تظاهرات وجموع ملأت ميادين العالم، أشخاص يهتفون بشعارات مرتفعة وعبارات صارمة لتغيير قانون أو عادة سادت في مجتمع يقهر قاطنيه، تعددت أشكال الاحتجاجات والهدف واحد توصيل رأي معين للجميع وتسليط الضوء على ضحاياه، لم تتوقف أساليب طرح أفكار معارضة على الهتافات والإضرابات والعنف بل استخدمت طرق حديثة لتجذب انتباه الجميع لها. على غرار تصعيد الأمور، أصبحت لمفهوم "الحرية والديمقراطية" معان مختلفة في الآونة الأخيرة، ولفتت الأنظار ظاهرة "الأجساد العارية" التي اقتحمت الاحتجاجات بمدن عديدة عالمية وعربية، صدور عاريات وأجسام ملونة بكلمات تحد من انتهاك حرية المرأة في التعبير بالمجتمع، بدأت مع شعلة حركة نسائية توسعت وانتشرت في أنحاء أوروبا، ودقت أبواب الشرق الأوسط بعدما انضمت إليها المصرية علياء المهدى والتونسية أمينة تيلر. كان الغرض إدانة الشعور بالتفوق الذكوري على المرأة وتحسين وضعها في المجتمعات، إلى أن اتُخذ "العري" في التظاهرات سبيلا لتسليط الضوء على مطالب الجماهير، تعددت دوافعه ولم يتوقف عند الدفاع عن حقوق المرأة، بل استخدمه آلاف الطلاب ورواد الحرية بهونج كونج، وطالبوا بحقهم في حرية اختيار زعيمهم القادم في انتخابات عام 2017، وغلب على المشهد سيقان عارية تحمل كلمة "ديمقراطية". تربعت منظمة "فيمن"، التي تأسست عام 2008 بأوكرانيا، على عرش "الاعتراض بالتعري"، فالعام الماضي خرجت فتيات عاريات الصدر أمام السفارة الأوكرانية ببرلين ورفعوا شعار "جسدي هو سلاحي" للاحتجاج ضد قمع ناشطين سياسيين، وواصلت فتيات "فيمن" في الدفاع عن حقوق المرأة وقضايا تخص سياسة المجتمع العربي، حيث خرجن في وقفة احتجاجية أمام سفارة مصر الموجودة في العاصمة الفرنسية "باريس" اعتراضًا على أحكام الإعدام التي صدرت في حق عناصر جماعة الإخوان، بينما في عام 2012 تعرّت علياء المهدي وعدد من ناشطات "فيمن" أمام السفارة المصرية بالسويد رفضًا للدستور المصري الجديد وكتبن على أجسادهن "الشريعة ليست دستورًا". لم تكن ظاهرة العري "تقليعة" جديدة في عصرنا الحديث، وارتبطت الظاهرة بأسطورة قديمة ترجع للقرن الثالث عشر عند أول ظهور لامرأة عارية الجسد كاملةً وهي "الليدى غوديفا" التي تمردت على زوجها الأمير "ليوفريك" حاكم مقاطعة "كوفنترى" بإنجلترا، وسخطت من سياسته بفرض ضرائب مفرطة على سكان المدينة، وعندما ناشدت زوجها اشترط عليها أن تتجرد من ملابسها لينفذ مطالبها وتطوف في البلاد على صهوة حصان وهي عارية، وقبلت غوديفا التحدي لتوصل صوت الفقراء الضعفاء.
