على غير العادة، خلا الموقف من زحامه الطبيعى، فلا ركاب يتنافسون، ولا سيارات تتسابق للتحميل، ولا سائقون يعلو صوتهم بالصياح، استرعى الأمر انتباه البعض، وقادهم الفضول إلى السؤال، لتأتيهم الإجابة صادمة على لسان سائق: «اللى ضارب ومأفور مش هينزل بعربيته، المرة دى فيها حبس مش مجرد غرامة». يبدأ يومه فى الثامنة صباحاً، يتناول إفطاره وهو يقود سيارته الميكروباص من مسكنه بعين شمس إلى 6 أكتوبر، يعمل على خط أكتوبر - ميدان لبنان، لا مانع فى فترات تحميل السيارة من تدخين سيجارة «ملفوفة» أو حتى تعاطى حبوب «ترامادول»، يؤكد محروس محمد سالم بصراحة شديدة: «ده واجب السواقين، بيعملوه مع بعضهم فى ساعة اصطباحة». منذ إطلاق الداخلية كمائن التحاليل الفورية على الطريق للكشف عن السائقين متعاطى المخدرات، يعيش «محروس» حالة رعب «أغلب صحابى السواقين اتقبض عليهم، وفيه كتير مارضيوش ينزلوا شغل لحد ما جسمهم ينضف، ولما باشوفهم واقفين يحللوا لزمايلى لو مولع سيجارة باطفيها عشان مايشتبهوش فيا والله يجازى ولاد الحرام». لم يعد بإمكان «محروس» سوى الالتزام على الطريق «خففت السجاير، وباشرب لبن كتير عشان عينة الدم تطلع نضيفة، أصل البلاوى اللى الواحد بياخدها بتفضل فى الدم فترة، يقول «محروس»: «هيبقى موت وخراب ديار». حال «محروس» هو نفسه حال زميله محمد سليمان، حاول إعفاء نفسه من التحاليل برشوة أمين الشرطة «جيت أديله 50 جنيه عشان يسيبنى أعدى، عمل لى فضيحة، ومحضر تعاطى وأخدوا العربية وبقت قضية، مش عارف هاطلع منها إزاى»، يقول «محمد»: «هو إحنا بنشرب عشان المزاج وبس، لأ عشان الطرق فى مصر محدش يستحملها، شغلتنا مقرفة، ولو الداخلية عايزانا نمشى صح، تمشى معانا هى كمان صح وتراعى ربنا فينا».