فى ساحة كنيسة «شتيفن بلاتز» فى فيينا، يقف صالح ومعه مجموعة من أصدقائه السوريين، يضعون شاشة ضخمة تعرض فيلما تسجيليا عن أحد النشطاء فى سوريا فى عهد بشار الأسد، يغرى الصوت المرتفع والعلم المرفوع للجيش الحر الأجانب فيقتربون. نقل صالح معدات العرض من سماعة وشاشة وطاولة سهلة الطى فى سيارته الخاصة، وضع السماعات بعدما مالت الشمس إلى الغروب، ثم دشن طاولته ووضع عليها أقلاما وقبعات عليها العلم، وصندوقا كتب عليه بالعربية والإنجليزية والألمانية: «ساعدوا الثورة بما تملكونه». صالح هو أحد السوريين الذين يعيشون فى النمسا وقد لجأوا إلى تلك الفكرة لتعريف العالم بمشكلة سوريا وبحقها فى الاستقلال، وبعدد من قتلوا. لصالح ورفاقه جدول ثابت يطبقونه من أجل التعريف بحق الشعب السورى؛ يخرجون كل شهر فى مظاهرة أمام السفارة السورية، وكل شهرين أمام الخارجية النمساوية، بينما ينظمون مظاهرة كل ستة أشهر فى كل عواصم أوروبا، كان آخرها الشهر الماضى فى ميونخ، يقول صالح: «الهدف الأكبر من هذه المظاهرة أن نبين ما يفعله بشار تجاه الإنسانية». يجمع صالح الأموال من أجل كفالة الأيتام السوريين على الحدود التركية واللبنانية وغيرها من المخيمات، بالإضافة إلى تقديم مواد غذائية لأهالى سوريا، يتذكر صالح أبناء عمومته حيث ماتت زوجة الأكبر بينما أصيب الأصغر بجلطة بعد أن رأى منزله مهدما، أما ابن عمه الأخير فقد مات أطفاله الثلاثة أثناء لعبهم فى الحديقة بأحد المواد المعدنية التى اكتشفوا بعدها أنها قنبلة عنقودية. يبتسم صالح وهو يستكمل حكاية عائلته ربما بفعل المرارة أو ليشكر رجلا أخرج خمسة يوروهات ليضعها فى الصندوق الزجاجى، يسأله صالح عن جنسيته فيبتسم السائح ويربت على كتفه قائلا: «لا يهم، فجميعنا إخوة فى الإنسانية»، ويهم بالانصراف تاركا خلفه الناشط السورى فى الفيلم التسجيلى المعروض وقد قبض عليه.