البابا تواضروس الثاني يؤكد وحدة الكنيسة خلال لقائه طلاب مدرسة مارمرقس بسيدني    جامعة المنوفية تنظّم ماراثون "رياضة ضد العنف" في ختام حملة "أنتِ بأمان"    زيادة مفاجئة في سعر الدولار الآن.. تحديث عاجل من البنوك    مدبولي يتفقد مشروع رفع كفاءة مركز تكنولوجيا دباغة الجلود بمدينة الروبيكي    المجر: معدل التضخم يتراجع إلى 3.8% في نوفمبر الماضي في أدنى مستوى له خلال عام    نادي الأسير: إسرائيل تعتقل 40 فلسطينيا في الضفة    "حماس" تحذر من تداعيات المنخفض الجوي الجديد على غزة    منتخب مصر ينتظر هدية ال 60 مليون جنيه من مواجهة الأردن    استمرار إغلاق ميناء الصيد ببرج البرلس لليوم الخامس على التوالي    محافظ القاهرة: رفع درجة الاستعداد لمواجهة الأمطار وتوزيع المعدات بمناطق تجمع المياه    محافظ المنيا: فحص أكثر من 195 ألف طالب ضمن مبادرة "100 مليون صحة" للكشف الأنيميا والسمنة والتقزم    زلزال جديد بقوة 5.3 درجات يضرب قبالة محافظة آومورى اليابانية    ميناء دمياط يستقبل 7 سفن خلال 24 ساعة    رئيس اللجنة القضائية: تسجيل عمومية الزمالك يتم بتنظيم كامل    الكرة النسائية.. شاهندا المغربي حكمًا لمباراة مسار والبنك الأهلي    الضويني يهنئ وزير الرياضة لاختياره رئيسا للجنة الحكومية الدولية للتربية البدنية باليونسكو    محافظ أسوان يؤكد إنهاء جميع التجهيزات والاستعدادات النهائية لجولة الإعادة للانتخابات البرلمانية    وزير الإسكان: 721 مليون يورو محفظة المشروعات الجارية مع بنك الاستثمار الأوروبي    ضبط 3 عناصر جنائية شديدة الخطورة لقيامهم بغسل 160 مليون جنيه من حصيلة الاتجار بالمخدرات    سحب 878 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    إحالة عاطل للجنايات لاتهامه بحيازة كمية من المواد المخدرة بالقاهرة    المركز القومي لثقافة الطفل يعلن بدء تحكيم جائزة التأليف المسرحي، وإعلان الفائزين في نهاية يناير    غدا.. بدء عرض فيلم الست بسينما الشعب في 9 محافظات بأسعار مخفضة    قطر تحتفي بالأوبرا المصرية في افتتاح مهرجان الأوبرا العربية بالدوحة    إبراهيم قاسم: لا مخالفات فى التصويت بالخارج لانتخابات النواب حتى الآن    زيلينسكي يصل روما لمناقشة خطة السلام بأوكرانيا    صيدلة بني سويف تنظم حملة توعوية حول الغذاء الصحي لطلاب المدارس    محافظ الدقهلية يتفقد مركز طب الأسرة بمحلة دمنة ويؤكد: الخدمات الطبية والعلاجية للمواطن أولوية لا تحتمل التأجيل    رشا عبد العال: «كارت تميز ضريبي» لتسهيل إجراءات تعامل شركائنا الممولين مع المصلحة    موعد مباراة برشلونة وفرانكفورت في دوري أبطال أوروبا.. والقنوات الناقلة    وزير الري يتابع الموقف التنفيذي للمشروع القومي لضبط النيل    أزمة الكلاب الضالة في مصر.. بين الأمان العام وحقوق الحيوان    إحالة عامل قتل صديقة بسبب خلافات فى المنوفية إلى المفتى    علاء عابد: خطوة فلوريدا تجاه الإخوان و"كير" انتصار دولى جديد ضد قوى التطرف    قافلة «زاد العزة» ال90 تدخل إلى الفلسطينيين بقطاع غزة    مراسلون بلا حدود: مقتل 67 صحفيا أثناء تأدية واجبهم هذا العام نصفهم في غزة    وفد الوكالة الكورية للتعاون الدولي في زيارة لكلية السياحة والفنادق بجامعة القناة    رحاب الجمل: محمد رمضان في "احكي يا شهرزاد" كان ملتزم وبيصلي    وزير الثقافة يلتقي نظيره الأذربيجاني لبحث آليات تعزيز التعاون بين البلدين    وزير الثقافة يلتقي نظيره الأذربيجاني لبحث التعاون بين البلدين    جعفر بناهي يترشح لجائزة أفضل مخرج في الجولدن جلوبز عن فيلم «كان مجرد حادث»    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 