مازال زواج الأقارب أحد الأسباب الرئيسية لانتشار الأمراض الوراثية فهو لايزال منتشراً ويشكل - طبقاً للإحصائيات - 10 ٪ من الزيجات عالمياً، أما فى مصر فهو يشكل حوالى 39 ٪ من حالات الزواج، وتعتبر مصر من أبرز الدول التى ينتشر بها زواج الأقارب وبالتالى فهى أعلى الدول نسبة فى حالات التخلف العقلى والذى ينتشر فى زيجات الأقارب. اشتهر الفراعنة بأنهم كانوا يسمحون بزواج الأخ لأخته واستمر ذلك إلى عهد البطالمة خلفاء الإسكندر المقدوني، حيث تزوجت الملكة كليوباترا الثانية من أخيها بطليموس السادس وعندما مات تزوجت من أخيها الثانى بطليموس الثامن لتحافظ على سيطرتها الشاملة على البلاد. اختفى زواج الأقارب من أوروبا منذ حوالى 600 عام لذلك فالأمراض الوراثية غير منتشرة بينهم، وفى بعض الولاياتالأمريكية لا تسمح بزواج أولاد العم والعمة والخال والخالة، أما اليهود خاصة طائفة الإشكيناز من الممكن أن يتزوج العم أو الخال من بنت أخيه أو أخته - وذلك حسب موسوعة دائرة المعارف اليهودية بلندن - لذا فهم يخضعون للفحص الطبى دائماً قبل الزواج لأن لديهم أمراضاً وراثية متوارثة بسبب زواج الأقارب تتراكم الصفات الوراثية غير الجيدة مما يؤدى إلى ضعف النسل فإذا تزوج إنسان بابنة عمه أو ابنة خاله كان كل منهما يحمل نفس العامل الوراثى المنتحى لمرض ما فهناك احتمال أن 25 ٪ من أولادهما ستظهر عليهم هذه الصفة و 50 ٪ منهم يحملون هذا العامل الوراثى المنتحى بدون ظهور أى أعراض و 25 ٪ منهم لن يحملوا هذه الصفة إذا كانت درجة القرابة بعيدة. زواج الأقارب يورث - طبقاً لآخر إحصائيات من دائرة المعارف البريطانية -حوالى 82 مرضاً من أبرزها الإجهاض المتكرر والإعاقات المتعددة ومرض زيادة الحديد بالدم وبالتالى التأثير على كفاءة القلب والكبد والبنكرياس والوزن غير المناسب للمواليد والذى يؤدى إلى زيادة نسبة الوفيات بين الأطفال المولودين. أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بالتخير إذ قال: "تخيروا لنطفكم" والتخير فى عصرنا الحاضر يحتاج إلى الاستشارة الوراثية فعن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب قال: "اغتربوا كى لا تضعفوا"، فزواج الأقارب لم يأت به نهى صريح فى الإسلام ولا حث عليه، فهو متروك لاختيار الناس والعدل ولعل هذا النهج يعزز ما توصل إليه الطب الحديث فى هذا الموضوع وهو أن زواج الأقارب ليس ضاراً بصورة كلية فهو قد ينفع فى حالات ارتفاع نسب العباقرة والأذكياء فى العائلة. فحص ما قبل الزواج أساسى لحياة زوجية سعيدة حيث يلعب التاريخ الطبى للأسرة دوراً مهماً فى فحص ما قبل الزواج خاصة أفراد العائلة الذين توفوا فى سن مبكرة أو عند الولادة، وحالات الإجهاض المتكررة بين الأفراد المتزوجين من أقاربهم وكذلك مشاكل التأخر فى التحصيل الدراسى بين الأولاد. يجب التأكد من الخلو من الأمراض المعدية وهذا يحد من انتقال الأمراض بين المتزوجين، فنحن نوصى بتشجيع الفحص قبل الزواج، حيث ينشأ جيل صحيح نفسياً وعقلياً، ولنأخذ من الدول الأوروبية ما فيه الصالح ولنبدأ من حيث انتهوا، وليبدأ كل فرد بإصلاح نفسه حتى يعم الانصلاح.