كاردوسو يعزز صفوف أتليتكو مدريد 5 مواسم    أستاذ فقة ل"الستات مايعرفوش يكدبوا": معظم المشاكل الزوجية سببها سوء الاختيار    وفاة ميمي عبد الرازق بعد أزمة قلبية مفاجئة    وفاة ميمي عبد الرازق    «الأوقاف» تُنظم ندوات ب 1544 مسجدًا بالتعاون مع الأزهر الشريف    «أوقاف السويس» تنظّم ندوة في ثالث أيام الأسبوع الثقافي    بنسبة نجاح تخطت 90%.. صحة الفيوم تعلن نتيجة مدارس التمريض بالمحافظة    انطلاق اختبارات القدرات بكلية العلوم الرياضية جامعة قناة السويس    رئيس الوزراء يتابع موقف تسليم الوحدات السكنية للموظفين المنتقلين للعمل بالعاصمة الإدارية الجديدة    الداخلية تكشف ملابسات فيديو متداول حول مخالفة مرورية في مطروح    المهرجان القومي للمسرح يكرم الفنان القدير جلال العشري    بروتوكول تعاون بين مركز البحوث الزراعية والوكالة الإيطالية لتعزيز إنتاج المحاصيل    محافظ الجيزة يكلف بسرعة التشغيل التجريبي لموقف السرفيس بالصف    الطيران السوري: إغلاق مؤقت للممر الجوي الجنوبي    استيفاء الاشتراطات البيئية والصحية شرط إصدار تصاريح المشروعات ومحطات المحمول في الشرقية (تفاصيل)    محافظ الغربية في جولة مفاجئة ويستقبل طلبات المواطنين بنفسه .. صور    تعيين رؤساء تحرير جدد للأهرام الرياضي وآخر ساعة وعقيدتي و«روزاليوسف» (تفاصيل)    للمرة الأولى.. شهداء بسبب الاختناق في مراكز توزيع المساعدات بقطاع غزة    الرئيس العراقي يدعو إلى منع انزلاق المنطقة إلى مزيد من الصراع    مسؤولة أممية تدعو إلى تقديم قادة إسرائيل إلى العدالة    بسبب تهريب 2 مليون لتر وقود.. إيران تحتجز ناقلة نفط أجنبية في خليج عمان (تفاصيل)    التعليم العالي: 28 ألف طالب يسجلون لأداء اختبارات القدرات    «رواد تحيا مصر» تواصل التوعية بمخاطر المخلفات الإلكترونية بمركز شباب دمياط    انسحاب مفاجئ لمرشح من سباق انتخابات مجلس الشيوخ بالفيوم    منتخب مصر للناشئين يستعد بقوة لكأس العالم تحت 17 سنة.. وأحمد الكاس يؤكد: "جاهزون للتحدي"    بيراميدز ينافس الأهلي على ضم مصطفى محمد    شرط ليفربول لبيع دياز ل بايرن ميونخ    خالد الغندور ينتقد أساليب تقديم صفقات الأهلي والزمالك: "رسائل تافهة تثير الفتنة"    خطوة جديدة فى مشروع عملاق    إصابة 6 أطفال في حريق التهم معرض موبيليا ب الدقهلية    «الداخلية» تكشف ملابسات مشاجرة بالعصى بسبب خلافات الجيرة في الشرقية    السيطرة على حريق في مزرعة دواجن بقرية دمشقين بالفيوم دون إصابات    بعد تداول فيديو يوثق الواقعة.. حبس شاب هدّد جيرانه بسلاح أبيض في الفيوم    تموين دمياط: خطة شاملة لضبط الأسواق وتأمين غذاء المواطنين    مقتل سيدة على يد شقيقها في المنيا بسبب خلافات أسرية    انتشال اثنين من المفقودين في حادث انقلاب سيارة في ترعة بالبحيرة وجاري البحث عن صغيرة    الرئيس الأمريكى ترامب يطرح حل أزمة سد النهضة مقابل تهجير الفلسطينيين والسيسي يرحب    سوزي الأردنية وكيرو على ريد كاربت «الشاطر».. جدل حول حضور «التيكتوكرز» عروض الأفلام    عزيز مرقة يشعل المنافسة ل«الفانز» في أغنيته «شايفة إيه؟» (تفاصيل)    