ماذا يفعل المواطن أمام هذا التناقض العجيب؟ يصرح بعض أعضاء الجمعية بأنه لا يوجد خلاف على المواد الأساسية، والخلاف على مواد بسيطة سوف يتم التوافق عليها، والبعض الآخر يصرح عن العديد من الخلافات الجوهرية، وخاصةً فى باب الحقوق والحريات والمواد الخاصة بالمرأة، والإصرار على فرض الوصاية عليها وكأنها كائن لم يكتمل الأهلية مهما بلغت من العمر والمكانة، ويقترحون موافقة الزوج لترشح الزوجة بالمجالس النيابية، أو يتكلمون عن زواج القاصرات أو ربط كل المواد الخاصة بمساواة المرأة بأحكام الشريعة الإسلامية، رغم وجود نص المادة الثانية التى تحكم كل مواد الدستور. وبعد توافق كل التيارات وطوائف المجتمع على المادة الثانية التى كان يمكن الحشد من أجلها اقترحوا علينا لفظ السيادة لله، بالتأكيد «السيادة لله» لا خلاف عليها عند كل المصريين، ولكن لا بد من وضع لغم من أجل الحشد والتأثير بالعاطفة الدينية. والغريب بعد انسحاب بعض أعضاء الجمعية التأسيسية الموثوق بوطنيتهم، ورغم اتفاق كل القوى السياسية على رفض أعمال الجمعية التأسيسية، ومطالبتهم للسيد رئيس الجمهورية بتنفيذ وعده بإعادة تشكيلها مرة أخرى، وفجأة عاد المنسحبون يتذكرون أن الحرب لا بد أن تكون داخل الجمعية، سوف تكون مؤثرة عن وجودهم خارجها بعد هذه الفترة الطويلة من الانسحاب، ومع تقديرى التام لموقفهم واحترامى لهم جميعاً ماذا يفعل المواطن بعد كل هذا التشكك؟ ويتساءل: ما الصواب وما الخطأ، يثق فى من ويتشكك فى من؟ وفى الحقيقة، رغم رفضى التام لفكرة الصديق العزيز الدكتور عمرو حمزاوى فى تدخل أى جهة أجنبية فى شئوننا الداخلية، فكتابة الدستور حق أصيل للمصريين، دستور يعبر عن الهوية المصرية والتوازن الحقيقى بين السلطات التى تنظم حياتهم. ولكن هذا المقترح بالتأكيد نتيجة تخوف الدكتور عمرو، ومعه كل الحق فى هذا التخوف، من الاحتكام إلى الاستفتاء الذى سيؤدى بنا إلى كارثة باستخدام الدين مرة أخرى، وعدم دراية المواطن بالصياغات القانونية، ونتيجة اللغط الشديد الموجود فى الشارع المصرى سوف يوضع المواطن أمام اختيارين: إما العزوف عن الإدلاء بصوته خوفاً من المشاركة فى شىء يتشكك فى أمره، والآخر يوجه باسم الدين، وذلك يكون الاستفتاء غير معبر عن الإرادة الشعبية وتكون نسبة المشاركة ضعيفة كما حدث فى انتخابات الشورى. ومن هنا نحن حريصون كل الحرص أن يصدر دستور لمصر عليه توافق من كل فئات المجتمع ومن صالح أعضاء الجمعية التأسيسية أن يستجيبوا لطلب إعادة تشكيل الجمعية التأسيسية حتى يطمئن المصريون جميعاً من نواياهم الحسنة، وأنهم لا يبغون شيئاً إلا كتابة دستور يعبر عن عظمة مصر والمصريين.. أرجوكم نحن فى حاجة إلى توافق وطنى حتى نزيل قلق المواطن ونبدأ أولى خطوات التنمية بعد الانتهاء من الدستور والانتخابات ونحن فى حالة توافق مجتمعى.. والله الموفق.