حضرت يوم الأربعاء الموافق 17/12/2014 ندوة تناقش: دور ومستقبل عمل الآليات الدولية لحقوق الإنسان، بمناسبة الاحتفال باليوم العالمى لحقوق الإنسان. قام بتنظيم هذه الندوة وزارة الخارجية، بالمشاركة مع المجلس القومى لحقوق الإنسان. وحضور ومشاركة معظم الشخصيات والمنظمات المهتمة بحقوق الإنسان فى مصر، حتى بعض سفراء أو ممثلين لسفراء من أمريكا الجنوبية ومن آسيا. تحدث فى الجلسة الافتتاحية أو الأولى من الندوة، التى أدارها بحنكة كبيرة السفير الهمام هشام بدر، مساعد وزير الخارجية للشئون متعددة الأطراف والأمن الدولى، كل من: د.بطرس بطرس غالى، السكرتير العام الأسبق للأمم المتحدة، والأستاذ محمد فايق، رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان، والسفيرة الوزيرة مشيرة خطاب، وزير الدولة لشئون الأسرة والسكان سابقاً، ثم اختتمت الجلسة الافتتاحية السيدة أنيتا نيرودى، المنسق المقيم للأمم المتحدة، والممثل المقيم لبرنامج الأممالمتحدة الإنمائى فى القاهرة (undp). أما الجلسة الثانية فتحدث فيها كل من د.منى ذو الفقار، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، والأستاذ حافظ أبوسعدة، والسفيرة نائلة جبر، والسفير جهاد ماضى، ووزير الخارجية الأسبق محمد العرابى، والسفير محمد عز الدين عبدالمنعم وغيرهم. كل المداخلات والتعقيبات، فضلاً عن التقديم والإدارة الحكيمة، جعل الندوة أنموذجاً يحتذى به، فى نواحٍ عديدة. طبعاً فى هذا المقال المقتضب، لا نستطيع أن نذكر كل ما هو جميل تفصيلاً، أو كل ما قيل فى الندوة أو عنها فى التعقيبات. ولكننى هنا أذكر نقاطاً رئيسية مهمة. النقطة الأولى: أن معظم الذين تحدثوا فى هذه الندوة لهم تاريخ كبير فى مجال حقوق الإنسان، والإسهام فى تطوير هذا الميدان فى الأممالمتحدة، وليس فى مصر وحدها، وأن بعضهم كانوا، ولا يزالون، أعضاءً بارزين فى لجان الأممالمتحدة المتعددة، من الطفل إلى المرآة إلى الأسرة إلى لجان التمييز ضد المرأة، إلى غير ذلك من لجان الحقوق الاقتصادية والثقافية وغيرها. وأوضحوا فى كلماتهم أن مصر لها دور قوى فى هذه المنظمة الدولية منذ نشأتها وحتى اليوم. النقطة الثانية المهمة هنا، هى الاقتراح الذى بلورته الندوة، من بين كثير من المقترحات المفيدة، بأن تتقدم مصر باقتراح تطوير الآليات فى الأممالمتحدة، وأن تقترح تحسيناً وتطويراً لتلك الآليات، وتقدم هذا المقترح للأمم المتحدة فى اجتماع مارس المقبل، وأرجو أن يكون ذلك ممكناً. أوضح السفير هشام بدر فى كلمته التى افتتح بها الندوة، أن الإعلان العالمى لحقوق الإنسان ألهم عملية التوصل إلى أكثر من 60 أداة لحقوق الإنسان تمثل فى مجموعها المعايير الدولية لحقوق الإنسان. كما أوضح نصاً «أن هذه المناسبة تمثل فرصة مواتية لتجديد الالتزام الدولى بمساندة عمل تلك الآليات الدولية وأن مصر حريصة على التفاعل والإسهام والتأثير فى بناء وتطوير تلك الآليات؛ لأنها تعكس الإرادة الكلية للدول أطراف المجتمع الدولى فى سبيل إعلاء احترام وحماية حقوق الإنسان والحريات الإنسانية». وهذا طبعاً تفكير إيجابى، فى وقت يقتصر فيه حضور وتمثيل دول عديدة، على مجرد الحضور، والاستماع ومناقشة التقارير والرد على الاتهامات أو حضور المراجعات الدورية، دون إعمال الفكر فى تطوير الأممالمتحدة نفسها بما فى ذلك الأنظمة والآليات. وهذا التطوير المقترح قد يعالج بعض جوانب من مشكلة التسييس، الذى تضغط به بعض الدول وبعض منظمات حقوق الإنسان فيها على دول أخرى ومنها مصر بعد الثورتين، استجابة لاستراتيجيات تلك الدول وذلك تحت سقف الأممالمتحدة. النقطة الثالثة: تتعلق باقتراح عمل موسوعة لحقوق الإنسان فى مصر، تسهيلاً للباحثين والدارسين، وإشاعة لثقافة حقوق الإنسان، وتصنيف الجهود السابقة ومستقبل تلك الحقوق، خاصة أن العالم كله شهد للدستور المصرى الجديد، خصوصاً باب الحقوق والحريات والواجبات العامة، وباب سيادة القانون (المواد من 51-100)، ولم يبق إلا التنفيذ المناسب الذى لا ينبغى أن يخالف شيئاً من ذلك كله، كما ورد على لسان أكثر من مشارك فى الندوة. النقطة الرابعة: الاهتمام بتنفيذ الاتفاقيات الدولية وفقاً للمادة (93) من الدستور الجديد، التى تنص على أن «تلتزم الدولة بالاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التى تصدق عليها مصر، وتصبح لها قوة القانون، بعد نشرها وفقاً للأوضاع المقررة». النقطة الخامسة: تتعلق بالمفهوم الشامل لحقوق الإنسان حتى يشمل هذا المجال الحيوى الحقوق الاقتصادية والثقافية إلى جانب الحقوق الاجتماعية والأمنية. وقد أسعدنا جميعاً أن يعلن اللواء أبوبكر عبدالكريم للاجتماع أن وزارة الداخلية طبعت الإعلان العالمى لحقوق الإنسان ووزعته على جميع المعنيين تعميقاً لتلك الثقافة المهمة فى المجتمع، وتمتين العلاقة بين الشرطة والأمن والمجتمع. النقطة السادسة: هى العمل المستقبلى فى مجال حقوق الإنسان، بمفهوم التعاون بين جميع المعنيين رسميين أو حكوميين وغير حكوميين، وبروح الفريق والتنسيق بين الجميع؛ لأنه لا فرق بين المؤسسات الرسمية فى الدولة ومنظمات المجتمع المدنى، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بحقوق الإنسان أو مواجهة التسييس ومحاولات الهيمنة والاتهامات الباطلة. كلمة ختامية أختم بها هذا المقال، إذ إن من أجمل ما قيل فى هذه الندوة، وينبغى البناء عليه، وهو تأكيد لما ورد فى الدستور الجديد «إذا كانت المرأة هى نصف المجتمع فإن الطفل هو المستقبل لكل مجتمع»، وأيضاً ما قيل من أن «الأمن القومى يتعزز باهتمام حقوق الإنسان ومراعاتها»، وأتمنى أن نرعى جميعاً العيش والحريات والعدالة والكرامة لأنها طوق نجاة للجميع، وهى متطلبات الثورة ومن جوهر حقوق الإنسان. والله الموفق.