صحيح أن الجواز قسمة ونصيب؛ إلا أنه حتى هذه القسمة لم تسلم من العادات والتقاليد ومعتقدات مَن سبقونا. ففى أيام أجدادنا كان من ضمن الثوابت تقريبا حقيقة أن «الولد لبنت عمه»، إلا أن أهالينا غيروا هذا المفهوم ليتحول إلى «زواج القرايب مصايب». وكم من قرايب جمعتهم قصص الحب الرومانسية وفرّقتهم سلطة الآباء. وكم من قرايب تحدوا الآباء ثم فشلوا فى الزواج، إلا أن هناك أيضا زيجات ناجحة. ولكن كيف يرى الشباب أنفسهم زواج القرايب؟ تقول أسماء محمد، الطالبة بكلية العلاج الطبيعى جامعة القاهرة، إنها تؤيد هذا الزواج ولو تم عمل إحصائية على مجموعة من المتزوجين الأقارب سنجد أن نسبة التشوهات بسيطة، فابن عمها متزوج من أختها وأبناؤهم طبيعيون ومتفوقون فى الدراسة وتعيش حياة سعيدة دون مشكلات. ولكن اختلفت معها هديل عبد العظيم، الطالبة بكلية العلاج الطبيعى جامعة القاهرة، إذ تقول «عمتى متزوجة من ابن بنت عمتى الأخرى وبعد شهرين من زواجها حملت ولكن للأسف لها 5 أخوات لزوجها كنّ ينشرن الملابس فى شقتها وفى يوم ذهبت لتزور أباها وكانت إحدى أخوات زوجها لها ملابس فى منزلها فلما جاءت ضربنها حتى فقدت جنينها وكان زوجها فى الخارج وطردنها خارج منزلها واتصلن بزوجها وقلن له إنه يجب أن يطلقها مع أنهم أقارب فقامت معارك عنيفة بين أهل زوجها وأهلها.. وهذا هو زواج الأقارب». وتحكى إسراء حسن، الطالبة بكلية الآثار جامعة القاهرة، أن لديها خالة تزوجت شخصا كانت تحبه فى الكلية وفى فرحها أُعجب أخوه بخالتها الأخرى وتزوجها وعاشت خالتاها الاثنتان فى بيت واحد حياة عادية عدة سنوات إلى أن احتكت إحداهما بالأخرى وبدأت الخلافات تتفاقم كل يوم بينهما وانتهى الأمر إلى أن الأختين انفصلتا وعاشت كل أخت فى منزل فى بلد ثانٍ. وتؤكد ولاء صلاح، الطالبة بكلية تربية نوعية جامعة القاهرة، أنه ليس كل زواج الأقارب مشكلات ولكن هذا يتوقف على مدى التفاهم والترابط بين الزوجين ومدى ارتباطهما وأن هناك نسبة ضئيلة جداً من زيجات الأقارب ينتج عنها تشوهات للأجنة أو خلافات بين الأقارب. ويؤيدها فى ذلك عمر القليوبى، الطالب بكلية الهندسة جامعة القاهرة، فيقول إن والده متزوج من ابنة عمه (أمه) ولم يحدث خلافات أو تشوهات لإخوته طوال 30 سنة زواج. واختلف معه لبيب عطا، الطالب بكلية آداب جامعة عين شمس فى أن والدته ابنة خالة والده وله أخ حدث له تشوه فى أثناء ولادته وكانت الفحوصات الطبية له أن التشوه هذا نتيجة لدرجة قرابتهما. وتعلق على ذلك نبيلة المولد، طبيبة نساء وولادة، فتقول إن أسباب الأمراض الوراثية عديدة ويجب على كل امرأة حامل متابعة التاريخ الأسرى للزوجة والزوج لمعرفة الأمراض الوراثية إذا وجدت، وبخاصة فى زواج الأقارب. وهناك أمراض مصاحبة للحمل تعمل على تشوهات الجنين، مثل جرثومة القطط، وهى نادرة وجرثومة الروبلا، وهذه يجرى لها فحص شامل يسمى التورس. وتضيف أن نسبة الأمراض الوراثية فى زواج الأقارب خصوصا من الدرجة الأولى (أولاد العم وأولاد الخال) تزيد على 60 %، وأن الفحص قبل الزواج بشكل عام ضرورى، خصوصا لزواج الأقارب أو فى أى تاريخ مرضى مسبق لدى الزوجين حتى وإن كانا من غير الأقارب. أما بخصوص رأيها فى زواج الأقارب فتقول: يفضل عدم الزواج من الأقارب، وإن كان لابد فيجب إجراء فحوصات للزوجين قبل الزواج لمعرفة الأمراض الوراثية.