حذر الخبراء المشاركون في المؤتمر الإقليمي حول الآثار السلبية للتغيرات المناخية علي قطع المياه من خطورة تداعيات الظاهرة علي الأمن المائي للمنطقة العربية، خاصة 6 دول مطلة علي ساحل البحر المتوسط، وانخفاض مواردها المائية بنسبة تزيد عن 10 % مثل الموارد المائية لمصر، وتصل أحيانا إلي 80 % من هذه الموارد كما في الأردن، بينما شدد الخبراء علي أنه من المتوقع اختفاء العديد من الواحات بالصحراء الغربية في مصر وعدد من الدول في شمال أفريقيا مثل تونس والجزائر. وأكد الخبراء المشاركين في المؤتمر الذي نظمه الاتحاد الأوربي أن المنطقة سوف تتعرض إلي موجات جفاف وفيضانات بسبب ارتفاع درجات الحرارة ومنسوب مياه البحر المتوسط، وتعرض المدن الساحلية إلي فيضانات من مياه البحر المتوسط مثل فيضانات "تسونامي"، مشيرين إلي ضرورة توفر البيانات اللازمة لدي حكومات الدولة لوضع خطط واستراتيجيات تقلل من هذه الآثار علي المنطقة، واصفين مصر بالدول "الأكثر ضعفا" في مواجهة التغيرات المناخية بسبب طبيعتها الجغرافية في منطقة الدلتا. وقالت الدكتور سوزان طه خبير المياه الأردنية، "ملف التغيرات المناخية من الملفات "الساخنة" التي تشكل مستقبل المنطقة ، وتجاهل التعامل مع هذا الملف يهدد خطط الدول في التنمية المستدامة ، مشيرة إلي ضرورة تبني سياسات بناء القدرات لدي الخبراء ومسئولي الوزارات المعنية بدراسة ظاهرة التغيرات المناخية لوضع خطط عامة للإدارة المتكاملة للموارد المائية تضمن تحقيق الكفاءة القصوى من هذا المورد النادر والنفيس. وأشارت إلي ضرورة استنباط سلالات وأصناف من المحاصيل الزراعية تكون قليلة الاستهلاك للمياه ،وتتحمل الجفاف وملوحة التربة لتأمين احتياجات الشعوب العربية من الغذاء خاصة وأن 80 % من الموارد المائية السطحية يتم استخدامها في الزراعة ، بينما شددت علي اهمية الاستفادة من الاحتياطي الاستراتيجي للدول العربية وهو المياه الجوفية ومنع تعرضها للاستنزاف بسبب التوسع في المشروعات الزراعية "غير المدروسة". بينما أكد الدكتور جمال عليبو، الخبير الدولي في الهندسة المائية بالجامعة الحسنية بمدينة الدارالبيضاء المغربية، تضارب نتائج النماذج الرياضية حول توقعات إيرادات نهر النيل مشيرا إلي أنها تتراوح ما بين الانخفاض بنسبة تصل إلي 80 % أو الزيادة بنسبة 25 % ، مع ترجيح النتائج الاولي، مطالبا الحكومة المصرية بإعداد خطط مستقبلية تواجه هذه المخاطر ، وأن تأخذها جديا حتي لا يصبح مستقبل أبنائها وحيدا في مواجهة هذه التغيرات التي تعصف بالمستقبل الاقتصادي لدول كبري. وشدد علي أن التوقعات تشير إلى انخفاض الموارد المائية الواردة إلي المنطقة من الدولة الأخرى بنسبة تتراوح بين 16 % إلى 37 % بسبب التغيرات المناخية ، خاصة وأن 60 % من المياه العربية تأتي من خارج حدودها ، مشددا علي ضرورة وجود اتفاقيات واضحة لتقاسم المياه لضمان وصول مياه الانهار الدولية إلي دول المصب التي ستكون الاكثر تضررا من الظاهرة. وشدد الخبير الدولي " عليبو" علي أن مصر والمغرب وتونس وسوريا ولبنان من الدول التي تهددها الآثار السلبية للتغيرات المناخية وستكون الاكثرها ضررا، موضحا أن إيرادات المياه الواردة إلي السد العالي جنوبأسوان سوف تقل لسببين الاول هو زيادة معدلات البخر بسبب ارتفاع درجات الحرارة ، والثاني هو إنخفاض كميات هطول الأمطار والفيضانات في "أعالي النيل"، بينما سيرتفع الطلب علي المياه في مصر بسبب الزيادة السكانية وإرتفاع معدلات إستهلاك مياه الري بسبب درجات الحرارة المرتفعة بنسبة تصل إلي 10 % من الموارد المائية المتاحة لدي مصر "تعادل 7 مليارات متر مكعب من المياه". وكشف الخبير المغربي عن أن التقارير الدولية تؤكد أن منسوب مياه البحر المتوسط سيرتفع من 20 إلى 60 سم بحلول عام 2100 وهو ما يعني غرق مساحات كبيرة تطل علي السواحل الشمالية لمحافظات الدلتا مثل البحيرة وكفر الشيخ ودمياط والاسكندرية مطالبا الحكومة بمراجعة خطط التنمية في هذه المناطق حتي لا تتعرض الاستثمارات إلي خسائر كبيرة ، بينما أشار إلي أن مياه نهر الأردن سوف تقل بنسبة تصل إلي 25 %، بينما تشير الدراسات إلي إنخفاض الموارد المائية للبنان بنسبة تصل إلي 15 % ، ترتفع إلي 50 % في سوريا بسبب ظاهرة التغيرات المناخية. وحذر الخبير الفرنسي في التغيرات المناخية، إستيفانو سيمون، من مخاطر الظاهرة خاصة بسبب الزيادة السكانية التي تعاني منها المنطقة العربية، مشيرا إلي عدم تجاهل مخاطرها، خاصة وأنها "ملموسة" للجميع ويشعر بها المواطنون مثل مسئولي الحكومات ، وتهدد الأمن المائي لدول المنطقة العربية. واضاف سيمون أن التوقعات تشير إلي أن المنطقة الواقعة جنوب البحر المتوسط، خاصة مصر ودول شمال أفريقيا ولبنان والأردن، من المناطق الاكثر تضررا من الاثار السلبية للتغيرات المناخية ، مشيرا إلي أنها ستعاني من موجات شديدة الحرارة والجفاف والفيضانات المائية الواردة من البحر المتوسط إلي المناطق المنخفضة بهذه الدول.