في ظل زيارة الرئيس المصري محمد مرسي لروسيا و التي تحمل طابعًا و ملمحًا خاصًا هذه المرة لكون الرئيس مرسي أول رئيس مصري منتخب عقب ثورة 25 يناير يقوم بزيارة روسيا الاتحادية لدعم العلاقات بين البلدين في مجالات مختلفة خاصةً المجال الاقتصادي و المجال العلمي الموضوعان في أولوية اللقاء الثنائي بين الرئيس المصري محمد مرسي و الرئيس الروسي فلاديمي بوتين في منتجع (سوتشي) الرئاسي الخاص بالرئيس الروسي و الذي يقع على البحر الأسود. هذه الزيارة قامت بعمل علاقة إسترجاع بالماضي الخاص بعلاقة البلدين الثنائية منذ أعوام طويلة حيث بدأت العلاقات المصرية الروسية عام 1784 من خلال علاقة الباب العالي للخلافة العثمانية بالقيصرية الروسية حيث كانت العلاقات قائمة على أسس قنصلية بإيجاد قنصلاً عامًا لروسيا بمدينة الأسكندرية ، أما العلاقات الثنائية المصرية الروسية فقد تبلورت عام 1943 من خلال العلاقات المصرية السوفيتية حيث الاتحاد السوفيتي في عهد الزعيم السوفيتي (جوزيف ستالين) و الذي أسس الاتحاد السوفيتي عام 1924 بضم الجمهوريات المستقلة للسيادة الروسية السوفيتية التي حلت محل القيصرية عقب الثورة البلشيفية التي إندلعت في أكتوبر من عام 1917 و بعد إقامة العلاقات المصرية السوفيتية عام 1943 تم تواجد سفارة لمصر بموسكو و سفارة للاتحاد السوفيتي بالقاهرة إلى جانب وجود قنصلية بالأسكندرية حيث إستبدلت علم روسيا القيصرية بعلم الاتحاد السوفيتي االأحمر و عليه شعار (المطرقة و السنديان) شعار الشيوعية. (جمال عبد الناصر و نيكيتا خرتشوف و أحمد بن بيلا و عبد السلام عارف أثناء إفتتاح المرحلة الأولى من السد العالى 1961) بعد ثورة عام 1952 كان للواء محمد نجيب أول رئيس لجمهورية مصر العربية منذ تأسيسها عام 1953 إتصالات بالزعيم الروسي (جوزيف ستالين) لعقد إتفاقيات مع الاتحاد السوفيتي لجلب السلاح للجيش المصري من خلال روسيا و لكن لم يوافق ستالين على طلب نجيب قائلاً له: ما الذي يضمن لنا أن السلاح الذي نعطيه لكم اليوم لن تحاربوننا به في الغد؟! لم تتم الصفقة التي طمح لها نجيب في عهد ستالين لتؤجل الأقدار أحلام اليوم إلى الغد و كان جمال عبد الناصر عند توليه السلطة بعد إقصاء نجيب متجهًا نحو الولاياتالمتحدةالأمريكية لإعجابه بالسياسة الأمريكية و لكن في عام 1955 بعد رفض البنك الدولي لتمويل السد بضغوط أمريكية من وزير خارجيتها (دالاس) إتجه ناصر تلقائيًا للقطب الشرقي المعادي للقطب الغربي الأمريكي و هو الاتحاد السوفيتي فقام بعقد صفقة الأسلحة التشيكية مع الاتحاد السوفيتي في عهد الزعيم السوفيتي (نيكيتا خرتشوف) إلى جانب دعم موقف مصر من خلال خرتشوف في مجلس الأمن عام 1956 أثناء العدوان الثلاثي على مصر رافعًا حذائه في مجلس الأمن مهددًا بأنه في حالة إستمرار العدوان الثلاثي على مصر فسيشعل نيران الحرب العالمية الثالثة و من هنا صدر قرار بوقف إطلاق النار و إنسحاب العدوان الثلاثي من مصر في ديسمبر 1956. (السادات في موسكو) ساهم الاتحاد