شهدت مصر خلال عام 2014 أزمة وقود خانقة غير مسبوقة تسببت في تكدس السيارات أمام محطات التموين في مختلف أنحاء البلاد لساعات طويلة لاسيما في العاصمة "القاهرة" التي تعرَّضت لشلل مروري في العديد من المناطق بسبب الطوابير الممتدة أمام محطات التموين، ولم يختلف الوضع بعد عزل مرسي وبعد تولي السيسي للحكم وتولي حكومتين جديدتين بعد 30 يونيو لإدارة شؤون البلاد، حيث ظل الشعب يعاني من انقطاع التيار الكهربائي بصفة يومية دون أن يجد مسؤولًا واحدًا يعطيه سببًا مقنعًا لحقيقة الأزمة، أو أملاً مؤكدًا في حل المشكلة، وعلى إثر ذلك قرر بعض المواطنين في الفترة الأخيرة عدم دفع فواتير الكهرباء، ما دام التيار لم ينتظم، حيث يؤدي انقطاع الكهرباء بشكل مستمر إلى تعرض المواطنين لخسائر يومية فادحة. أزمة الكهرباء والطاقة كانت أحد أهم الأسباب التي أطاحت بالرئيس المعزول محمد مرسى، فخلال العام الذي قضاه تكرر أمر انقطاع الكهرباء في أنحاء الجمهورية وكان مشهد تكدس السيارات أمام محطات الوقود أمرًا يوميًا، فقد زادت خلال الأشهر الأخيرة من حكم مرسي أزمات الطاقة والكهرباء، بل كانت هي أهم سبب مباشر في الإطاحة بحكمه، وظن البعض أن أحد أسباب أزمة الطاقة "التعاون الوثيق" الذي ربط جماعة الإخوان بحركة حماس، ولذا كانت حملة هدم الأنفاق مرحبًا بها داخل قطاعات واسعة من الرأي العام المصري، وبعد إعلان خارطة الطريق في الثالث من يوليو الماضي، ودخول خارطة الطريق العام الجديد، وخلال شهر يناير 2014 تكرر مشهد انقطاع التيار الكهربائي وتجددت مخاوف أيضًا من عودة أزمات الوقود وتكرار مشهد تكدس السيارات. مشكلة الكهرباء وانقطاعها المتكرر لا تخفى على المصريين، وإن جزءًا منها يقع على كاهل قطاع الكهرباء فيما يقع الجزء الآخر على الوقود الذي يشغل المحطات إلى جانب حجم استهلاك المواطن، حيث إن 42% من استهلاك الكهرباء في البلاد استهلاك منزلي ما يجعل مصر دولة تستهلك ولا تنتج. وتباين الإعلام في تناول المشكلة بين "معلش هنعمل إيه.. والبلد رايحة في داهية"، حيث قال الإعلامي محمود سعد، إن الرئيس عبدالفتاح السيسي "ملهوش دعوة" بأزمة انقطاع الكهرباء وطالب المصريين بالبحث عن البدائل بدلًا من انتقاد الرئيس، رافضًا المساواة بين السيسي والمواطنين في قطع الكهرباء: "مينفعش الكهربا تقطع عن منزل الرئيس، في حراسات وأمن وضباط بيأمنوه"، وطالب سعد المواطنين بالصبر على قطع الكهرباء: "معلش هنعمل إيه، لازم تستحملوا وتصبروا على قطع الكهرباء"، فيما سخر الإعلامي من الوعكة الصحية التي تعرض لها الدكتور محمد اليماني، المتحدث باسم وزارة الكهرباء، قائلًا: "ده من دعاء الناس عليكم بسبب الفواتير واللي بتعملوه في الفواتير". من ناحية أخرى، عبَّرت الإعلامية جيهان منصور عن غضبها بسبب أزمة انقطاع الكهرباء والذي تسبب في انقطاع المياه وقطع البث عن عدد من القنوات، قائلة: "الشعب بدأ يزهق من تبريراتك يا حكومة.. دي مسخرة"، مؤكدة أن انقطاع الكهرباء تسبب في تعطل المترو والقطارات وخسائر كبير في شركات الأغذية بسبب فساد الأطعمة، مشيرة إلى أن تبريرات الحكومة غير منطقية قائلة: "هو إحنا يعني بنخترع العجلة". بينما شن الإعلامي مصطفى بكري، هجومًا على وزير الكهرباء ووصفه ب"المتراخي" لأنه يرى في وزارته الإخوان "معششين"، متهمًا محمد شاكر بالانتماء لجماعة الإخوان، حيث إن وزير الكهرباء الحالي كان من ضمن قائمة الإخوان في نقابة المهندسين عام 2011، بحسب قول بكري، وتعجب الإعلامي من تفاقم أزمة الكهرباء والتي عانى منها الشعب المصري، في كل المناطق على مستوى الجمهورية، مُبينًا أنه ينبغي عدم الضغط على الموطن وتحميله أعباء إضافية، قائلًا: "حبنا للرئيس السيسي