أبرزهم قرشي ونظير وعيد والجاحر، الأعلى أصواتا في الحصر العددي بدائرة القوصية بأسيوط    حملة «طفولتها حقها»: تحذيرات إنسانية من الصحة لوقف زواج القاصرات    «ترامب» يتوقع فائزًا واحدًا في عالم الذكاء الاصطناعي.. أمريكا أم الصين؟    جوتيريش يدين الغارات الإسرائيلية على غزة ويؤكد عدم قانونية المستوطنات في الضفة الغربية    ترامب محبط من روسيا أوكرانيا    تزايد الضغط على مادورو بعد اعتراض ناقلة نفط تابعة ل«الأسطول المظلم»    محافظ الجيزة يتفقد موقع حادث ماسورة الغاز بعقار سكني في إمبابة    سقوط «أيظن وميسي».. ثنائي الرعب في قبضة مباحث بنها    عمرو دياب يتألق في حفل الكويت ويرفع شعار كامل العدد (فيديو)    أشرف زكي: عبلة كامل بخير واعتزالها ليس له علاقة بأي مرض    الرئيس الأمريكى ترامب: زيلينسكي لا يدعم خطة واشنطن لإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا    فيديو.. لحظة إعلان اللجنة العامة المشرفة على الانتخابات البرلمانية الجيزة    د. أسامة أبوزيد يكتب: الإخلاص .. أساس النجاح    الحصر العددي لدائرة حوش عيسى الملغاة بانتخابات النواب بالبحيرة    مؤشرات الحصر العددي بدائرة بولاق، تقدم محمد إسماعيل وعلي خالد وإعادة مرتقبة بين حسام المندوه وعربي زيادة    قصف عنيف شمال شرق البريج.. مدفعية الاحتلال تشعل جبهة جديدة في وسط غزة    الفريق أسامة ربيع: لا بديل لقناة السويس.. ونتوقع عودة حركة الملاحة بكامل طبيعتها يوليو المقبل    أعرف حالة الطقس اليوم الجمعة 12-12-2025 في بني سويف    ظهر في حالة أفضل، أحدث ظهور لتامر حسني مع أسماء جلال يخطف الأنظار (فيديو)    ياسمين عبد العزيز: لماذا نؤذي بعضنا؟ الحياة لا تستحق.. أنا مات لي 5 مقربين هذا العام    بعد إعلان خسارة قضيتها.. محامي شيرين عبدالوهاب ينفي علاقة موكلته بعقد محمد الشاعر    رد مفاجئ من منى زكي على انتقادات دورها في فيلم الست    الصحة: نجاح استئصال ورم خبيث مع الحفاظ على الكلى بمستشفى مبرة المحلة    البابا تواضروس: «من الأسرة يخرج القديسون».. وتحذيرات من عصر التفاهة وسيطرة الهواتف على حياة الإنسان    كواليس لقاء محمد صلاح مع قائد ليفربول السابق في لندن    حمزة عبد الكريم: من الطبيعي أن يكون لاعب الأهلي محط اهتمام الجميع    كأس العرب - هدايا: كنا نتمنى إسعاد الشعب السوري ولكن    قائمة نيجيريا - سداسي ينضم لأول مرة ضمن 28 لاعبا في أمم إفريقيا 2025    كامل الوزير: الاتفاق على منع تصدير المنتجات الخام.. بدأنا نُصدر السيارات والاقتصاد يتحرك للأفضل    كامل الوزير: أقنعتُ عمال «النصر للمسبوكات» بالتنازل عن 25% من حصصهم لحل أزمة ديون الشركة    رئيس الطائفة الإنجيلية: التحول الرقمي فرصة لتجديد رسالة النشر المسيحي وتعزيز تأثيره في وعي الإنسان المعاصر    كاري الدجاج السريع، نكهة قوية في 20 دقيقة    وائل رياض يشكر حسام وإبراهيم حسن ويؤكد: دعمهما رفع معنويات الأولاد    تصريحات خطيرة من أمين عام الناتو تثير غضبا سياسيا في ألمانيا    الشروط المطلوبة للحصول على معاش الطفل 2026، والفئات المستحقة    كالاس تعلق على فضيحة احتيال كبرى هزت الاتحاد الأوروبي    مرصد الأزهر مخاطبا الفيفا: هل من الحرية أن يُفرض علينا آراء وهوية الآخرين؟    