السوفيتي في الحقبة الناصرية في إنشاء المؤسسات الإنتاجية عبر الخبراء السوفييت ، من بينها بناء السد العالي بأسوان و مصنع الحديد و الصلب بحلوان و مجمع الألومنيوم بنجع حمادي و مد الخطوط الكهربائية (أسوان – إسكندرية) إلى جانب إنجاز 97 مشروع صناعي بمصر بمساهمة الاتحاد السوفيتي إلى جانب إرسال البعثات المصرية العسكرية للاتحاد السوفيتي لتزويد الخبرات العسكرية السوفيتية للجيش المصري و كان من ضمن هذه البعثات الرئيس السابق محمد حسني مبارك أثناء عمله بالقوات الجوية المصرية (1964 – 1965). في عهد الرئيس أنور السادات كانت العلاقات المصرية السوفيتية تسير بشكل طبيعي و لكن لتأخير موعد العبور بسبب الخبراء السوفييت بالجيش المصري مع وضع شروط تعجيزية بعدم إستخدام الأسلحة إلا بإذن الاتحاد السوفيتي جعل السادات يقوم برحلة للاتحاد السوفيتي لتسيير المراكب المعطلة و لكن دون جدوى فإذ به يقوم بإتخاذ قرار أذهل (ليونيد برجينيف) الزعيم السوفيتي و السفارة السوفيتية بالقاهرة بطرد 15,000 خبير روسي و إعادتهم لبلادهم قائلاً جملته الشهيرة: نريد المعركة أن تكون معركتنا. تم قطع العلاقات المصرية السوفيتية نهائيًا عام 1976 و دعم السادات تنظيم القاعدة في أفغانستان عام 1979 بإرسال الجماعات الجهادية هناك لمقاومة الجيوش الروسية إلى جانب إصدار قرارًا جمهوريًا عام 1980 بمقاطعة دورة موسكو الأولمبية تضامنًا مع أفغانستان و ظلت العلاقات المصرية السوفيتية مبتورة حتى عام 1981. أعاد الرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك العلاقات مع الاتحاد السوفيتي في الثمانينات على خلفية درايته بالطبيعة الروسية أثناء تواجده بالبعثة العسكرية المصرية هناك و بعد سقوط الاتحاد السوفيتي عام 1991 على يد (ميخائيل جورباتشوف) الذي أنهى الحرب الباردة بينه و بين أمريكا في عهد الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب تحول الاتحاد السوفيتي إلى إتحاد دول الكومنولث ثم تحول إلى روسيا الاتحادية على يد الرئيس الروسي (بوريس يلتسين) و توطدت العلاقات بين مصر و روسيا الاتحادية بزيارة مبارك الرسمية الأولى عام 1997 وقع خلالها البيان المصري الروسي المشترك وسبع اتفاقيات تعاون. وقام حسني مبارك بزيارتين إلى روسيا عام 2001 و2006 وأعدت خلالهما البرامج طويلة الأمد للتعاون في كافة المجالات والبيان حول مبادئ علاقات الصداقة والتعاون في عهد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. (الرئيس السابق حسني مبارك و الرئيس الروسي فلاديمير بوتين) قام بوتين بزيارة مصر عام 2005 وصدر في ختام المباحثات الثنائية التي جرت في القاهرة البيان المشترك حول تعميق علاقات الصداقة والشراكة بين روسيا الاتحادية وجمهورية مصر العربية والذي يؤكد طبيعتها الاستراتيجية. واتخذت دورة مجلس جامعة الدول العربية في سبتمبر عام 2005 للمرة الأولى في تاريخها قرارًا بإعتماد سفير روسيا في جمهورية مصر العربية بصفته مفوضا مخولا لدى جامعة الدول العربية.