كانوا يظنون أن الموت قد اقترب منهم بعد انتقال الفيروس القاتل إلى أجسادهم النحيلة، وكانوا يشعرون بالخوف والفزع عند ذكر اسمه، يحاولون الهروب من الحقيقة بنسيانه، يخشون من الدخول فى دوامة المستشفيات والعناية المركزة وغيبوبة الكبد والحَقن وانتفاخ البطن، ففيروس «سى» ينهش فى أكبادهم بكل سهولة ويسر، إذ لم تفلح الأدوية السابقة فى وقف نشاطه بنسب يمكن أن تدخل فى قلوبهم الطمأنينة، لكن الأمل دب فى نفوس 9 ملايين مصرى مصابين بالمرض بعد الإعلان عن عقار «السوفالدى» الذى يتم طرحه اليوم لأول مرة فى 8 مراكز علاجيه بمعظم أنحاء الجمهورية. اعتماد «السوفالدى» من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية «FDA» فى شهر ديسمبر الماضى تسبب فى إحداث ضجة كبيرة على الصعيدين العالمى والمحلى، لأنه فعال فى علاج النوع الجينى الرابع من فيروس «سى» الذى يصيب المصريين، عند تناوله مع عقار الريبافارين المضاد للفيروسات. ويتميز العقار الجديد بتعاطيه عن طريق الفم ليخلص المرضى من عناء الحصول على الحقن، كما يتمتع بدرجة أمان عالية، حيث لا يتسبب فى حدوث أعراض جانبية كبيرة بل تنحصر أعراضه فى الصداع والضعف الجسدى على خلاف العلاج التقليدى للفيروس الذى يشمل استخدام حقن الإنترفيرون، بجانب عقار الريبافارين، الذى تمتد فترة العلاج به لتصل إلى 12 شهراً، كما أنه يسبب العديد من الآثار الجانبية، أبرزها الاكتئاب وأعراض شبيهة بالإنفلونزا وبنسب شفاء لا تتعدى 50%، بينما أظهر العقار الجديد «سوفالدى» نسب شفاء عالية على الأشخاص البالغين تتراوح ما بين 90 و100%. وفى حين تكاثرت الأحاديث عن ارتفاع تكلفة العلاج باستخدامه، يؤكد العلماء أن العلاج التقليدى يتكلف 12 ألف جنيه لمدة 48 أسبوعاً للمريض الواحد، وبنسبة شفاء قليلة، فى حين أن توافر الأدوية الحديثة جعل تكلفة العلاج أقل ونسبة النجاح أعلى، وعلى سبيل المثال فى حالة علاج المريض بالإنترفيرون والريبافيرين، والسوفالدى لمدة 12 أسبوعاً سوف تكون تكلفة العلاج 9600 جنيه ونسبة النجاح نحو 95%. يصف البروفيسور «ريمون شينازى»، مكتشف العقار، بأنه «ثورة علاجية على مستوى العالم للقضاء على فيروس سى»، مرجحاً أن تعلن مصر دولة خالياً من الفيروس خلال 15 عاماً، مشيداً بحرص «القاهرة» للحصول على العقار قبل عدد كبير من دول العالم ما يعكس جدية الحكومة للقضاء على الفيروس، ومع ذلك يدعو الخبراء المواطنين لعدم التعجل بالإسراع فى طلب العلاج، فمرض الالتهاب الكبدى الوبائى «سى» مرض مزمن قد يلازم المريض سنوات طويلة دون أن ينشط، ما يدعو المريض إلى عدم التعجل والتريث حتى يتمكن من تناول علاج فعال وآمن، خاصةً إذا تم اكتشاف أدوية جديدة أكثر فاعلية منه، لكن الضرورة تحتم على أصحاب الحالات الحرجة سرعة تناول العقار للعلاج منه لوقف آلامهم.