كانت إصابة المراهقة الباكستانية "ملالا يوسف زاي" بطلق ناري في الرأس منذ عامين، ونجاتها عقب حادث استهدافها بأيدي عناصر حركة طالبان، مسار تحول لحياتها من طالبة بالصف السابع في إحدى مدارس باكستان إلى الفوز ب"جائزة نوبل للسلام". في 9 أكتوبر 2012، صعد شاب مسلح إلى حافلة مدرسة فتيات في "وادي سوات" وهي منطقة جبلية نائية بالقرب من الحدود الأفغانية، وتساءل "من هي ملالا ؟"، وعلى الفور أشهر سلاحه في وجهها وباغتها بطلق ناري اخترق رأسها. في هذا الوقت، لم يكن أحد يعلم من هي "ملالا يوسف زاي"، ابنة الخمسة عشر عاما، لكن اسمها بدأ في الانتشار على صفحات الصحف العالمية، إنها الفتاة التي دونت ضد قرار حركة "طالبان" بمنع الفتيات من الذهاب إلى المدارس. وعقب الحادث، انتقلت طائرة إمارتية بالفتاة التي كانت تعيش لحظات فارقة بين الموت والحياة، لتنقلها إلى مستشفى الملكة إليزابيث في العاصمة البريطانية، لندن؛ لتلقي العلاج، وإجراء عمليات دقيقة في الجمجمة لتكتب لها حياة جديدة بعد تلك الرصاصة التي حاولت "طالبان" بها اغتيالها. وبعد أن نجت "ملالا" وخرجت من المستشفى في فبراير 2013، قررت كتابة مذكرتها في كتاب يحمل اسمها، كان ذلك وسط تكهنات بإمكانية حصولها على جائزة نوبل للسلام في أكتوبر 2013، إذ طالب أكثر من 150 عضوًا في مجلسي النواب والشيوخ الفرنسيين، بمنحها جائزة نوبل للسلام عام 2012. انتشر كتاب مذكرات "ملالا" في جميع أنحاء العالم، إلا باكستان التي حظرت شراء كتاب الناشطة، وقالت السلطات إن به محتوى مناهض لباكستان وللإسلام". "ملالا" 17 عامًا، بدأت رحلتها مع التدوين عام 2009 وهي ابنة منطقة "سوات" الفقيرة في باكستان، قررت انتقاد الحركة الإسلامية المتشددة التي تسيطر على بلادها "طالبان"، عبر الكتابة عن حق التعليم للفتيات على مدونتها الخاصة، بعد قرار أصدرته حركة "طالبان" بمنع الفتيات من الذهاب إلى المدارس، وعندما ذهبت "ملالا" في اليوم التالي إلى فصلها وجدت الطالبات الحاضرات 11 فتاة من أصل 27، إذ قررت الغائبات البقاء في المنزل؛ خوفًا من بطش الرجال المتطرفين. كانت "ملالا" تكتب باستمرار عبر مدونتها التابعة لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، باسم مستعار، دون أن تكشف عن شخصيتها الحقيقية، لكن بمجرد أن علمت طالبان أنها صاحبة المدونة المحرضة ضدهم، تلقى والدها تهديدات بالقتل، وكان ذلك في 2011. أثنت الابنة الحقوقية على والدها زياد الدين يوسف زاي، وهو في الأصل معلم، كما أنه مؤسس المدرسة التي ارتادتها حتى محاولة اغتيالها، لتنتقل بعد ذلك مع أسرتها لتعيش في مدينة برمنجهام في بريطانيا. رصاصة طالبان لاغتيال ملالا حركت العالم، إذ أعلنت منظمة يونسكو في 2012 عن إنشاء صندوق لتمويل تعليم الفتيات حول العالم بحلول عام 2015. حصدت ملالا مجموعة من الجوائز العالمية من أجل نضالها، منها جائزة سخاروف المرموقة لحقوق الإنسان في البرلمان الأوروبي في نوفمبر 2013، وفي سبتمبر من نفس العام حصدت جائزة "المواطن العالمي" التي تمنحها مبادرة كلينتون العالمية، كما نالت في نفس العام جائزة "سيمون دو بوفوار" لحرية النساء، واحتفت الأممالمتحدة بعيد ميلادها ال"16" بإلقاء كلمة ناقشت فيها قضية تعليم الأطفال. العناية الإلهية أنقذت المراهقة الباكستانية ملالا لتعود إلى حياتها مرة أخرى، لكنها لم تعد تلك الطالبة بالصف السابع التي لا يعرفها سوى رفيقتها في المدرسة، إنما أصبحت ناشطة حقوقية تحدث عنها العالم من شرقه وحتى غربه، واليوم هي الحائزة على جائزة نوبل للسلام مناصفة مع حقوقي هندي.