9ديسمبر2025فى محافظة المنيا    ضبط 1.5 طن سكر ناقص الوزن وغير مصحوب بفواتير بمركز ديروط فى أسيوط    عضو «حقوق الإنسان»: انتخابات مجلس النواب تتم في سهولة ويسر    رفض ليبي لتصريحات يونانية حول الحدود البحرية    فريق جراحة القلب والصدر بمستشفيات قنا الجامعية ينقذ شابا من إصابة قاتلة بصاروخ تقطيع الرخام    فوائد الامتناع عن الطعام الجاهز لمدة أسبوعين فقط    السكك الحديدية: تطبيق إجراءات السلامة الخاصة بسوء الأحوال الجوية على بعض الخطوط    الحبس عقوبة استخدام التخويف للتأثير على سلامة سير إجراءات الانتخاب    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : ماذا تعمل ?!    بدء تصويت الجالية المصرية فى الأردن لليوم الثانى بالدوائر ال 30 الملغاة    الخشيني: جماهير ليفربول تقف خلف محمد صلاح وتستنكر قرارات سلوت    دعاء الفجر| اللهم ارزقنا نجاحًا في كل أمر    الكواليس الكاملة.. ماذا قال عبد الله السعيد عن خلافه مع جون إدوارد؟    هل يجوز إعطاء المتطوعين لدى الجمعيات الخيرية وجبات غذائية من أموال الصدقات أوالزكاة؟    مراد عمار الشريعي: والدى رفض إجراء عملية لاستعادة جزء من بصره    المستشار القانونى للزمالك: لا مخالفات فى ملف أرض أكتوبر.. والتحقيقات ستكشف الحقيقة    لليوم الثالث على التوالي.. استمرار فعاليات التصفيات النهائية للمسابقة العالمية للقرآن الكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سكان المقابر يتحدثون من داخل المأساة: «أموات.. عايشين جنب أموات»
«صابر»: «نفسى آخد شقة أعيش فيها أنا وعيالى وأسيب المقابر للأموات».. و«ضاحى»: «ليا أصدقاء أجانب بيزورونى كل ما ينزلوا القاهرة»
نشر في الوطن يوم 06 - 01 - 2015

صارت وجوههم مألوفة للمواطنين العاديين من فرط ظهورهم على الشاشات وصفحات الجرائد، تتغير الأحوال والأوضاع السياسية حولهم فى العاصمة المصرية، ويتغير الرؤساء ورؤساء الحكومات والوزراء والمحافظون لكنهم ثابتون فى أماكنهم وصامدون ضد تقلبات الأيام، إنهم سكان المقابر الذين ورثوا الأحواش والقبور عن آبائهم وأجدادهم، لا يهمهم أى شىء سوى لقمة العيش والبحث عن حياة كريمة، لم يهنأوا بها بعد. التقت «الوطن» عدداً من سكان مقابر ترب الغفير ورصدت ما آلت إليه أوضاعهم.
أمام باب أحد الأحواش فى حارة الزمر الضيقة بمنطقة المجاورين بمقابر الغفير جلس صابر ياسين محمد، صاحب ال58 عاماً، على كرسى خشبى للحصول على قسط من الدفء الناتج عن أشعة الشمس الساطعة بعد ليل شديد البرودة، ورث «صابر» الحوش عن والده وتزوج وأقام به طوال حياته، لا يحلم إلا بالحصول على شقة تؤويه هو وزوجته وابنيه، يقول «صابر» فى هدوء: «أنا تربى ماسك القرافة اللى فى المنطقة وكل الناس هنا تعرفنى بالاسم، من أول ما وعيت على الدنيا هنا ما شفتش ولا مسئول ولا محافظ جه زارنا أو عمل لنا حاجة، إحنا ميتين بالحيا، أموات عايشة مع أموات، نفسى فى أى شقة تكون بعيدة عن المنطقة هنا».
يضيف «صابر»: «زى ما انت شايف أنا قاعد كده مستنى الرزق لأن شغلتنا دى على الله، ممكن أدفن 2 فى الشهر أو محدش يموت فأقعد من غير شغل، بعد المغرب كل الناس بتدخل أحواشها وتنام من الساقعة، وبالليل بنخاف نخرج من البلطجية».
وبجوار الأكاديمية الصوفية فى شارع سلطان أحمد كان يجلس على ضاحى، البالغ من العمر 80 عاماً، أمام حوش كبير وبجواره بعض معدات صناعة الحرير التقليدية، تلمع عين الرجل عند استقبال الزائرين الجدد، وترتسم الابتسامة على وجهه حتى تظهر أسنانه التى نال منها الزمن، تبدو هيئته أصغر من سنه، صار وحيداً فى الحوش بعد أن ماتت عنه زوجته قبل 5 أعوام وزواج أبنائه فى شقق خارج المنطقة.
