عندما نكون محاطين بأعداء متوحشين فى كل اتجاه.. عندما يكون بحر التحديات أمامنا وصخور الإرهاب خلفنا وجبال السلبيات وراءنا فليس أمامنا سوى المعرفة. المعرفة هى الملاذ وهى طريقنا للنجاة والتخلص من حمل المخاوف والأفكار المنقوشة بالجهل على أكتافنا ومن الفقر الذى ينخر فى أجسادنا. كيف السبيل إلى المعرفة والثقافة والتنوير التى هى بالنسبة لكثيرين ترف أو نكتة؟ كيف السبيل إلى المعرفة وكلية العلوم إحدى الكليات التى لا يفكر أحد فى الذهاب إليها إلا مضطراً تحت وطأة «قلة» المجموع؟ فنظرة المجتمع لكلية العلوم ومكانة خريجيها تجسيد حقيقى لمكانة العلم فى حياتنا. كيف السبيل إلى المعرفة ومدارسنا الحكومية بلا معامل مجهزة وأغلبها مغلقة لا يزورها أحد وكأن الوجود بها مضيعة للوقت، وإذا ذهبوا إليها تصبح الحصة فى المعامل فقرة فى سيرك الغرائب والعجائب؟ كيف السبيل إلى المعرفة والعقول المميزة فى مصر إما أنها تموت معنوياً بسبب الإهمال والتعنت أو تهاجر بحثاً عن مناخ وأوطان تثمن قيمة العلم وتزداد ثراء به؟ كيف السبيل إلى المعرفة والمنتج البحثى سلبى لا يؤثر فى حياتنا اجتماعياً واقتصادياً؛ فمصر تحتل ذيل قائمة دول العالم فى مؤشر جودة مراكز البحث العلمى، وترتيبنا بكل فخر 112 من بين 142 دولة ولا عزاء للعلم؟ كيف السبيل إلى المعرفة ولا توجد لدينا إرادة حقيقة ورؤية واضحة ومكتوبة بآليات تنفيذ وتشريعات ومحاسبة وإدارة بكفاءة؟ إذا لم يكن العلم والمعرفة اتجاه دولة ونقطة ارتكاز للرؤية محددة الأهداف واضحة المعالم منسوجة من قاعدة معلومات دقيقة فلن يمسنا التقدم وسوف يبقى بيننا وبين الدول المتقدمة والساعية للتقدم أسوار وجبال من العشوائية ورؤى ضبابية ومعوقات أخرى تجعلنا مشدودين للوراء واقفين بصلابة على وتد التراجع؛ لأننا لم نمتلك علماً ولا بحثاً علمياً يمنحنا حلولاً مبتكرة مبدعة لمشاكلنا المزمنة والمعقدة. كيف السبيل إلى المعرفة التى هى سلم التقدم والرقى ومصر من أقل دول العالم إنفاقاً على البحث العلمى؛ فميزانيته السنوية 525 مليون جنيه تذهب أغلبها مرتبات وعلاقات وأبحاثاً مكانها الأرفف والأدراج والأتربة؟ كيف السبيل إلى المعرفة ومراكز البحث العلمى فى مصر تعمل بلا خطة استراتيجية وأبعد ما يكون عن مشكلات الواقع ورغم أن مصر تحتل المركز ال24 عالمياً فى براءات الاختراعات لكنها مجرد حبر على ورق؟ الكلية الملكية البريطانية نشرت تقريراً عن أحوال العلوم والابتكار فى مصر أكد أن عقوداً من ضعف الاستثمارات وسوء التخطيط فى صرف تمويل الأبحاث والبيروقراطية المفرطة وضعف المناهج التعليمية والتدخل السياسى أضعفت النظام التعليمى. وأكد التقرير الواقع المر فى مصر، وهو أن تدريس العلوم يتم بطريقة نظرية وغير ابداعية؛ حيث لا يتم تشجيع الطلاب على معالجة المشاكل أو التفكير فى التطبيقات لأبحاثهم. مؤكد هناك نوابغ مصرية ولكنها حالات فردية وهذه الحالات لا تحدث فارقاً. مصر يجب أن تمتلك اقتصاد المعرفة. المعجزة التى تنتظر مصر هى العلم والمعرفة. ماليزيا قفزت من مستنقع العدم إلى الصدارة بالعلم والمعرفة. كل الدول التى لم تكن على خريطة العالم اقتصادياً وُجدت بالعلم والمعرفة والعمل الجاد ورؤية لا تشوبها عشوائية أو يعطلها فساد. المعرفة هى ثورة مصر التى يجب أن تشتعل وتبقى مستمرة. إذا امتلكنا العلم سوف نرد خطر الجهل. الجهل يجعلنا وطناً مغشياً عليه. لا بد أن تملك الدولة إرادة وخطة تجعلان الأمة المصرية من مواليد برج المعرفة. لا بد أن تتواطأ الدولة مع العلم وسيادة القانون حتى تمتلك احتياطياً كافياً من العلم يبدو أمامه رصيدنا من الجهل قليلاً ورصيدنا من العشوائية معدوماً.