من يزور القاهرة لا شك سيجد بونا شاسعا بينها وبين مدن مثل لندن وباريس واستنبول وروما، فالمدينة ترهلت وضعفت شبكة الخدمات بها، بل لم تعد ذات وجه مشرق معبر بصدق عن الدولة المصرية. أولى خطوات هذه الخطة هى تعريف وظيفة وأدوار هذه العاصمة، هى المدينة التاريخية الممتدة كعاصمة للبلاد تربط جنوبها بشمالها وشرقها بغربها، المقر الإدارى للدولة المصرية وأكبر مدنها السياحية ،لذا فإن قيامها بوظائف صناعية أمر غير حتمى لإمكانية قيام مدن أخرى بهذه الوظيفة، أو تجارى من الممكن أن يتقلص هذا الدور إذا وجدت مراكز تجارية منافسة.
أكثر ما تعانى منه القاهرة هو الهجرة من الريف إليها لكونها منطقة جاذبة، لذا فإن تنمية الصعيد والمدن الجديدة به ستحد كثيرا من هذه الهجرة، فضلا عن العشوائيات.
لذا فإن العديد من القرارات الجريئة يجب أن تؤخذ، فلا بد ألا تقل مساحة الخدمات فى أى منطقة عشوائية عن 10 % من إجمالى مساحة هذه المنطقة متضمنة هذه المدارس الساحات الرياضية العامة الحدائق العامة الميادين المحورية لحركة المرور وهذه نقطه أساسية.
●●●
أما الشق الآخر فهو ضرورة أن يولى قلب المدينة أهمية قصوى على نحو مثلث ماسبيرو الذى يجب أن تتحول نصف مساحته إلى حديقة عامة ولتكن حديقة للنخيل وأنواعه فالنخل عرفه الفراعنة وصنعوا منه كل شىء من الأثاث إلى أوعية الحفظ إلى أدوات الزينة، فإذا كان بالحديقة منتجات النخيل من التمور المتنوعة وكذلك المصنوعات الحرفية، مع تخصيص مساحة 20 % من المنطقة لإقامة منطقة سكنية لسكان المنطقة و20 % منها لإقامة فنادق و10 % لشوارع تربط هذه المنطقة بالكورنيش وشارع الجلاء و26 يوليو.
هذا يقتضى نقل العديد من المؤسسات من المنطقة، الحديقة المقترحة ستعطى القاهرة عدة مميزات، حيث ستكون متنفسا للمدينة الملوثة، ستحيى تراث الفراعنة وستولد منطقة سياحية فريدة فى العالم، كما ستكون مساحة رائعة للتعبير عن الرأى لمجاورتها لمبنى التليفزيون المصرى.
إن هذا يدفعنا إلى ضرورة عودة الرحلات النيلية بأتوبيسات نهرية فى خطوط منظمة على طول النيل، فلتأخذ رحلة من أمام مبنى الحزب الوطنى السابق الذى يجب أن تضم أرضه للمتحف المصرى لتصل لشاطئ الكورنيش بنفق ليتحرك بك الأتوبيس النهرى جنوبا حيث متحف ثورة 23 يوليو ودار الأوبرا ومتحف الخزف بالجزيرة، ثم جنوبا إلى منزل الرئيس السادات ومتحف أحمد شوقى ثم جنوبا حيث قصر الأمير محمد على ثم منه إلى قصر المنسترلى ومقياس الروضة، ثم جنوبا حيث ركن حلوان، أما شمالا حيث دار الكتب ومتحف الموسيقى التقليدية العربية ومتحف البردى ثم قصر محمد على بشبرا، أما إذا أردت أن تتحرك من مثلث ماسبيرو فعليك مشيا على الأقدام أن ترى مساحة من الأرض خالية عند التقاء ميدان عبدالمنعم رياض وشارع رمسيس وبجوارها بناية قديمة إذا هدمت مع مساحة الأرض، سيحدث ذلك انسيابية للمرور، كما ستضيف ساحة انتظار الميدان فى أمس الحاجة لها.
●●●
أما ميدان التحرير فهو فى مساحته الحالية لا يتناسب مع حجم العاصمة القاهرة، وأكثر المناطق التى تعد مفتاحا لتوسعة الميدان هو الاتجاه لمنطقة باب اللوق، إذ بإزالة عدد من المنشآت على يمين الداخل إلى باب اللوق مما يجعله جزءا من ميدان التحرير، هذا سيقودنا إلى إزالة كل البيانات على يسار ميدان باب اللوق حتى بداية ميدان عابدين ليشاهد قصر عابدين من على بعد، وليتحول القصر الذى لا يقل روعة عن قصر باكنجهام فى لندن لمزار سياحى دولى، ومن قصر عابدين مشيا على الأقدام نصل لمنطقة باب الخلق حيث متحف الفن الإسلامى ودار الكتب فى مبناها التاريخى، ثم ننتقل لشارع تحت الربع الذى يجب أن يقام فى أوله مساحة انتظار للسيارات والباصات، حيث تعد مدخلا للقاهرة التاريخية لقربها من باب زويلة.
إذا عدنا إلى ميدان التحرير مرة أخرى لنجد المربع الذهبى لنمشى إلى الجمعية الجغرافية المصرية حيث متحفها الرائع للتقاليد الشعبية المصرية ومتحف الفن الأفريقى، هذا يقتضى نقل هيئة الطرق والكبارى من هذه المنطقة ونقل مبناها ليكون مبنى إدارى للجمعية الجغرافية، وكذلك نقل مبنى تابع لوزارة الصناعة لتبعية المجمع العلمى المصرى، فتح متحف مجلس الشعب لزيارة الجمهور، مما يضيف بعدا هاما بهذه المنطقة.
إن مبدأ تحديد وظائف العاصمة يقتضى تفريغ وسط المدينة من منشآت هى ليست بحاجة لها،
●●●
ما سبق ذكره إنما هو رءوس أردت منها ضرب أمثلة، لكن هناك الكثير الذى يجب فعله بلا تردد، مثل نقل المتحف الجيولوجى من هنجر مجهول فى المعادى لقصر الأمير سعيد حليم فى التوفيقية ليوازى فى قيمته المتحف الجيولوجى أو متحف التاريخ الطبيعى فى لندن.
ونقل متحف الشمع إلى مدرسة القربية فى شارع محمد محمود بدلا من تركه فى زهراء حلوان مهملا، واستغلال الطابق الأرضى من مبنى التليفزيون كمتحف للراديو والتليفزيون، هذا كله سيغير وجه العاصمة لتكون حقا عاصمة لمصر.