مفاجأة عاطفية.. توقعات برج الثور في النصف الثاني من يوليو 2025    محمد علي رزق: «فات الميعاد» من أمتع الكواليس اللي مريت بيها| خاص    الشركة المتحدة ولميس الحديدى يتفقان على عدم تجديد التعاون بينهما    تواصل مناهضة الفرق البريطانية لدعهما غزة .. إلغاء تأشيرات "بوب فيلان" الأمريكية بعد أغنية "الموت لإسرائيل"    بعد تراجع عيار 21.. كم سجل سعر الذهب اليوم الأربعاء 16-7-2025 عالميًا ومحليًا؟    إنزال 800 ألف زريعة أسماك «المبروك والبلطي» في بحري مويس وأبو الأخضر ب الشرقية    وزير البترول يبحث مع شركة "شلمبرجير" سبل دعم الاستكشاف والإنتاج    بين الحب والاتباع والبدعة.. ما حكم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف 2025؟    نائب وزير الصحة يعقد اجتماعًا لمناقشة آخر مستجدات ملف السياحة العلاجية    مبادرة الألف يوم الذهبية.. نائب وزير الصحة في ندوة علمية بالمنيا لدعم الولادات الطبيعية    تقديم 1214 خدمة طبية مجانية خلال قافلة بقرية قصر هور في المنيا    محافظ شمال سيناء: مبادرة 100 يوم صحة نقلة نوعية لتوفير رعاية شاملة للمواطنين    أوكرانيا: إصابة 15 شخصا على الأقل في أحدث هجوم روسي بمسيرات وصواريخ    أكاديمية الشرطة تستضيف دورتين تدريبيتين بالتعاون مع الصليب الأحمر    تسبب انكماش الدماغ.. طبيب يحذر من تناول هذه الأطعمة الثلاثة    بتوجيهات السيسي.. وزير الخارجية يكثف الاتصالات لخفض التصعيد في المنطقة    بعد 12 عامًا.. خلفان مبارك يغادر الجزيرة الإماراتي    قصور الثقافة تواصل برنامج "مصر جميلة" بورش تراثية وفنية في شمال سيناء    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعلنا لنعمك شاكرين وبقضائك راضين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السيسى وأردوغان.. صدام مصالح وتضارب إرادات!
نشر في الوطن يوم 01 - 10 - 2014

ما من تفسير صحيح يبرر هذا الموقف اللاأخلاقى من جانب الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، فى تطاوله على مصر وهجومه الشديد على الأمم المتحدة من فوق منبر الجمعية العامة، لأنها استقبلت الرئيس المصرى بحفاوة بالغة، وهو الذى قاد الانقلاب العسكرى على الرئيس المنتخب محمد مرسى! سوى أن أردوغان فقد القدرة على التوازن، ولم يعد فى وسعه أن يسيطر على جموح مشاعره الذاتية، أو يخفى حقده البالغ على مصر والمصريين، لأنهم ضربوا طموحه فى أن يكون الخليفة العثمانى الجديد! الحلم الكاذب الذى روجته جماعة الإخوان المسلمين تشترى به مشاعر العوام، وتبيعه إلى دولتين متواطئتين تعتقدان أن صعودهما وقوة تأثيرهما فى محيطهما الإقليمى يرتبطان بإضعاف مصر، وكذلك ترشو به الولايات المتحدة فى عملية تواطؤ استراتيجى خسيس، تعطى لحماس 1750 كيلومتراً من أرض سيناء مقابل صلح شامل مع إسرائيل على حساب الأرض والأمن المصرى! توقعه جماعة الإخوان المسلمين بعد أن أصبحت فى سدة الحكم تملك سلطة القرار فى الشأن المصرى، وتوزع الأرض المصرية على الأحباب الإخوان فى غزة والسودان، لأن الوطن فى مفهوم الجماعة مجرد حالة عابرة والأصل والجذر هو الخلافة التركية!