الدفع ب 5 سيارات للسيطرة على حريق بمخزن نادي الترسانة في إمبابة    رحيل الشاعر والروائى الفلسطينى ماجد أبو غوش بعد صراع مع المرض    العثور على جثة مجهولة لشخص بشاطئ المعدية في البحيرة    طلاب الأدبي في غزة ينهون امتحانات الثانوية الأزهرية.. والتصحيح في المشيخة بالقاهرة    طريقة عمل كيكة السينابون في خطوات بسيطة    قفزة في سعر الذهب بأكثر من 65 جنيها بعد خفض الفائدة.. اعرف التفاصيل    أولياء أمور مدرسة الإسكندرية للغات ALS: حادث KG1 كشف انهيار الأمان داخل المدرسة    ياسمين عبد العزيز: ندمت إني كنت جدعة مع ناس مايستاهلوش    أليو ديانج يقود قائمة منتخب مالى الرسمية استعدادا لأمم أفريقيا 2025    مدير الصحة العالمية: رصدنا سلالة جديدة من كورونا نراقبها    فصل التيار الكهربائي عن 11 منطقة وقرية بكفر الشيخ السبت المقبل    أيهما الزي الشرعي الخمار أم النقاب؟.. أمين الفتوى يجيب    محمد رمضان ل جيهان عبد الله: «كلمة ثقة في الله سر نجاحي»    وزير العمل يشهد تسليم 405 عقود عمل لذوي همم في 27 محافظة في وقت واحد    وزير الصحة يتفقد مقر المرصد الإعلامي ويوجه باستخدام الأدوات التكنولوجية في رصد الشائعات والرد عليها    أستاذ قانون دستورى: قرارات الهيئة الوطنية للانتخابات متوافقة مع الدستور    حكم كتابة الأب ممتلكاته لبناته فقط خلال حياته    بث مباشر الآن.. مواجهة الحسم بين فلسطين والسعودية في ربع نهائي كأس العرب 2025 والقنوات الناقلة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 11-12-2025 في محافظة الأقصر    أسعار الفضة تلامس مستوى قياسيا جديدا بعد خفض الفائدة الأمريكية    دعاء الفجر| (ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الوطن» تحاور 3 من الملحدين فى الجامعات
خادمة الكنيسة تركت المسيحية.. وسلفى رفض الإسلام.. وذات الخمار الملحدة سراً
نشر في الوطن يوم 04 - 12 - 2014

هل كان لوصول تيار الإسلام السياسى للحكم فى مصر بعد ثورة 25 يناير أثر فى انتشار ظاهرة الإلحاد فى الجامعات؟ وهل فشلت المؤسسات الدينية فى التعامل مع الظاهرة؟ «الوطن» فتحت الملف الشائك، والتقت 3 من الطلاب الملحدين فى الجامعات، بينهم من أعلن موقفه ومن اختار أن يحتفظ بسره حتى لا يتعرض لمضايقات، إحداهم كانت خادمة للكنيسة قبل أن تترك المسيحية، وآخر نشأ فى بيئة سلفية، قبل أن يعلن رفضه للإسلام.. وأخرى ترتدى الخمار وتخفى إلحادها. كما حاورت «الوطن»، فى هذا الملف، رجال دين مسلمين ومسيحيين، للتعرف على الدور الذى تتحمله المؤسسات الدينية فى انتشار الظاهرة وكيفية التعامل معها.
«الدين ميراث تتوارثه الأجيال كبناء قديم متهالك تركه الجد الأكبر لعائلة تتصارع فروعها لاحتكاره، فيموت من يموت، ويبقى من يبقى، ولا أحد ينتفع به، فقط هو ساحة للنزاع دائماً وللقتال أحياناً».. بهذه الكلمات بدأت «مارى»، الفتاة التى لم تكمل عامها العشرين، واعتبرت أن مهمتها تغيير اتجاه التفكير الدينى الذى دام آلاف السنين، حسب كلامها. وأضافت: «وُلدتُ فى أسرة مسيحية متعصبة، معظم أقاربى من الكهنة، كنت أخدم فى الكنيسة إلى وقت قريب، ولم أبالغ فى الممارسات الدينية، لكنى كنت ملتزمة إلى حد كبير بكل ما تعلمته داخل الكنيسة طيلة سنوات حياتى».
