مدرس الأديان بالأزهر: الإمام الجعفري نذر حياته وصرف وقته في هداية الناس داعيا ومربيا

قال د. أحمد البصيلى، مدرس الأديان والمذاهب بجامعة الأزهر، إن الإمام صالح الجعفرى نذر حياته وصرف كل وقته فى هداية الناس ودلالتهم على الله داعياً ومربياً. أكد «البصيلى»، فى حواره مع «الوطن» أن حلقة دروسه بالجامع الأزهر الشريف كانت جامعة إسلامية علمية المذهب صوفية المشرب تربط بين النفس والروح وتزكى كل منهما.. وإلى نص الحوار:
يحمل الشيخ صالح الجعفرى سيرة ومسيرة صوفية عطرة.. حدثنا عنها؟
- الإمام المؤسس عالم أزهرى، شريف سليل بيت النبوة، يرجع نسبه لمولانا الإمام الحسين، تلقى العلوم بالأزهر الشريف، على يد نخبة من كبار العلماء العاملين، الذين جمعوا بين الشريعة والحقيقة، ومنهم الشيخ محمد إبراهيم السمالوطى، والشيخ محمد بخيت المطيعى، والشيخ حبيب الله الشنقيطى، العالم المحدث المشهور، وكان صالح الجعفرى يحضر دروس هؤلاء العلماء حضور الواعى المتفهم المحب للعلم وأهله، فكان كثيراً ما يناقش شيوخه ويحاورهم فى أدب جم، وكانوا يعجبون به وبفطنته وقوة حافظته، وحجته فيثنون عليه خيراً ويدعون له بالتوفيق والبركة.
خطبه وكتبه خاطبت الخواطر والضمائر وأجابت عن تساؤلات العقول فكانت مظهراً للحقيقة الصوفية
من أبرز ميراث الشيخ الجعفرى حلقات درسه بالأزهر.. كيف كان تأثيرها على المريدين والطلاب؟
- كان يعطى من كنوز عقله، ومواهب فكره، وفيوضات قلبه، وروحانية روحه، فكان يخاطب الخواطر والضمائر، ويجيب عن تساؤلات العقول، وهواجس النفس، فكانت حلقة درسه جامعة إسلامية، علمية المذهب، صوفية المشرب، تربط بين الشريعة والحقيقة، والظاهر والباطن، والنفس والروح، والعقل والخاطر. ويحدثنا عنها نجله وخليفته الشيخ عبدالغنى صالح الجعفرى فيقول: كانت حلقة درسه الشهيرة بعد صلاة الجمعة بالأزهر الشريف جامعة إسلامية صوفية تعمقت فيها أصول الدين والشريعة علماً، وكانت فيها أصول روحانية التصوف تربية، فكانت مظهراً للحقيقة الصوفية.
وماذا عن خصائص منهج الشيخ صالح الجعفرى فى الدعوة إلى الله تعالى؟
- نذر حياته وصرف كل وقته فى هداية الناس ودلالتهم على الله داعياً ومربياً وموجهاً ومرشداً، فقد كان الشيخ يدرك ببصيرته النافذة أن الدعوة لا تعتمد فى نجاحها على جانب واحد، بل لا بد فيها من إمكانيات متعددة ومواهب مختلفة واستعدادات خارقة من حيث الإحاطة بالعلوم والفنون والمصادر، وما يصدر عنها فى القديم والحديث، فكان منهجاً متقناً محكماً يجمع فى ثناياه كل عناصر النجاح من علم وعمل وتأثير فى المدعوين، فكان داعياً بالغ الأثر فى نفوس الناس لما عرف عنه من صلاح وتقوى وزهد فى الحياة الدنيا ومراقبة لله، فكان يعظ الناس بسلوكه وأفعاله وأحواله قبل أن يعظهم بدروسه وخطبه وأقواله.
وماذا عن التصوف فى حياة الإمام صالح الجعفرى؟
- الإمام الجعفرى ارتاد رياض العلم منذ أن كان صبياً يلهو أقرانه ويلعبون، فقد نشأ فى بيئة علم ودين، ولما كان التصوف هو طريقه ومنهج حياته نظر الإمام الجعفرى إلى طلب العلم نظرة صوفية خالصة، فقد طلبه فى صغره ليكون وسيلته وطريقته إلى حضرة ربه ومولاه، واتخذه زاداً ليعينه على استواء غرس شريعته، لتطيب ثمار حقيقته، فالعلم عند القوم عبادة ومنهج وسلوك.
ومن الثابت لدى علماء التصوف أن التصوف -علماً وطريقة- له ركنان: الشريعة، والحقيقة، وهما متلازمان تلازم الروح للجسد، لا تتحقق الحياة إلا بهما معاً، ومرتبطان ارتباط الظل بأصله، لا يتصور وجود أحدهما بغير وجود الآخر، فلا يعقل أن يدعى أحد الحقيقة بدون أن يعلم ويفقه أسرار الشريعة، وأيضاً فإن من يظن أنه ليس فى حاجة إلى علوم الحقيقة ما دام قد تفقه وتشرع فإن وقوفه عند حد الشريعة وحدها يحرمه من جنى ثمارها، ويكون كمن سار فى طريق ليس له نهاية أو أطلق سهماً من كنانته لم يحدد له غاية، وقد أشار الإمام الجعفرى إلى ذلك بقوله: «بحر شريعتك لولاه ما كانت حقيقتك، وبحر حقيقتك لولاه ما تمت شريعتك».
الصحوة الشبابية
أسسها الإمام عبدالغنى الجعفرى، حيث أقام فى طريقه صحوة صوفية شبابية ودعا لها المجتمع الصوفى بأسره، فاحتضن الشباب والناشئة، ورباهم على الفضيلة والبر، وغرس فى نفوسهم العزة والهمة، وثقفهم وغذى عقولهم بفكره المستنير، وأرشدهم إلى تجنب الانغماس فى الشهوات، وحذرهم من الانحراف.