أحد الشخصيات الهامة في تاريخ مصر، أُطلق اسمه على أهم نفق في "المحروسة"، هو أحمد حمدي الذي ولد في العشرين من مايو عام 1929، وكان والده من رجال التعليم بمدينة المنصورة، وتخرَّج أحمد حمدي في كلية الهندسة جامعة القاهرة قسم الميكانيكا، وفي عام 1951 التحق بالقوات الجوية، ومنها نقل إلى سلاح المهندسين عام 1954. حصل حمدي على دورة القادة والأركان من أكاديمية فرونز العسكرية العليا بالاتحاد السوفييتي بدرجة امتياز، وفي أثناء العدوان الثلاثي عام 1956 أظهر بطولة واضحة حينما فجَّر بنفسه كوبري الفردان حتى لا يتمكن العدو الإسرائيلي من المرور عليه. أطلق عليه زملاؤه لقب "اليد النقية" لأنه أبطل آلاف الألغام قبل انفجارها وكان معروفًا عنه مهارته وسرعته في تفكيك الألغام ودرَّب أجيالًا في هذا المجال، وعند صدور أوامر الانسحاب في حرب 1967 رفض الانسحاب إلا بعد أن يقوم بتدمير خطوط توصيل المياة بسيناء، وبالفعل دمَّر خطوط مياه سيناء حتى لا تقع في يد الجيش الإسرائيلي. كان الشهيد أحمد حمدي صاحب فكرة إقامة نقاط للمراقبة على أبراج حديدية على الشاطئ الغربي للقناة بين الأشجار لمراقبة تحركات العدو، ولم تكن هناك سواتر ترابية أو أي وسيلة للمراقبة وقتها، ونُفِّذت هذه الفكرة واختار هو مواقع الأبراج بنفسه، وتولى قيادة لواء المهندسين المخصص لتنفيذ الأعمال الهندسية بالجيش الثاني الميداني وكانت القاعدة المتينة لحرب أكتوبر 1973. وفي عام 1971 كلَّف بتشكيل وإعداد لواء كباري جديد كامل وهو الذي تم تخصيصه لتأمين عبور الجيش الثالث الميداني، وتحت إشرافه المباشر تم تصنيع وحدات لواء الكباري واستكمال معدات وبراطيم العبور. وكان ل"حمدي" الدور الرئيسي في تطوير الكباري الروسية الصنع لتلائم ظروف قناة السويس، وطوَّر تركيب الكباري ليصبح تركيبها في 6 ساعات بدلًا من 74 ساعة. صمم وصنع كوبري علويًا يتم تركيبه على أساس ومواسير حديدية يتم سحبها وتركيبها بطريقة "عاشق ومعشوق" لاستخدامها في حالة فشل قوات الصاعقة في غلق فتحات النابلم في القناة. وأسهم الشهيد أحمد حمدي بنصيب كبير في إيجاد حل للساتر الترابي، وقام بوحدات لوائه بعمل قطاع من الساتر الترابي في منطقة تدريبية وأجرى عليه الكثير من التجارب التي ساعدت في النهاية في التوصل إلى الحل الذي استخدم فعلًا. وعندما حانت لحظة الصفر يوم 6 أكتوبر 1973 طلب اللواء من قيادته التحرك شخصيًا إلى الخطوط الأمامية ليشارك أفراده لحظات العمل في تركيب الكباري على القناة، وتحرك بالفعل إلى القناة واستمر وسط جنوده طوال الليل بلا نوم ولا طعام ولا راحة، ينتقل من معبر إلى آخر حتى اطمأن قلبه إلى بدء تشغيل معظم الكباري والمعابر وصلى ركعتين شكرًا لله على رمال سيناء المحررة. في يوم 14 أكتوبر 1973 كان يشارك وسط جنوده في إعادة إنشاء كوبري لضرورة عبور قوات لها أهمية خاصة وضرورية لتطوير ودعم المعركة مع العدو، وأثناء ذلك ظهرت مجموعة من البراطيم متجهة بفعل تيار الماء إلى الجزء الذي تم إنشاؤه من الكوبري، معرضة هذا الجزء إلى الخطر وبسرعة بديهية وفدائية قفز البطل إلى ناقلة برمائية كانت تقف على الشاطئ قرب الكوبري وقادها بنفسه وسحب بها البراطيم بعيدًا عن منطقة العمل ثم عاد إلى جنوده لاستئناف العمل برغم القصف الجوي المستمر. وقبل الانتهاء من إنشاء الكوبري يصاب البطل بشظية متطايرة وهو بين جنوده، كانت الإصابة الوحيدة والمصاب الوحيد لكنها كانت قاتلة ويستشهد البطل وسط جنوده كما كان بينهم دائمًا.