«مارى»، طالبة الفرقة الثانية بقسم التاريخ بآداب سوهاج، بدأت رحلتها فى عالم الإلحاد عام 2012، عامها الأخير بالمرحلة الثانوية، كانت وقتها مسيحية أرثوذكسية، حتى تمكنت منها الأفكار اللادينية، وكانت الخطوة الأولى لها على طريق الإلحاد، تقول: «تطوعت للخدمة بالكنيسة بعد انتهائى من امتحانات الثانوية العامة، وكان لزاماً على الخدام بالكنيسة دراسة العهد القديم، بداية من سفر التكوين مروراً بعادات الخدام، ومن خلال دراستى بالكنيسة وجدت كثيراً من التناقضات لم أستطِع تجاوزها؛ ففى سفر أعمال الرسل وجدت أن الله قال عن داود: (وَجَدْتُ دَاوُدَ بْنَ يَسِّى رَجُلاً حَسَبَ قَلْبِى، الذِى سَيَصْنَعُ كُلَّ مَشِيئَتِي)، وداود نفسه من وجدت له الكثير من جرائم القتل فى العهد القديم».
بدأ الشك يتسرب إلى عقلها فتقول: «عندما سألت الكهنة بالكنيسة أجابونى أن العهد القديم يصعب على الصغار فهمه، وأن الكتب الموجودة هى ترجمات وليست الأصل».
«مارى»، الفتاة التى تبدو كأن إرادتها فى يدها، عاشقة المطربة فيروز، كبرى أخواتها، طالبة منعزلة عن زملائها بالجامعة، الذين يطلق بعضهم عليها «فتاة لها عقلان»، بعد أن ظهرت أفكارها الإلحادية على صفحتها الخاصة بموقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، أخذ زملاؤها المسلمون يحاولون استمالتها، بينما زميلاتها المسيحيات عمدن إلى استفزازها، الأمر الذى وصل إلى الاشتباك بالأيدى، تقول: «جاءتنى فتاة مسيحية، كانت من أقرب صديقاتى، تقول لى: لما كنتى بنت متدينة كنتى محبكاها وعاملة فيها العذراء مريم، ودلوقتى بقيتى مصدر لسخرية المسلمين من ديننا، وبقيتى عار لينا. ولم أتمالك أعصابى وضربتها بالقلم على وشها».
كانت هذه الواقعة فاصلة فى مسار «مارى»، فتقول: «لم أذهب للجامعة بعدها، حتى جاءتنى مكالمة من شئون الطلبة تستدعينى فوراً، وعندما ذهبت أبلغونى أن زملائى يتهموننى بسب الأديان، وأن هناك اتجاهاً لتحرير محضر ضدى، ولكنهم تراجعوا خوفاً على مستقبلى، وتوعدونى بفصلى حال تكرار انتقادى للأديان».
مهّدت محاولات الفتاة لرفض واقعها الدينى والتوجه إلى فصيل «الملحدين» فى موسم رواج أفكاره، الطريق لتقبل من حولها فكرة رغبتها فى الهجرة بلا عودة عن مصر: «لا أجد لى مكاناً بالجامعة، أذهب فقط فى الموعد المحدد للمحاضرات وأنصرف فوراً بعد انتهائها، وهذا لن يستمر كثيراً، أخاطب جامعات بالخارج وقريباً سأسافر، بلا عودة، إلى أى بلد يحترم الإنسان لأنه فقط إنسان».
«عُمر» لم يغير اسمه مثل غيره، تمسك به على غير عادة الملحدين الجدد، انتظر كثيراً حتى يعلن عصيانه، وحين وصل لسن ال19 اتخذ القرار، ترك الصلاة، امتنع عن قراءة القرآن، أخذ يلهث خلف معتقدات غربية تمكنت من السيطرة على عقله، انتهت إلى قناعته بأنه لا يوجد إله أو رسل.