يقول «ضاحى» مفتخراً: «أنا بحب المكان ده جداً وما أحبش أطلع منه ولا أسكن فى حتة تانية، أولادى بيقولولى تعالى أقعد معانا يومين تلاتة لكن أنا ما بحبش أتطفل على حد، حتى لو كانوا عيالى ولو رحت ليهم ما بدخلش وإيدى فاضية، أنا راجل حرايرى وطول عمرى شغال فى المهنة دى لحد دلوقتى، وكنت بكسب فى الشهر 2500 جنيه لكن بسبب تدهور الأوضاع ما اشتغلتش من 4 شهور، وباخد معاش من الحكومة حوالى 350 جنيه فى الشهر، مش بيكفونى، لكن الحمد لله ما باخدش جنيه من حد، وعيالى الخمسة علمتهم كلهم والكبير بتاعهم مدير عام فى التأمين الصحى».
يرجع «ضاحى» ظهره للخلف ويقول مبتسماً: «أنا مصاحب أجانب كتير بييجوا يزورونى هنا على طول أمريكان وأستراليين، وأنا بعزمهم على الفطار والغدا، أنا بعزمهم مجدعة وعشان أحسن صورة المصريين، ومش منتظر منهم حاجة عشان كده هما بيحبونى، دا حتى فيه واحد أمريكانى كان عندى هنا من 8 شهور».
يدخل عم على إلى الحوش ويشير بيده إلى غرفة الجلوس وغرفة نومه التى توجد بها شاشة تليفزيون كبيرة، ويقول: «أنا بحب أقعد قدام التليفزيون وبحب السياسة قوى وبعرف مذيعين كتير بحب ناس منهم وفيه ناس ما بحبهاش»، يجيد التحدث عن الأوضاع، قائلاً: «حسنى مبارك لأنه هو اللى بوظ البلد وباع كل حاجة فيها، والحزب الوطنى بتاعه هو سبب الفساد اللى موجود دلوقتى، رشاوى واختلاسات ووسايط وبهدلة فى المصالح الحكومية وتفاوت رهيب فى الأجور»، ويتابع حديثه عن الرؤساء: «أنا زعلت جداً على عبدالناصر لما مات وبكيت عشانه، لكن زعلى على السادات كان أقل لأنه هو اللى عمل الانفتاح اللى فى رأيى سبب خراب مصر».
يدخل عم على المطبخ ويشير إلى الأدوات التى يمتلكها ويقول مفتخراً: «أنا بطبخ هنا كل أنواع الأكل ومش باكل إلا بالسمن البلدى ومش حارم نفسى من حاجة، لما الست بتاعتى ماتت دفناها فى مكان تانى ما دفنتهاش هنا، عشان ما يبقاش سرقة للمقابر اللى أنا قاعد فيها، وأنا بروح أزورها وأقرأ لها الفاتحة على طول، كانت ست محترمة علمت ولادها وربتهم كويس ربنا يرحمها»، يتحدث عن وقت التسلية فى الأحواش والتى تقتصر على الجلوس على المقاهى أو الفرجة على التلفاز، وينهى حديثه بالدعاء للبلد قائلاً: «يارب حال البلد يتصلح».
أما سناء إسماعيل، صاحبة ال52 عاماً، التى تسكن فى حوش جمال عبدالهادى بمنطقة المجاورين فتقول: «الأموات بيكونوا نايمين، وبنقعد أنا وجيرانى نتكلم جنبهم بس لما بيكون فيه ميت جديد بقعد كام يوم خايفة لكن بعد كده بتعود عليه»، وعن الأوضاع الحالية تؤكد: «عاوزين واحد يعمل الصح وخلاص، الكل بيتكلم وبس، الكلام مش بفلوس، نريد فقط شقة آدمية نسكن بها أنا وعيال ابنى اللى قاعد معايا هو ومراته، عددنا 9 نسكن فى غرفتين بس. بخاف على الواد الصغير ابن ابنى لما بيروح يلعب جنب المقابر فى قلب الحوش بتاعنا، منذ 6 شهور جالنا موظفين من الحكومة بجانب شباب كثيرين من جمعيات خيرية ومن بنك الطعام لبحث حالتنا ومساعدتنا بالأغذية ولم نتلق أى شىء منهم».
يظل سكان المقابر متأهبين لاستقبال زائر جديد ما بين متوفى يزيد من كثافة الحضور بينهم، أو باحث يعدهم بتحسين أوضاعهم التى لم تشهد تغييراً طوال حياتهم فى ذلك المكان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.