24 ساعة تفصل الرئيس الأسبق حسنى مبارك عن مصيره الذى تحدده محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار محمود كامل الرشيدى، حيث تنطق بحكمها فى القضية المعروفة إعلامياً ب«محاكمة القرن»، المتهم معه فيها نجلاه علاء وجمال ووزير داخليته حبيب العادلى و6 من مساعديه ورجل الأعمال الهارب حسين سالم، وهى المرة الثانية التى يتلقى فيها مبارك حكماً فى نفس القضية، وهو الحكم الذى ينتظره المصريون منذ اندلاع ثورة يناير، وصدور أول قرار من النائب العام بحبسه فى أبريل من عام 2011، بحبس مبارك وإلقاء القبض عليه من مقر إقامته بمدينة شرم الشيخ. وفى الوقت الذى ستحسم فيه المحكمة، بحكمها وأسبابه، حقيقة ما حدث فى يناير، وتغلق الباب أمام الحديث عن المؤامرات الخارجية أو تفتحه على مصراعيه، فإن آمال أنصار الرئيس الأسبق حسنى مبارك تتعلق فى مرافعات الدفاع وكلمات المتهمين أنفسهم والتى أمرت المحكمة ببثها على مدار أيام عدة على الهواء مباشرة بوسائل الإعلام، وهو ما ساعدهم على توصيل دفاعهم إلى الرأى العام قبل أن يصل إلى المحكمة نفسها، والتى قد تأخذ به أو تتركه، وستذكر تفنيداً لكل ذلك فى أوراق حيثيات الحكم التى قدّرتها المحكمة بألفى ورقة، فيما ينتظر شباب الثورة وأسر الشهداء حكماً يشفى صدورهم مما اعتبروه تغولاً من الجهاز الأمنى وقتها على المتظاهرين واستعمال القوة والأسلحة النارية، مما أودى بحياة عدد كبير وأصاب آخرين. ويبقى مبارك محبوساً، حتى لو صدر له حكم بالبراءة، نظراً لسابقة الحكم عليه بالسجن لمدة 3 سنوات فى قضية القصور الرئاسية، والذى تنظر محكمة النقض الطعن عليه بجلسة 13 يناير من العام المقبل، وتقرر مصيره أيضاً سواء بالقبول وإعادة المحاكمة أو الرفض وتأييد الحكم. خرج المستشار محمود كامل الرشيدى، قاضى محاكمة القرن عن صمته قبل يوم واحد من النطق بالحكم على الرئيس الأسبق حسنى مبارك ونجليه علاء وجمال ووزير داخلية حبيب العادلى وستة من كبار مساعديه، وكشف ل«الوطن» عن استقراره وهيئة المحكمة على الحكم النهائى فى القضية، مؤكداً أنه لن يتخذ قراراً جديداً بمد أجل للنطق بالحكم، مشيراً إلى أنه لم يندم فى أى وقت من الأوقات على توليه نظر أهم قضية شغلت الرأى العام. وأضاف «الرشيدى» أنه عقد عشرات المداولات مع هيئة المحكمة، وراجع الأوراق البالغ عددها ما يزيد على 160 ألف ورقة 7 مرات، مطالباً الشعب المصرى بالدعاء له بأن ينطقه الله بالحق الذى يرضيه. ■ هل استقرت عقيدتك وهيئة المحكمة على الحكم فى قضية القرن؟ - نعم، لقد استقرت المحكمة تماماً على الحكم، وانتهينا من كتابة الحيثيات بعد عشرات المداولات التى قمت بها وزملائى، وفندنا خلال الحيثيات جميع الوقائع التى قُدمت من المتهمين والنيابة العامة قبل أن تتشكل عقيدة المحكمة للنطق بالحكم. ■ وهل من الممكن أن تتخذ المحكمة قراراً جديداً بمد أجل النطق بالحكم فى القضية؟ - قانوناً الأمر جائز، ولكننى لن أتخذ هذا القرار، فقد تشكلت عقيدة المحكمة، وقد راجعت الأوراق البالغ عددها ما يزيد على 160 ألف ورقة 7 مرات، ولن أمد أجل للنطق بالحكم مرة أخرى «إن شاء الله». ■ وهل ستعرض حيثيات الحكم على الرأى العام؟ - بالطبع، سأطرح أسباب تكوين عقيدة المحكمة للحكم لجميع الإعلاميين الموجودين بقاعة المحكمة، وسيكون الهدف من ذلك، هو اطلاع الرأى العام على كيف كونت المحكمة عقيدتها قبل أن تصدر هذا الحكم، خاصة أننى أعتبر الإعلام عين العدالة المبصرة والحكم فى النهاية يصدر باسم الشعب وبالتالى لا بد أن يعرف كل ما تم فى القضية. ■ هل دونت المحكمة المنطوق «برول» الجنايتين؟ - جرى العرف القضائى على أن يحرر المنطوق بالرول قبل النطق بالحكم بقليل، وتوقع المحكمة عليه بكامل تشكيلها، ثم تنطق به على الفور. ■ هل قامت المحكمة بحصر عدد المتوفين والمصابين فى القضيتين بناءً على حكم النقض عقب القضاء الأول؟ - نعم، المحكمة حصرت على وجه الدقة ذلك فى المحافظات الواردة بأمر الإحالة. ■ هل كان لمحكمة النقض إيضاحات أخرى كانت تحت بصر المحكمة؟ - نعم، المحكمة طلبت الاستعانة بالخبراء والتحقيق لاستقراء مدى صحة ما أسند من اتهام من عدمه، وهو ما جرى بالجلسات سواء العلنية والسرية. ■ هل سيرفع الحظر عن الشهادات السرية لكبار المسئولين بالدولة عقب النطق بالحكم؟ - نعم، لأن القضية بجميع أوراقها ستكون متاحة لمن يرغب بالنشر، وأتمنى أن يكون ذلك من واقع المحاضر الرسمية وليس بأى طريقة غير ذلك. ■ هل ستعرض المحكمة فيديوهات أخرى خلال جلسة النطق بالحكم؟ - لا، سأقوم فوراً بالنطق بالحكم فى القضية، ولن ألجأ لعرض فيديوهات أخرى، وما قمت به الجلسة الماضية من عرض فيديوهات خاصة بالقضية، جاء بهدف الإيضاح للرأى العام حجم المعاناة الملقى على عاتق المحكمة، وحتى يبصر الشعب المصرى على كل ما يتعلق بالقضية، خاصة أن هذه القضية هى قضية وطن بأكمله. ■ وهل دخول أحد الإعلاميين لمقر هيئة المحكمة جائز قانوناً؟ - طالما كان الأمر تحت بصر المحكمة، فهو أمر جائز قانوناً، فضلاً عن أن المذيعة أشارت خلال ما قدمته إلى أن هناك أوراقاً سرية لم يسمح لها بالإطلاع عليها لسريتها، وبقية الأوراق التى عرضت سبق أن تداولتها الصحف لأنها متاحة للجميع، وفى النهاية الغرض من العرض هو أن يعلم الشعب ما قامت به المحكمة، خاصة أن الحكم يخرج باسم الشعب فى النهاية. ■ البعض قال إنه سيطعن بالنقض على الحكم أياً كان منطوقه بسبب ما عرضته المحكمة فى الجلسة السابقة؟ - من حق أى طرف فى القضية أن يقوم بالطعن بالنقض على الحكم، وبحكم عملى القضائى منذ نحو 42 عاماً أؤمن تماماً بقدسية القضاء، وبالدور الذى تقوم به محكمة النقض، فهى المنوط بها تفسير القانون والوقوف على أوجه ومطاعن مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون أو نصوصه. ■ وهل تلقيت خلال فترة نظر القضية أى تهديدات أو ضغوط من أى جهة؟ - أقسم بالله العظيم لم يحدث ذلك على الإطلاق، فلم يحدث أن تلقيت تهديداً من أى طرف على الإطلاق وأعمل دون أى قيود أو تهديد، وكذلك لم تضغط على أى جهة سواء للقضاء بالإدانة أو البراءة، وهذه شهادة منى أمام الله والناس، ودعنى أقل لك إننى لن أقبل بأن يتم انتدابى لأى جهة كانت بعد هذا الحكم، فأنا منذ بداية عملى بالنيابة، ثم القضاء لم أنتدب ولم يتم إعارتى ولم أغادر منصة القضاء قط ولو حصلت على أى منصب بعد الحكم، فحاسبونى عليه، فدائما أنا أقول: «ما سأورثه لأسرتى هو سمعتى فقط». ■ كنت قد أعلنت عن نيتك للسفر للعلاج بالخارج عقب الجلسة الأخيرة، فهل سافرت؟ - لا، لم أسافر، تم علاجى من بعض الآلام بالفخذ والعمود الفقرى بأحد مستشفيات القوات المسلحة، وتم استدعاء أحد الأطباء من فرنسا لمتابعة حالتى، خاصة أننى أعانى من بعض المشاكل بالعين، وقراءة أوراق القضية سببت لى أضراراً بالغة، ومع ذلك قررت المواصلة فى نظر القضية، لأنها قضية وطن، كما قلت سابقاً. ■ ولماذا لم تعتذر عن عدم نظر القضية لاستشعار الحرج لأسباب صحية؟ أولاً، لا يوجد فى القانون استشعار الحرج لأسباب صحية، ومن كتب ذلك فى الصحف قد لا يكون لديه الإلمام الكامل بأحكام القانون، إضافة إلى ذلك لو تنحيت فى هذه المرحلة الحرجة من عمر القضية، فستعاد القضية إلى بدايتها، وسيتولاها زميل قاضٍ آخر يبدأ العمل فيها من جديد، وفى هذا إطالة دون مبرر لأمد القضية. ■ هل ستعود إلى محكمتك الأصلية عقب الانتهاء من القضية خاصة أنك كنت متفرغاً للعمل بقضية القرن؟ - نعم، سأعود فوراً للعمل بمحكمتى عقب النطق بالحكم فى القضية وسأباشر القضايا من جديد، وكما قلت لك لن أتقلد أى منصب تنفيذى بعد هذا الحكم على الإطلاق. ■ هل ستستمر الحراسة فى تأمينك عقب إصدار الحكم، أم ينتهى دورها فور النطق بالحكم؟ - الحراسة مستمرة. ■ هل ندمت على توليك القضية؟ - على الإطلاق، هى قضية كُلفت بها كأى قضية أخرى فى نطاق رسالتى للقضاء، وأى قضية كُلفت بها سأقوم بنظرها. ■ وما رسالتك للشعب المصرى؟ - أن يدعو لى بأن ينطقنى الله بالحق الذى يرضيه، أما أمنيتى فهى أن أُقبض إلى ربى فى صلاة جماعة، وأنا ساجد بالأراضى المقدسة، أو على منصة القضاء. أرحب بالانتقاد أرحب بالانتقاد ولا يغضبنى على الإطلاق، والحقيقة أننى خلال 17 شهراً منذ أن توليت القضية فى أبريل 2013 لا أشاهد وسائل الإعلام إلا رمزاً، ومع ذلك من حق الناس أن تنتقد أو تتفق، وفى النهاية ما قمت به كان اجتهاداً أحسبه صواباً، ومن الناحية القانونية لا أعتقد أننى قد أهدرت تطبيق نص قانونى أو غيرت عرفاً قضائياً أو تجاهلت أياً من أدبيات القضاء.