«عمر»، طالب كلية الطب بإحدى الجامعات الخاصة، كان ينتمى إلى التيار السلفى، ويقول: «كنت متديناً جداً، أُصلى بانتظام، وأحافظ على الورد اليومى من القرآن قبل النوم، وأصوم شهر رمضان، ولكن كان هذا بحكم التعود، ومجاراة العادات الأسرية والدينية، وفى يوم ما قرأت فى المصحف بعقلى وليس بعينى، فوجدت أننى أقرأ قصصاً، ليس بها من الإعجاز شىء، وصلت إلى قناعة أنه لا يوجد ما يسمى المعجزات فى وجود العلم».
ترك «عمر» المصحف وكُتب الأحاديث الشريفة وخطب كبار شيوخ السلفية ليتوجه إلى دينه الجديد: «بعد أن توسعت فى البحث فى الأديان السماوية الثلاثة، عجزت عن تقبل القصص التى جاءت بها تلك الكتب السماوية ورسلها، ورُحت أبحث فى الفلسفة والمنطق، فقرأت لرموز العلم والأخلاق، منهم: كارل ساجان وبرتراند راسل، وغيرهما ممن عمقوا بداخلى أفكارى الإلحادية، حتى أصبح عدم تقبلى للأديان وإعلان عصيانى لها على أساس عقلى ومنطقى».
رحلة طالب كلية الطب مع الإلحاد جلبت له اعتراضات الأسرة والزملاء والمعارف، استند إلى الطريقة الأكاديمية فى الجدل: «العلم يكذب كل ما جاءت به الأديان، ويمحو الأساطير التى تنامت حولها، ومن أهم ما جاء به العلم نظرية داروين للنشوء والارتقاء، التى تفيد بأن الإنسان جاء متطوراً من مرحلة الحيوانية شيئاً فشيئاً حتى وصل إلى السلالة التى هو عليها الآن، أما القرآن فيقول إن الإنسان خُلق بعمل تخليقى فى يوم معلوم ثم انتشرت منه البشرية، وهذا مثال على التناقض بين بيان القرآن وما جاء به العلم».
بعد أن بات ابن التيار السلفى منبوذاً من قِبل معارفه وأصدقائه، قرر أن يتخذ من ال«فيس بوك» وسلية للترويج لأفكاره، لم يدرك وقتها أن سره سيذاع بالجامعة: «لم أجد من أتكلم معه، الجميع تعامل مع اعتقاداتى على أنها تخاريف مراهقين، ومن هنا بدأت أكتب على صفحتى الخاصة على الفيس بوك ما توصلت له من حجج تفيد بأن الأديان وهم، لكن فى يوم ذهبت كعادتى إلى الكلية، وجدت عدداً من زملائى فى انتظارى، طلبوا منى الكلام معهم، وسألونى عن معنى ما أكتبه على الفيس بوك، وعندما أخبرتهم وشرحت لهم ولم يتمكنوا من الرد على كلامى، اعتدوا علىَّ بالضرب، حتى وصل الأمر إلى أمن الكلية الذى توعدنى بالفصل إن لم أتراجع عن أفكارى».
فى السر كما فى العلن، موقف اتخذته «سجدة»، طالبة الفرقة الأولى بكلية التجارة جامعة القاهرة، تقول: «عائلتى لا تعرف عن معتقدى الإلحادى شيئاً، وأنا لا أهتم بالحديث عن أفكارى مع أحد من المسلمين، فقط أنا لم أعد مسلمة، وهذا شأن خاص، وغير مطروح للنقاش».
لم يتبقَّ لها من الإسلام سوى حروف اسمها: «الدين بالنسبة لى كان مجرد تقاليد ورثتها عن أسرتى المسلمة، وكان من المستحيل أن أتحول من مسلمة ملتزمة جداً إلى ملحدة مرة واحدة، بدأ الأمر بشكل تدريجى بسبب شكوك راودت ذهنى فى بداية عامى الأول بالجامعة، استغفرت كثيراً كلما كان يتساءل عقلى: أين الله؟ ولماذا يجب علىَّ أن أصدق أن محمداً رسول وأن القرآن من عند الله؟ استعنت بالإنترنت للبحث والتقصى عن حقيقة الدين، ومن خلاله استطعت التواصل مع أحد الشباب الملحدين، الذى كان يرسل لى الكتب العلمية التى تبرز أنه (ليس هناك خالق للكون ولا رسل ولا معجزات)».