وذلك ليس مجرد تحليل سياسى يمكن أن يخطئ أو يصيب، لكنها مؤامرة موثقة فى تقارير رسمية لأجهزة المعلومات الأمريكية عنوانها (الحل البديل لفشل قيام دولة فلسطينية إلى جوار دولة إسرائيل)، تركز على الدور التركى الذى يمكن أن يكون مثالاً لحكم إسلامى معتدل يتسم بالحداثة والعصرية، لا يجد غضاضة فى أن يكون جزءاً من تحالف الأطلنطى أو يرتبط بمعاهدة صداقة مع إسرائيل، تقوده جماعة الإخوان المسلمين بدلاً من أنظمة الحكم فى الشرق الأوسط.
وما يزيد من أزمة أردوغان، إدراكه الواضح أن التاريخ لم يعد فى صفه، وأن حجم المعارضين له فى تركيا «52%» يفوق الآن عدد مؤيديه، بعد أن تورط هو وابنه بلال وعدد من وزرائه المهمين فى قضايا فساد شهيرة، رأى أردوغان أن حلها الصحيح ضرب جهازى الشرطة والقضاء! كما أمعن فى معاداة الأجيال التركية الجديدة التى تعتقد أن تركيا ينبغى ألا تبقى أسيرة إلى الأبد لحكم أردوغان، لأنه حقق على امتداد أعوام حكمه السابقة إنجازاً اقتصادياً ضخماً مكن تركيا من أن تحتل المكانة السابعة بين الدول الأوروبية، جاء على حساب الحق الديمقراطى للمواطنين الأتراك الذين يستحقون ديمقراطية كاملة، لا تقيد حرية الرأى والتعبير ولا يتهددها الإرهاب الفكرى الذى يمارسه أردوغان، خاصة أن أردوغان يزداد شراسة فى معاملة الآخرين ويجنح كل يوم إلى المزيد من التسلط وحكم الفرد، ولم يعد يطيق أى رأى معارض حتى إن جاء من صديق قديم مثل الرئيس السابق عبدالله جول، ويزيد على ذلك أن أردوغان أغرق تركيا فى مشاكل ضخمة بعد أن نجحت فى إنهاء مشاكلها مع كل الجيران، وفتح بتدخله السافر فى الشأن السورى وتصميمه على إسقاط الرئيس بشار الأسد باباً جديداً لعودة المشاكل بين البلدين، تظهر آثاره بوضوح فى مناطق الحدود المشتركة التى تكتظ بمئات الآلاف من اللاجئين السوريين والأكراد!
لكن الأخطر من جميع ذلك انكشاف تحالفه البغيض مع منظمة داعش الإرهابية، التى اعتبرها الرئيس التركى أداة لتنفيذ سياساته الإقليمية يستخدمها ضد سوريا والعراق فى صفقة كريهة، التزمت فيها تركيا بفتح حدودها مع سوريا سداحاً مداحاً، وتمرير كل المساعدات إلى داعش، ابتداء من المؤن والأسلحة والذخائر إلى المقاتلين الأجانب الذين يأتون من العواصم الأوروبية ليشاركوا فى الحرب إلى جوار داعش! وبرغم إلحاح دول الاتحاد الأوروبى على أردوغان كى يغلق حدوده أمام عبور هؤلاء المقاتلين الذين يمكن أن يكرروا فى دولهم الأوروبية قصة الأفغان العرب، سد أردوغان أذنيه وسمح باستمرار عبور الآلاف منهم إلى داعش، إلى أن صدر قرار مجلس الأمن الأخير يمنع كافة الدول من تسهيل مرور المقاتلين الأجانب للالتحاق بأى من منظمات الإرهاب!
