تتضاعف الأزمة الحقيقية للقاهرة مع عدم وجود تصور حقيقى للاستفادة من عراقة هذه المدينة أو وضعها بوعى على خريطة السياحة العالمية، ويكفى أن تسير فى أشهر شوارع القاهرة كشوارع رمسيس والجلاء وطلعت حرب و26 يوليو وقصر النيل وشريف وعدلى والكورنيش، لترى بنفسك كيف ترهلت هذه المدينة فى الطرق البالية، التى لا تعرف -على وجه الحقيقة- هل هى مرصوفة أم مغطاة بطبقات من الأسفلت المرقع المثير للعجب، وأضف إلى ذلك المبانى العريقة التى احترقت إبان ثورة يناير، وتركتها الدولة فريسة للإهمال وللطيور الجارحة، وعلى رأسها مبنى الحزب الوطنى بمنظره الكئيب على كورنيش النيل بالتحرير، وهو نفسه مبنى قيادة الثورة التاريخى فى يوليو عام 1952، والذى أعلنت حكومة الببلاوى السابقة بأنها ستحوله إلى فندق عالمى، أو متحف تاريخى لثورة يناير، ولم تفعل كالعادة، وفى النهاية استقرت الآراء مع حكومة محلب على هدمه، رغم أن هذا المبنى من الإمكان تحويله إلى مبنى سياحى تاريخى يحكى أدق تفاصيل ثورة يوليو 1952م كما أنه شاهد حى على تفاصيل ثورة 25 يناير 2011، وكذلك مبنى المحاكم المحروق بالجلاء، وبعض المبانى الحكومية الأخرى. وإذا تركنا وسط البلد واتجهنا شمالاً إلى العتبة والغورية والحسين والأزهر فلن نجد الأمر يختلف كثيراً، وإلى جنوب العاصمة، فستصدمنا لا محالة الصورة التى وصلت إليها مدينة حلوان عاصمة الجنوب التى كانت فى يوم من الأيام مشتى الملوك والأمراء، هى باختصار أكبر سوق عشوائية فى القاهرة. إن القاهرة فى حاجة إلى (ثورة تصحيح) عاجلة لإنقاذها من الإهمال المدمر، وإن لم تكن الحكومة الآن قادرة على إنقاذها من ضياع وجهها الحضارى، فلماذا لا ندعو المؤسسات الثقافية والتاريخية والمعمارية فى العالم أجمع كاليونيسكو ومنظمات الأممالمتحدة لحماية المدن التاريخية؟