تملك الشك عقل «الفتاة المحجبة»، التى يدل مظهرها على التزامها الدينى؛ حيث ترتدى «الخِمار» الذى لا يُظهر منها سوى وجهها وكفيها: «اكتشفت فى فترة بحثى عن تفسيرات للقرآن والسنّة أن الدين أفسد علىَّ الاستمتاع بالحياة وجمالها فى مقابل طقوس دينية شاقة ومجهدة، صلاة تتكرر فى اليوم الواحد 5 مرات، وامتناع عن الطعام والشراب طيلة نهار شهر كامل، حينها توقفت لأفكر لماذا علىَّ الامتناع عن كل مصادر السعادة لمجرد أنى مسلمة؟».
«سجدة»، التى لم تسجد لخالقها منذ فترة طويلة، كانت مدركة تمام الإدراك خطورة إلحادها، فتعمدت إخفاء سرها عن زميلاتها بالجامعة حتى لا يؤثر هذا على مستقبلها. ويرى راجى يوسف إبراهيم، الباحث فى قضايا الملحدين، أن الشاب الملحد يدخل فى دوامات فكرية ومعاناة قد تصل إلى اكتئاب، وفى النهاية إما أن يثبت على أفكاره القديمة وينسف الأفكار الجديدة ويلفظها كلياً، أو يلغى القديمة ويتسق مع وضعه الجديد أو يلجأ لضرب من التأويل أو التلفيق أو صياغة المعلومة القديمة فى ثوب جديد، والجدال فى هذه المرحلة مع هؤلاء الشباب يكون غير مُجدٍ؛ لأن المخ يصبح فى حالة تمرد ولن يقبل الطعن فى معلوماته الجديدة.
«الأسباب التى تجعل أى إنسان مسلم أو مسيحى يعلن إلحاده متعددة»، ويتابع «يوسف»: «هناك أسباب تدفع المسلم أو المسيحى للإلحاد، أهمها: عجزه عن وصوله إلى بعض الدلائل الدينية، بعد البحث، فيكفر بها جميعاً، أما اتباع المنهج العلمى التجريبى الذى أثبت تفوقه على المنهج العقلى التأملى، فهو السبب الثانى للإلحاد؛ لأنه منهج لا يتعامل مع الغيبيات، والسبب الثالث: سلوك كهنة وشيوخ الأديان ومتبعيها، مما أعطى انطباعاً سيئاً عن الأديان، ويتمثل السبب الرابع فى اصطدام العلم ببعض النصوص الدينية، مما يشير إلى بعض التناقضات بين ما جاء به العلم وما جاءت به الأديان».
انتقد «يوسف» ردود فعل رجال الدين، قائلاً: «شيوخ الإسلام وعلماؤه لم يقفوا بدقة على موضع الداء فانخرطوا فى إلقاء التهم بالمؤامرة والعمالة والغزو الثقافى ومحاولة الاستعانة بالدولة كى تتبع سياسة العصا الغليظة مع المخالفين وكأنهم يحيون العصور الوسطى»، مضيفاً: «فى حال استمرار علماء الإسلام وشيوخه على نفس الطريقة الهجومية وتدريس مواد كارثية دون محاولات تنقية جادة ومفصلية، سيدقون بذلك المسمار الأخير فى نعش الدين ولن يجدوا مصيراً أفضل من مصير الكنيسة الكاثوليكية التى تستجدى شعبها وتقدم تنازلات قوية كمحاولة للبقاء على قيد الحياة، أما الملحدون فأقترح عليهم أن يكفوا عن الرهان على زوال الدين، بل عليهم استنطاق عقلانية الدين ومضامينه الإنسانية والأخلاقية».