وتكشف عملية إفراج داعش عن موظفى القنصلية التركية فى الموصل «49 موظفاً»، الذين ألقت داعش القبض عليهم بعد سقوط المدينة، عن حجم التواطؤ بين أردوغان وداعش، لأن داعش المعروفة بوحشيتها عاملت أسراها الأتراك بكرم بالغ، وحرصت منذ اليوم الأول على إبلاغ تركيا بأنها سوف تفرج عن موظفى القنصلية فى أقرب وقت ممكن، وبرغم ادعاء رجب طيب أردوغان بأن الإفراج تم من خلال عملية تحرير دقيقة قام بها الأمن التركى، فإن الوقائع المعلنة تقول بوضوح كامل إنه لم تكن هناك عملية تحرير كما ادعى أردوغان كذباً، وإن الإفراج تم فى إطار علاقة التواطؤ بين الحليفين، ولهذه الأسباب خرجت مظاهرات الشعب التركى فى شوارع معظم المدن تدين التواطؤ بين داعش وأردوغان، وتطالب بكشف أسرار صفقة الإفراج عن موظفى القنصلية وإعلان الثمن الذى دفعه أردوغان لداعش، بما زاد من تدهور مكانة الرئيس التركى داخل بلده، وضرب أغلبيته المحدودة التى مكنته من الفوز بانتخابات الرئاسة الأخيرة.
وما من شك أن الرئيس السيسى يشكل جزءاً مهماً من أزمة أردوغان الشخصية، ليس فقط لأن السيسى أجهض حلمه فى الخلافة الإسلامية، عندما ساند مطالب المصريين المشروعة بإزاحة حكم جماعة الإخوان المسلمين، بعد أن خرج إلى شوارع القاهرة والمحافظات أكثر من 30 مليون مصرى فى تظاهرة لم تعرف الإنسانية مثالاً لها يطالبون بإسقاط حكم المرشد، ولكن لأن السيسى نجح فى أن يكسب ثقة شعبه على نحو أدهش العالم، وجاء إلى الجمعية العامة تسبقه إشارات قوية من داخل مصر تؤكد لكل المراقبين الفرص المتزايدة فى أن تتمتع مصر بالأمن والاستقرار فى ظل حكمه، وتفاؤل المصريين برئيسهم الجديد وعزمهم الواضح على إنجاحه بما يؤكد أن قصة الانقلاب العسكرى تبخرت دخاناً فى الهواء ولم تعد تنطلى على أحد، وأن العالم بأكمله يستقبل الرئيس السيسى بحفاوة منقطعة النظير، ويبدى استعداده للتعاون مع مصر بمن فى ذلك الرئيس الأمريكى أوباما الذى طلب فتح صفحة جديدة فى علاقات البلدين اعترافاً بمكانة السيسى وسط شعبه وإدراكاً لحقيقة الأمر الواقع، وأظن أن ذلك يمثل جوهر عقدة أردوغان من السيسى، لأن أردوغان يكره أن يكون فى الشرق الأوسط رئيس يفضله مصداقية وشعبية، ولأن العناد والمكابرة والحماقة سيطرت على أردوغان بحيث لم يستطع أن يضبط توازنه، وانطلق فى هلاوس غريبة يسب مصر والأمم المتحدة وهو يلقى خطابه من فوق منبر الجمعية العامة فى قاعة شبه فارغة من الحضور تجسد أزمة أردوغان فى سقوطه الأخلاقى، بينما يصعد نجم جديد فى الشرق الأوسط أكثر مصداقية وأكثر صدقاً مع شعبه، يرفض أن يرد على تجاوزات الرئيس التركى أدباً واحتراماً لنفسه، فهل نحن أمام صدام جديد لإرادات ومصالح فى الشرق الأوسط، أم أنها الحماقة أعيت من يداويها؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.