السعادة وليدة الاستمتاع بالإمكانيات المتاحة، رفض كآبة أبسط الأشياء الحياتية، تفرض بهجتها على كل تفاصيل المعيشة، "القاهرة الرمادية" كره لونها الكثيرون، والقليل منها يسعى لتغييره. على بُعد شهرٍ مضى، لوَّن طلاب كلية الفنون الجميلة بالزمالك "سلم أبو الفدا" لنزع كآبة المنظر الرديء، واليوم جاء الدور على "أطباق الدش"، التي احتلت أسطح المنازل الفقيرة والغنية سواء، "الصدئة" التي لا تختلف عن المشهد الضبابي المحيط بها، حتى ضاق بها صدر الفنان التشكيلي المصري هاني حمص، لاعتياد رؤيتها من شرفة منزله. استياء حمص من المشهد جعله فاض بما في نفسه مع صديقه الفنان التشكيلي الأمريكي "جيسون ستون كينج" في إحدى زياراته، والذي اقترح فكرة "تلوين أطباق الدش في القاهرة" أو كما يُطلق عليها "The Cairo Dish-Painting Initiative"، وتعاون جيسون مع "مساحة فن آرت اللوا"، التي أسسها الفنان التشكيلي المصري والمصور حمدي رضا منذ يناير 2007، والذي أقام هذه المساحة في منطقته بأرض اللواء، وهى عبارة عن معرض مفتوح على الشارع، صاحبه مشروع "الإقامة الفنية" الذي برز من خلال استقبال "رضا" لفنانين أصدقائه من مختلف دول العالم واستضافتهم في منزله، فمن خلال الإقامة التي لا تتعدى الثلاثة أشهر يعرضون أعمالهم في هذا المشروع، وتقدم "جيسون" بمشروع "تلوين أطباق الدش" في هذه الإقامة. طباخ السعادة ينتشيها أولا، لذا كانت مبنى مشروع "مساحة فن آرت اللوا" أول عقار يُطبق عليه المشروع، يستكمل "خالد مصطفى" المتحدث الإعلامي باسم "فن آرت اللوا"، ل"الوطن"، بأنه عنده التنفيذ تشجع بعض الجيران لفكرة المبادرة وبدأوا تطبيقها في عقارين أو ثلاثة، حتى لاقت إعجابًا أكثر عبر مواقع التواصل الاجتماعي وتفاعل الكثيرون معها. في دقيقتين و28 ثانية لوّن "جيسون ستون" و"هاني حمص" برفقة أطفال من المنطقة، وبمساعدة فريق عمل "آرت اللوا"، تلونت أطباق "الدش" بألوان زاهية وساطعة مثل "اللبني، الأصفر، الفوشيا"؛ لإضفاء البهجة والسعادة على المشهد، "فبهذه الطريقة يُمكن لسكان هذه المدينة النابضة بالحياة أن يضيفوا بريقا إلى أفق مدينتهم ويعلنوا للعالم أن إشارات الأمل والسعادة وحرية التعبير هي الإشارات التي يرغبون في استقبالها"، كما توضح صفحة "Cairo dishes" على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك". يشير الفيديو إلى أن الأمر لا يتكلف سوى تنظيف طبق الدش من خلال غسيله بماء وصابون دون لمس الجزء الحديدي الخاص بالألوان، وإحضار "لا كيه مط مفيهوش رصاص ولا لمعان"، وعند التلوين يُغطي الجزء الخاص بالإرسال منعًا لإتلافه عن طريق الدهانات، مستعينين بأي أكياس أو كرتونة أو أي شيء يستطيع الشخص إحضاره.