«عمر»: عجزت عن تقبل قصص «الكتب السماوية».. و«كارل ساجان وبرتراند راسل» عمَّقا عصيانى للأديان
«سجدة»: الدين بالنسبة لى كان مجرد تقاليد ورثتها عن أسرتى المسلمة.. وأفسد علىَّ الاستمتاع بالحياة وجمالها
وكيل «الأوقاف»: «الإسلام السياسى» سبب زعزعة اليقين الدينى عند بعض الشباب
قال الشيخ صبرى عبادة، وكيل وزارة الأوقاف، إن بروز تيارات الإسلام السياسى فى أعقاب ثورة 25 يناير أحد أهم أسباب الإلحاد، وإن بعض الشباب يتصورون أن الإسلام متمثل فى هذا التيار وسلوك وأخلاق أعضائه. وأضاف «عبادة» فى حوار ل«الوطن»، أن الإلحاد ينتشر بشكل كبير بين الشباب المثقف والمُرفه، لما لديهم من مساحة فى الحرية الفكرية والعقائدية، وأشار إلى أن الاختلاف فى الآراء الفقهية حول تطبيق حد الردة على الملحدين ينتهى غالباً إلى اختيار الحكم الأيسر، مؤكداً أن الملحد ليس شخصاً سيئاً ولكنه مبتلى من الله.
■ هل يرتبط الإلحاد بالمستوى الاجتماعى أو التعليمى للشباب؟
- من خلال عدد من الدراسات، والأبحاث الميدانية، التى أجراها الأزهر الشريف، توصلنا إلى أن الإلحاد منتشر أكثر بين الشاب المثقف، حيث إنهم الأكثر تفكيراً ورفاهية، ولديهم مساحة من الحرية الفكرية والعقائدية.
■ ألا يتحمل رجال الدين مسئولية ما وصل إليه الشباب؟
- بالطبع هناك مسئولية، فنحن نلاحظ أن الإلحاد انتشر بصورة غير عادية بعد أعقاب ثورة 25 يناير، حيث تصور بعض الشباب أن الإسلام متمثل فى تيار الإسلام السياسى، واعتبره الصورة الحقيقية للدين، ووضعوا الإسلام فى خندق أخلاق وتصرفات وسلوكيات أعضاء هذا التيار، ما أدى إلى زعزعة اليقين عند بعض الشباب.
■ كيف تثبت للملحد أنه على خطأ؟
- قصور الفهم، والوصول إلى المادة العلمية لدى الشباب هو أساس المشكلة، وحتى نستطيع التعامل معها لا بد أن نعرف أنواع الملحدين، فمنهم من لا يؤمن بوجود الإله، ومنهم من يؤمن بوجود إله ولكنه لا يتصرف فى الكون، ومنهم من يؤمن بأن هناك الإله ولكن لا توجد ديانات ولا رسل، ومن هذه الأنواع الثلاثة نبدأ فى الحوار مع الملحد، فإذا كانوا لا يؤمنون بوجود الله، نثبت لهم بأدلة مادية من العلم الذى يستندون إليه أن الكون له خالق، وليس هناك تناقض بين آيات القرآن والعلم، حتى يعود الشاب إلى الفهم الصحيح لوجود الله، أما منكر رسالة الأديان أو الرسل بعد قطعية ثبوت أن هناك إلهاً فنتحاور معه عن كيفية أن يكون هناك رسول أو نبى.
■ هل هناك خطة يتبعها الأزهر لإعادة هؤلاء الشباب؟
- الأزهر ينظم قوافل دعوية كثيرة، لكن المشكلة تكمن فى أن الملحدين لا يفصحون عن أنفسهم وليس لهم كيان أو مكان ثابت نستطيع من خلاله الوصول إليهم، هم مبعثرون وسط الشباب، قد يلتقون ببعضهم ولكن يحدث هذا بشكل سرى، ولكن الأزهر يصدر فتاوى توعية حول القضايا المختلف عليها.
■ هل حد الردة جائز على الملحد؟
- حد الردة فى الإسلام مختلف عليه من قبل الفقهاء، فهناك من يجيز قتل أى مسلم بتغير ديانته أو الخروج منها، ويستشهد هذا الرأى بحديث رسول الله: «من بدل دينه فاقتلوه»، وهناك رأى ثان يكفل لكل شخص حرية العقيدة، ويستند هذا الرأى إلى قول سبحانه وتعالى فى سورة البقرة: «لَا إِكْرَاهَ فِى الدِّينِ»، وفى حالة الاختلاف بين آراء الفقهاء يجوز العمل بالرأى اليسير.
