تعتبر الأقوى من نوعها خلال السنوات الماضية، بعد فرض العقوبات من الأممالمتحدة ومجلس الأمن بتوجه أمريكي؛ لتدخلها في أزمة أوكرانيا، ما أدى إلى انخفاض العملة المحلية الروسية لأدنى مستوياتها منذ عقود. تاريخ العلاقات المصرية الروسية أصبحت روسيا، منذ تولي الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الحكم بعد ثورة يوليو 1952، حليفًا استراتيجيًّا للجانب المصري، وتم عقد عشرات الاتفاقات الاقتصادية والعسكرية، حتى أصبح السلاح الروسي هو مصدر التسليح الرئيسي للجيش المصري، كما تم بناء السد العالي بتمويل من الاتحاد السوفييتي، بعد العلاقات الجيدة مع الرئيس الروسي آنذاك جوزيف تيتو، ووصل مئات الخبراء الروس في كافة المجالات إلى مصر وإنشاء المؤسسات ومصنع الحديد والصلب في حلوان ومد الخطوط الكهربائية أسوانالإسكندرية، كما تم إنجاز 97 مشروعًا صناعيًّا بمساهمة الاتحاد السوفييتي في هذا التوقيت. وبعد رحيل عبد الناصر تولى الرئيس محمد أنور السادات، والذي قطع العلاقات المصرية الروسية نهائيًّا عام 1976، وطرد الخبراء الروس من القاهرة، واستبدل التعاون الأمريكي بها، كفتح المجال للهيمنة الأمريكية على العلاقات المصرية الخارجية، التي ظلت ممتدة إلى نظام مبارك. وظلت العلاقات المصرية السوفييتية مبتورة حتى عام 1981 عند وفاة السادات وتولي مبارك الحكم، وعادت في بداية عهد الرئيس المخلوع تدريجيًّا، بعد انهيار الاتحاد السوفييتي في 1991، حيث زار مبارك روسيا ثلاث مرات: الأولى في 1997، وتم توقيع 7 اتفاقيات عسكرية واقتصادية وزراعية، والتقى بنظيره الروسي آنذاك ديميترى ميدفيديف، وتم الاتفاق على أن يكون هناك تعاون في المجال الذري والاستفادة من الخبرة الروسية في مجال الطاقة السلمية، وبعدها زار مبارك روسيا في عامي 2001 و 2006. وكانت هذه العلاقات بلا جدوى، في ظل الهيمنة الأمريكية على مصر، التي كانت تتحكم في كل شيء داخل الإدارة المصرية أثناء حكم المخلوع. وبعد ثورة يناير وسقوط حكم مبارك، كانت أول زيارة من الجانب المصري للرئيس المعزول محمد مرسي، ووصفت بالمهينة، بعد الهجوم الذي شنه مرسي على سوريا، وأعلن قطع العلاقات السورية في استاد القاهرة أثناء الاحتفال بذكرى حرب أكتوبر عام 2012. وبعد عزل مرسي كانت روسيا من أوائل الدول المؤيدة لثورة 30 يونيو، وأبدت استعدادها للتعاون الاقتصادي والعسكري مع مصر، وبعدها زار السيسي وهو وزير للدفاع روسيا في سابقة هي الأولى من نوعها، ليكون أول وزير دفاع مصري يزور روسيا. وبعد تنصيب السيسي رئيسًا، كرر الزيارة لروسيا، لتكون هي الثانية في أقل من سنة ونصف. رأي القوى السياسية حول هذه الزيارة يقول الدكتور صلاح حسب الله، نائب رئيس حزب المؤتمر: إن العلاقات المصرية الروسية لها طابع خاص وأبعاد سياسية واقتصادية، كون روسيا عضوًا في مجلس الأمن، بالإضافة إلى أنها قوة استراتيجية في السوق العالمية، مضيفًا أن تنوع العلاقات مطلوب في ظل التغيرات التي تحدث في العالم، وأن تحقيق التوازن في العلاقات الخارجية مطلب مهم في هذه المرحلة. ومن جهة أخرى قال الدكتور أحمد عز العرب، نائب رئيس حزب الوفد "يجب على الإدارة المصرية إنهاء فكرة الاعتماد على دولة واحدة في المساعدة، وعدم استبدال الهيمنة الأمريكية بأي هيمنة أخرى، وأن تكون العلاقات الخارجة مبنية على مبدأ التبادل وليس المساعدة وتقديم المعونات". وأضاف عز العرب أن الوضع الاقتصادي الروسي يمر بأزمة هي الأقوى منذ سقوط الاتحاد السوفييتي، ويجب ألَا نعلق الكثير من الآمال على هذه الزيارة، ليكون هناك الاهتمام بتطوير المشروعات القومية والمصانع المغلقة وغيرها من الحلول الاقتصادية، التي تغني عن المساعدات الخارجية.