ما يدعو للأسف أيضا أن أغلب القوى السياسية والحركات الاجتماعية أهملت العاطلين من حملة الماجستير والدكتوراه حين اعتصموا بالقرب من مجلس الوزراء قبل شهور إهمالا جسيما، فلا سؤال عنهم، ولا زيارة لهم، ولا سند ولو بكلمة طيبة. وهذا الجحود يصيبهم بألم، ويجعل صدورهم تغلى بالغيظ من الجميع. لقد رأيت بعضهم ذات يوم وهم يقطعون شارع «قصر العينى» ليجلبوا الطعام لزملائهم، فرقَّ قلبى لحالهم، وأسفت لما آلوا إليه، ورأيت حجم التضييق الذى يمارَس عليهم من قبل الموظفين وأمن المبنى حتى تفتر همتهم، وتخور عزيمتهم، ويرضوا من الغنيمة بالإياب. لكن هذا يزيدهم إصرارا، فلا عودة بلا حل، ولا فض للاعتصام بلا استجابة كافية شافية، تنقلهم من الضياع إلى التحقق، وتبنى بينهم وبين وطنهم جسورا من الود والانتماء. فيا من بيدكم الأمر.. قضية العاطلين من حملة الماجستير والدكتوراه تضع مصداقيتكم على المحك، فكيف تقولون إنكم حريصون على توفير فرص عمل لحل مشاكل الخريجين وأنتم تهملون خيارهم؟ وكيف تقولون إنكم راغبون فى نهضة البلاد وأنتم لا تلتفتون إلى منشأ التنمية والنهضة ومنتهاها، وهو رأس المال البشرى؟ ألم تنصتوا إلى قول الله تعالى «إنما يخشى الله من عباده العلماء»، و«يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات»، و«قل هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون»، أو قول رسوله الكريم «العلماء ورثة الأنبياء»؟ ألم تسمعوا يوما إلى أمير الشعراء أحمد شوقى: «العلم يرفع بيوتا لا عماد لها/ والجهل يهدم بيوت العز والكرم بالعلم والمال يبنى الناس ملكهم/ لم يبن ملك على جهل وإقلال». بالله عليكم أجيبونا. لقد كان الخطاب الذى أرسله لى الأستاذ أحمد عبدالباقى واضحا فى تحديد هذه القضية. وأنشره هنا كاملا ونصا: «نتيجة لتجاهل الحكومة لقضيتنا، واستمرار مسلسل الفساد فى التعيينات بالوظائف الحكومية واختيار الأقل مؤهلا إن كان لديه واسطة، وهذا ليس غريباً على حكومة ما بعد الثورة التى تتجاهل قضايا الشباب الذين قاموا بالثورة وأهمها البطالة، والاهتمام بقضايا الفنانين والفنانات، وترك شباب العلماء يتوسل للحصول على وظيفة تكفل له دخلا ثابتا يستطيع منه تكملة مشواره العلمى والعيش بكرامة. ونحن لا نطلب الكثير فنحن نطلب التعيين بالجهاز الإدارى (الذى يعتبر أقل حقوقنا) وعددنا لا يتجاوز 7000 عاطل بدرجة ماجستير ودكتوراه طبقا لحصر أكاديمية البحث العلمى، أى لن نشكل عبئا على ميزانية الدولة، وأن يكون التعيين مرحلة واحدة لأن عددنا لا يذكر وأغلبنا لن يستطيع الانتظار سنوات أخرى. ونتيجة لعدم تحقيق مطلب العدالة الاجتماعية الذى سالت من أجله دماء شهداء 25 يناير، وبالطبع تعتبر قضيتنا مثالا صارخا (حيث إنه يتم تجاهلنا وتعيين الأقل مؤهلا من أصحاب النفوذ)، فقد قررنا أن نقوم بتذكرة رئيسنا الثورى بهذا المطلب يوم 10 أكتوبر ومستعدون أن نلحق بأصدقائنا شهداء 25 يناير، فأرواحنا ليست أغلى من أرواحهم. وفى النهاية نشكر كل الحركات الثورية والمنظمات التى أعلنت دعمها لنا، ومنها: التيار الشعبى، وحركة الثورة مستمرة، وحركة ائتلاف الميدان، وحملة اضبط فساد، وحركة نبض المواطن، والمنظمة المصرية الدولية لحقوق الإنسان والتنمية فى محافظة الفيوم». لهذا سيذهب العاطلون من حملة الماجستير والدكتوراه غدا الأربعاء عند الحادية عشرة صباحا للاحتجاج أمام مبنى مجلس الوزراء.