ينتظر المصريون الأعياد والمناسبات السعيدة لزيارة الأقارب والأصدقاء، والتمتع بشعور اللمة المبهج، وهو ما يحرص كثيرون عليه فى عيد الفطر المبارك، بدءاً من السهر ليلاً فى «وقفة العيد» أو ليلة العيد مع أبناء العائلة أو الأصدقاء حتى أداء صلاة العيد وتهنئة المصلين لبعضهم البعض، ومن ثم الاجتماع صباحاً حول صوانى الكحك والبسكويت والانطلاق فى خروجات التنزه نهاراً وسهرات العيد مساء، ويؤكد أساتذة علم الاجتماع أن «لمة الأسرة» كباراً وصغاراً لها أهمية كبيرة فى تقوية الروابط الأسرية والاجتماعية، ووسيلة لنقل الخبرات بين الأجيال وتعزيز التواصل بينهم بشكل حقيقى وليس افتراضياً. «عز الدين»: «محتاجين ناخد راحة من النت علشان نحس بجو العيد» وأكدت الدكتورة إنشاد عز الدين، أستاذ علم الاجتماع بجامعة المنوفية، أهمية تجمع ولمة العائلات والجيران والأصدقاء فى الأعياد والمناسبات، لتقوية الروابط الأسرية والاجتماعية، موضحة أن تسارع وتيرة الحياة وانتشار وسائل التواصل الاجتماعى مثلت فى السنوات الأخيرة عائقاً أمام الأصدقاء والأسر للتجمع، لذا وجب استغلال فرص الأعياد والمناسبات للاجتماع حول سفرة طعام واحدة، أو اللمة لمشاهدة مسرحية أو فيلم تتناقش العائلة حول أحداثه، ما يخلق جواً من الألفة والترابط بين الكبار والأطفال وبين الأجداد والأحفاد. «اللمة تخلق نوعاً من الانتماء للأسرة ومن ثم الانتماء للمجتمع».. وفقاً لما أضافته عز الدين ل«الوطن»، موضحة أن الأجداد والجدات هم الأكثر حرصاً على اللمة، رغبة منهم فى استمرار الطقوس التى اعتادوا عليها منذ طفولتهم من حيث السهر يوم الوقفة أمام التلفاز فى جلسات عائلية، ومن ثم الاجتماع صباحاً لأداء صلاة العيد، ليتم بعد ذلك تناول الفطور والكحك والبسكويت، وإعطاء العيديات لأطفال العائلة: «طقوس ولمة العيد ليها طعم مختلف لازم ننقله لأحفادنا وللأجيال الجديدة»، مؤكدة أهمية التفرغ للمة العائلة، وأخذ راحة من الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعى للشعور بأجواء العيد الحقيقية. وتابعت الدكتورة إنشاد عز الدين، مؤكدة أهمية اللمة من الناحية الاجتماعية؛ لأنها تخلق نوعاً من الاحتواء والاهتمام بين البشر من خلال مشاركتهم مواقف وعادات حياتهم مع بعضهم البعض، وتقديم المساعدة لمن يحتاج، كما تعمل اللمة على نقل الخبرات بين الأهل والأصدقاء، ما يؤدى فى نهاية الأمر إلى زيادة الألفة والود والترابط. «اللمة بتحسس الأطفال بالسند وبتنمى فيهم روح المساعدة والانتماء».. هذا ما قالته الدكتورة سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، فى حديثها ل«الوطن»، حيث اعتبرت لمة العائلة فى الأعياد والمناسبات بمثابة درس تعليمى للأطفال حول معنى القدوة والعائلة، من خلال مشاركة الصغار لكبار العائلة فى إعداد الطعام، والتحضير للخروج فى نزهات جماعية، فضلاً عن كونها فرصة للتعرف عن قرب بأفراد العائلة، ما يخلق الألفة والترابط بينهم. «خضر»: اللمة متنفس للحديث والفضفضة.. وتعتبر وسيلة لنقل الخبرات وأضافت «خضر» أن لمة العائلة والأصدقاء تعتبر متنفساً للحديث والفضفضة حول ما يمر به الفرد من تطورات وتغيرات حياتية يود مشاركتها مع من يشعر معهم بالأمان، وهذا ما يحتاجه الإنسان من حين لآخر حتى يكمل حياته باتزان: «بنحتاج نفصل من وقت للتانى مع ناس بنحبهم وواثقين إنهم هيسمعونا بكل اهتمام»، وتابعت أن لمة الأعياد فرصة كذلك لاجتماع المغترب مع عائلته، للشعور بالجو الأسرى الذى يفتقده طوال أيام السنة. كما أوضحت أستاذة علم الاجتماع أن هناك العديد من الأنشطة التى تقوى الروابط الاجتماعية، ويحب أبناء العائلة أو الأصدقاء والجيران القيام بها فى الأعياد من أجل قضاء وقت ممتع، مثل الخروج فى نزهات فى الحدائق العامة، وممارسة الرياضات الجماعية فى النوادى، أو اختيار أحد الأفلام لمشاهدتها فى السينما، موضحة أن اللمة حول مائدة الطعام هى أفضل تجمع يفضله المصريون، لذا عادة ما يقضون وقتاً مميزاً فى إعداد كحك العيد، وكذلك تحضير سفرة غداء بها أصناف عديدة يحبها الجميع: «مهم لينا كلنا نعيش أجواء اللمة فى العيد.. ونحاول نضحك من قلوبنا ونسجل ذكرياتنا سوا.. كل ده هيفرق فى علاقتنا وقربنا لبعض».