راعى كنيسة القديس كيرلس: حكم الإخوان ضاعف أعداد الملحدين فى مصر
قال الأب رفيق جريش، راعى كنيسة القديس كيرلس بالكوربة مدير المكتب الصحفى للكنيسة الكاثوليكية فى مصر: إن الإلحاد سحابة سوداء تمر من حين لآخر فوق موروث العادات والأديان التى يتمسك بها المجتمع المصرى، وسرعان ما تنقشع، مؤكداً أن الحوار المفتوح مع الملحدين هو السبيل الأول لمواجهة أفكارهم، والمؤسسات الدينية هى المعنية بالتعامل معهم. وأضاف، فى حواره مع «الوطن»، أن أعداد الملحدين زادت خلال فترة حكم الإخوان لمصر باسم الدين، ونتيجة للممارسات العنيفة التى تحدث حالياً تحت راية الأديان مثل القتل والذبح، مطالباً بابتعاد المؤسسات الأمنية والقانونية عن التعامل مع «قضية الإلحاد» لأنها دينية بحتة.
■ من الشخص الملحد؟
- الملحد هو شخص لديه مفاهيم مغلوطة عن صحيح الدين، ينكر بوضوح وجود الله، وهنا نصطدم بالإلحاد فى صورته العدائية؛ إذ يتجرأ الشخص على حقيقة وجود الله مستغلاً البراهين العلمية والفلسفية الضعيفة لتأكيد عدم إمكانية ذلك، بل عدم ضرورة وجوده، ويرجع ذلك إلى ضعف الإيمان؛ حيث يعتبر الملحد الدين عائقاً بالنسبة لحريته الشخصية والاجتماعية.
■ كيف ظهر الإلحاد فى مصر؟
- الإلحاد فى مصر ليس بجديد؛ حيث يعود تاريخه إلى أوائل القرن العشرين مع بداية ظهور الشيوعية، التى أسست أحزابها على أساس لا دينى (إلحادى)، وانحصرت هذه الموجة فى الستينات، إلا أنها عادت للظهور مرة أخرى مع بداية الاشتراكية، ونجح الرئيس الراحل جمال عبدالناصر فى محاربة هذا النوع من الأفكار.
■ إذن لماذا عادت موجة الإلحاد للظهور فى مصر فى هذا الوقت؟
- بعد ثورة 25 يناير، فقد كثير من الشباب المصريين الثقة والقدوة فى رجال الدين، خصوصاً خلال السنة التى حكم فيها «الإخوان» البلاد باسم الدين، إضافة للممارسات العنيفة التى تحدث الآن تحت راية الأديان كالسرقة والعنف والقتل، الذى جعل البعض من الشباب يهربون من السلطة الدينية، سواء كانت الكهنوتية أو الإسلامية، فضلاً عن أن الكثير من الشباب يعيشون حالة من اهتزاز الإيمان وعدم التوازن النفسى.
■ كيف ترى تعامل الإعلام مع قضية الشباب الملحدين؟
- اهتم الإعلام اهتماماً مريباً بظاهرة إلحاد الشباب التى انتشرت فى مصر فى الآونة الأخيرة، وتسارع نجوم البرامج التليفزيونية فى استضافة هؤلاء الشباب، ولكن غالباً ما كان الحوار يفتقد الرأى الآخر، رأى الدين، المتمثل فى الكنيسة أو المسجد، وبدلاً من أن يرشد رجال الدين والإعلام هؤلاء الشباب، شرعوا فى السخرية منهم والتهكم عليهم.
■ ماذا عن المؤسسات المنوط بها مواجهة هذا الفكر الخاطئ لدى الشباب الملحدين؟
- يجب أن تبتعد المؤسسات الأمنية والقانونية عن التعامل مع هذا الأمر؛ لأنه أمر دينى بحت، خاصة المؤسسات الدينية، التى عليها مسئولية إعادة هؤلاء الشباب إلى مسارهم، وعليها أن تجد الخطاب الدينى المناسب للشباب للتواصل معهم، وشرح صحيح الدين لهم بعيداً عن استخدام «أسلوب الحلال والحرام والنواهى والثوابت».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.