بعد المواجهات غير المسبوقة التي شهدتها الكويت بين قوات الأمن والمتظاهرين، تبدو الاضطرابات مرشحة للتصاعد إلا أن تغيير نظام الحكم ليس على أجندة المعارضة التي تسعى فقط إلى إصلاحات جذرية، بحسب محللين. وأصيب أكثر من مائة متظاهر و11 شرطيا بجروح بعد أن استخدمت قوات مكافحة الشغب الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية والرصاص المطاطي لتفريق عشرات آلاف المتظاهرين في أسوأ مواجهات من هذا النوع يشهدها هذا البلد الغني. وقدرت مصادر مستقلة عدد المتظاهرين بثلاثين ألفا، فيما قال ناشطون معارضون إن العدد وصل إلى 200 ألف، وإن التظاهرة هي الأكبر في تاريخ الكويت. وقال المحلل السياسي، عايد المناع "للأسف، نحن نتجه نحو المجهول. اتوقع المزيد من الاحتجاجات والمسيرات وربما المزيد من المواجهات". ورأى المناع الذي يدرس العلوم السياسية، أن ذلك "قد يكون مبررا للسلطة لإعلان الأحكام العرفية وبالتالي دخول البلد في مرحلة من المواجهة المفتوحة مع الشعب". ووقعت مواجهات في الشارع بين قوات الأمن والمتظاهرين الذين كانوا يحتجون على قرار أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الصباح بتعديل نظام الانتخابات. وترى المعارضة أن هذه الخطوة تهدف إلى التلاعب بنتائج الانتخابات وإيصال برلمان "مطيع". وعقدت القوى المعارضة الاثنين اجتماعا للبحث في برنامج تحركاتها في المستقبل القريب فيما أكدت شخصية بارزة من المعارضة أن هذه الأخيرة تنوي تصيعد تحركها. وقال النائب السابق المعارض، عبد الله البرغش، أن المعارضة ستستمر في حملتها الاحتجاجية إلى أن يتم التراجع عن تعديل نظام الانتخابات. وفي هذا السياق، قال المحلل السياسي، داهم القحطاني "اعتقد أننا انتقلنا إلى مرحلة جديدة يلعب فيها الشباب دورا رائدا وحاسما". واضاف القحطاني لوكالة فرانس برس انه "اذا لم يتم التوصل الى حل ودي فان الصراع قد يقودنا الى سيناريو شبيه بالبحرين حيث يصبح الشارع هو المتحكم"، وبالتالي "الاحتمالات مفتوحة على مزيد من العنف" على حد قوله. وكانت الكويت أصبحت عام 1962 أول دول خليجية تعتمد دستورا وتطلق ديموقراطية برلمانية. إلا أن الديموقراطية الكويتية الخاصة ظلت دائما موضع انتقادات. فبالرغم من منح البرلمان صلاحيات تشريعية ورقابية حقيقية، ظلت صلاحية تشكيل الحكومة في يد الأمير وظلت أسرة الصباح الحاكمة تمسك بالحقائب الوزارية الهامة. وشهدت البلاد أزمات سياسية كثيرة، خصوصا منذ 2006. وحل البرلمان الكويتي تسع مرات، ست منها منذ 2006. وتطالب المعارضة التي يشكل التياران الإسلامي والقبلي مكونا رئيسيا فيها، بإصلاحات ديموقراطية كبيرة، بما في ذلك الحد من سلطة أسرة الصباح التي تحكم الكويت منذ أكثر من 250 سنة. وأكدت المعارضة مرارا مطالبتها بحكومة منتخبة وبتشريعات جديدة لتعزيز المحاسبة ومكافحة الفساد وبتشريع قيام الأحزاب. واسهمت التجاذبات السياسية بتوقف المشاريع الانمائية بالرغم من الثروات الطائلة التي تملكها الكويت. وبلغت الفوائض التراكمية اكثر من 400 مليار دولار بفضل اسعار الخام المرتفعة. وتعوم الكويت على عشر الاحتياطي النفطي العالمي.