دبي (رويترز) - بعد أن ضاقوا ذرعا بالنظام السياسي المشوب بالعيوب والمسبب للانقسامات بالكويت يسعى عدد من النشطاء الى أن يسمع صوتهم وسط المشاحنات التي لا تتوقف بين الموالين للحكومة والمعارضة ويقولون ان الجانبين يتحملان المسؤولية عن مشاكل بلادهم. ويضم هذا الائتلاف اكاديميين ومهنيين يتعشمون أن ينأوا بأنفسهم عن المعارضة الراسخة وأن يحشدوا اخرين وراءهم لاجتثاث الفساد الذي يقولون انه مستشر وتوجيه البلاد نحو ديمقراطية كاملة. وقالت الكاتبة الكويتية لمى العثمان التي حملت لافتة كتبت عليها "لا للحكومة. لا للمعارضة" في احتجاجات امام البرلمان مؤخرا "ما نتطلع اليه فعلا هو المعارضة الحقيقية لكننا لم نجدها." وأضافت "لا نريد نصف ديمقراطية." وتباهت الكويت لفترة طويلة بأن لديها برلمانا يتم اختيار كل أعضائه بالانتخاب له صلاحيات تشريعية ويشهد مناقشات حيوية مما يجعله نموذجا متفردا في منطقة يحكمها زعماء في نظام شمولي لا يتسامحون كثيرا مع المعارضة. لكن الغضب كان يختمر تحت سطح الجمود السياسي الذي يعوق اجراء اصلاحات ضرورية ومشاريع تنموية في الكويت التي هي سادس اكبر دولة مصدرة للنفط ولا يتجاوز عدد سكانها 3.6 مليون نسمة. وتفاقمت التوترات الشهر الماضي حين اقتحم مئات الرجال يقودهم نواب معارضون البرلمان احتجاجا على رئيس الوزراء انذاك الشيخ ناصر المحمد الصباح الذي يتهمونه بمخالفات بدءا من الكسب غير المشروع وانتهاء بعدم منع بيع لحوم فاسدة. وانتصروا في 28 نوفمبر تشرين الثاني حين استقال الشيخ ناصر ثم تم حل البرلمان فيما بعد. لكن البعض اعتبر أن هذا الانتصار أجوف ومن غير المرجح أن ينهي الازمة السياسية بالكويت. وقال المدون جاسم القامس "استقالة الحكومة لا تمثل الاصلاح الحقيقي المطلوب. نظامنا الدستوري وصل الى حالة من الجمود وفي حاجة ماسة لاصلاح هيكلي وليس نفس التحركات السياسية القديمة. قد يمثل هذا علاجا مؤقتا لكنه ليس الحل." وخلال السنوات الخمس التي قضاها الشيخ ناصر في منصبه تم تعديل التشكيل الوزاري سبع مرات واضطر الامير لحل البرلمان والدعوة الى انتخابات مبكرة ثلاث مرات. ولا يسمح بالاحزاب السياسية الرسمية مما يعني أن ساسة المعارضة المستقلين يضطرون لتكوين تكتلات في البرلمان. ويقول محللون ونشطاء ان الازمة ليست بسبب الديمقراطية وانما بسبب ما تطبقه الكويت منها فهي تشجع التشاور المتأصل في التراث السياسي الكويتي بما لا يهدد بشكل خطير الاسرة الحاكمة التي تحكم البلاد منذ منتصف القرن الثامن عشر. وقال الكاتب احمد الديين ان الديمقراطية في الكويت منقوصة وليست ديمقراطية حقيقية وأضاف أنه لابد من حلول سياسية جديدة والا سيظلون يدورون في هذه الحلقة عديمة المعنى. وهيكل النظام السياسي فريد من نوعه اذ يعين الامير الشيخ صباح الاحمد الصباح رئيس الوزراء الذي يشكل بدوره حكومة من 16 وزيرا أغلبهم من أفراد الاسرة الحاكمة. ويجب أن يكون عضو واحد على الاقل بالحكومة من النواب الخمسين الذين يتكون منهم مجلس الامة. ويقترح البرلمان التشريعات لكن وزراء الحكومة يصوتون عليها ايضا فيمثلون حجر عثرة رئيسيا يصوت لصالح الحكومة لا محالة مما يخفف حدة المعارضة او يغير اتجاه الاغلبية. والحالة الوحيدة التي لا يستطيع الوزراء التصويت فيها تكون حين يتم اقتراح سحب الثقة والذي يمكن تقديمه بتأييد عشرة نواب بالبرلمان على الاقل قبل عقد جلسة استجواب في المجلس. وتكفي أغلبية برلمانية بسيطة لاقرار هذا المقترح وهو ما يفسر تكرار التعديلات الوزارية. واستقال نواب بالبرلمان فيما سبق تفاديا للاستجوابات القاسية. ويقول منتقدون ان هذا النظام يشجع وربما يستوجب المحسوبية كأداة للاستمرار على الساحة السياسية. وفتح النائب العام الكويتي تحقيقا في ودائع كبيرة بدرجة مثيرة للريبة في حسابات مصرفية تخص 13 نائبا بمجلس الامة. ولم يتم الكشف عن هوياتهم لكن ساسة معارضين يتهمون النواب الموالين للحكومة بالفعل بتلقي رشى. ويقول نشطاء ان هذا غير كاف. وقالت الكاتبة لمى عثمان "نأمل في معالجة المرض نفسه وليس الاعراض وحسب." وأضافت "نريد حكومة منتخبة وفصلا بين السلطات. نحتاج الى اشراف المحكمة الدستورية ورفع الحظر على انشاء الاحزاب السياسية." خارج البرلمان نقل النواب المعارضون الذين يعبرون عن ارائهم بصراحة مطالبهم الى الشارع وانضموا الى جماعات شبابية شجعتها الانتفاضات التي اجتاحت المنطقة هذا العام. ويرى بعض النشطاء والعديد من البرلمانيين أن هؤلاء النواب يسغلون الحركة من أجل أغراضهم السياسية. وقالت فاطمة حيات الناشطة المعارضة سابقا والتي كانت جزءا من حملة ناجحة قادها الشباب عام 2006 لخفض عدد الدوائر الانتخابية من خمس الى 23 "انا ضد نشطاء المعارضة لانه في اعتقادي يجب أن يقود الشباب الحركة. يجب الا يكون الزعماء من النواب الذين لهم اجندات سياسية مؤكدة." ومن العوامل الرئيسية للفشل حتى الان في تحويل الاستياء الى معارضة " حقيقية" ثروة الكويت التي تجعل الاهتمام بالسياسة في مرتبة ثانوية بالنسبة للاغلبية. وبفضل ثروة الكويت النفطية يبلغ نصيب الفرد من الدخل 37 الف دولار وفقا لتقديرات صندوق النقد الدولي عام 2010 . وخصصت الحكومة خمس انفاقها لتقديم دعم وحوافز مرتبطة بالنفط لمواطنيها البالغ عددهم 1.1 مليون نسمة في السنة المالية 2010/ 2011 التي انتهت في مارس اذار. وقالت المدونة منى كريم "اغلبية الناس في الكويت لا يكترثون حقا بما يجري لانهم على المستوى الشخصي يحصلون على الاكواخ والاموال وماداموا يحصلون عليها فلماذا يخرجون للاحتجاج.."