لن يجعلنا نغفل أعيننا أمام التقاعس الحكومي". فيما سخر الإعلامي عمرو أديب من عناصر الإخوان وأكد أن وزير الكهرباء أقال أربع قيادات من جماعة الإخوان داخل الوزارة، قائلًا: "أنا عارف إنكم بتحبوا رقم أربعة أوي"، مشيرًا إلى أن عناصر الإخوان داخل وخارج مصر يخططون لمؤامرات على مصر. وطالب الإعلامي تامر أمين، وزير الكهرباء بتقديم الاستقالة موجهًا حديثه له قائلًا: "ارحل.. سواء مقال أو مستقيل، ففي أي بلد محترمة يجب أن يتحمَّل الوزير مسؤولية ما جرى في مصر من انقطاع التيار الكهربائي عن غالبية أنحاء الجمهورية الخميس الماضي"، مشيرًا إلى أن مبدأ الثواب والعقاب يجب أن يُطبَّق في هذة المرحلة بحسم وحزم، وأكد الإعلامي أن اليومين الماضيين شهدا أعلى فترة انقطاع للكهرباء منذ بداية أزمة الكهرباء، مضيفًا: "الحكومة بتهزر وإن كان حبيبك عسل متلحسهوش كله، فالشعب يصبر الآن على الرئيس السيسي، وانتم عارفين بيحصل إيه لما الناس بتتخنق"، موضحًا أن الحكومة تمنع قطع الكهرباء عن المواطنين أصحاب العلاقات، ولهم تأثير على الرأي العام، في حين أنها تقطعها بشكل مستمر عن المواطنين البسطاء"، قائلًا: "الحكومة مش بتقطع الكهرباء عن الناس اللي صوتها واصل". بينما شن الإعلامي توفيق عكاشة هجومًا ضاريًا على وزير الكهرباء الدكتور محمد شاكر، بسبب فاتورة كهرباء منزله، التي وصلت ل3600 جنيه، قائلًا: "ليه يا ولاد 3600 جنيه، هي شقة ولا مصنع، بس المحصِّل بقى اللي بيتعب، راح لمراتي قالتله روح يا ابني مش دافعين"، مهددًا وزير الكهرباء: "والله ما انت قاعد فيها يا وزير الكهرباء، واعمل اللي انت عاوزه"، واعتبر توفيق عكاشة أن ثورة 25 يناير تمثِّل السبب في الانقطاع المتكرر للكهرباء، قائلًا: "ثورة 25 يناير ليست ثورة وإنما مؤامرة لتدمير الاقتصاد المصري". من ناحية أخرى، فاجأ الإعلامي جابر القرموطي، مشاهدي برنامجه بالظهور بملابس عامل بوزارة الكهرباء، تزامنًا مع انقطاع التيار عن معظم المحافظات، قائلًا: "كل مسؤول هيطلع زي الشعرة من العجين، وهنشوف مين اللي كان قدام التحويلة، ونسكعوا 10 سنين سجن، وفي الآخر نغرموا كمان"، ساخرًا من تصريحات وزارة الكهرباء التي ناشدت المواطنين بها بتخفيف الأحمال، قائلًا: "وأنا مسامح لو اتفرجتوا على البرنامج وقفلتوا النور، لأن أنا منور"، فيما أكد الإعلامي أن الرئيس السيسي أمامه الكثير من المشاكل والقضايا ويجب على المواطنين الاعتماد على أنفسهم لحل مشكلة الكهرباء. وأدرج الإعلامي يسري فودة أزمة الكهرباء على قائمة أولوياته وخصص لها مقدمة نارية في برنامجه، قائلًا: "استيقظ المصريون صباح اليوم، على ظلام، تخفيف أحمال؟ من أين جاءت الأحمال بينما كنا نيامًا؟ (مناورة للصيانة)، على حد تعبير الوزير، تثير حالة من البلبلة بعد انقطاع التيار الكهربي في كثير من أرجاء مصر، تأثر محافظات بأكملها ومناطق عدة في العاصمة وقطاعات حيوية من بينها الصحة والاتصالات والنقل ومدينة الإنتاج الإعلامي، نحن الإعلاميين الذين كانوا على الهواء، وجدوا أنفسهم فجأة خارج الهواء، ماذا حدث؟ ولماذا حدث؟ من المسؤول؟ ولماذا يستغرق الأمر ساعات طويلة قبل عودة السيطرة؟ وكيف يمكن تجنب ذلك في المستقبل؟". يبقى أن المصريين كانوا ولا يزالون منذ قديم الأزل لا يكفون عن السخرية من مشاكلهم الاقتصادية ومن حكامهم، ويبقى أيضًا أنه وبعد ثورتين وانهيار ثلاثة أنظمة للحكم في ثلاث سنوات، أن السخرية قد تكون بداية اعتراضهم، لكنها لم تعد هي طريقهم الوحيد للاعتراض، حيث قال أحد النشطاء على موقع التواصل الاجتماعي: "الواد اللي كان بياخد 20 جنيه عشان يشد سكينة الكهرباء أيام مرسي كان متعين بعقد مؤقت.. بس الحمد لله اتثبت في عهد السيسي".