هل الدولة جادة فعلاً فى برلمان يشرّع للأمة ويراقب الحكومة، هل الدولة جادة قى انتخابات برلمانية نزيهة، هل يختفى سلاح المال فى شراء برلمان مخصوص بعدما نجح الطامحون فى ذلك فى السيطرة على الإعلام وشبكات المحمول وغيرها، وبالتالى امتد طموحهم إلى شراء برلمان، وبالتالى السيطرة على مفاصل الدولة ومؤسساتها.. هل الدولة جادة فى حياة نيابية سليمة بعيداً عن سلاح البلطجة وحشد المسجلين خطر وأرباب السوابق لإرهاب المواطنين وأيضاً الإفراج عن أرباب السوابق من المتهمات لضرب وتفريق السيدات.. هل الدولة جادة نحو برلمان يمثل فعلاً الإرادة المصرية وتطلعات الشعب لبرلمان تكون مهمته كما نصت المادة 101 من الدستور: «يتولى مجلس النواب سلطة التشريع وإقرار السياسة العامة للدولة والخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والموازنة العامة للدولة ويمارس الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية، وذلك كله على النحو المبين فى الدستور»، هل نحن جادون نحو برلمان يضم نواباً يصلحون لممارسة هذه الأعمال وتفعيل دورهم فى إعداد التشريعات وإقرار سياسات الدولة الاجتماعية والاقتصادية والموازنة وتفعيل أدوات الرقابة من استجوابات وأسئلة وطلبات إحاطة وبيانات عاجلة وتقديم مشروعات القوانين والاقتراحات برغبة فى القضايا العامة؟ البرلمانات هى المدرسة الأولى لتخريج الحكام ورؤساء الوزراء وكبار الساسة فى كل دول العالم المتقدم والمتحضر، لأنهم هناك يشرّعون للشعب ويراقبون الحكومات، حتى أصبح الحكم الرشيد هو سر نهضة هذه الأمم.. فيوم يأتى برلمان وانتخابات حرة ونزيهة لا يلوثها سلاح المال ولا سلاح البلطجة ولا العبث بإرادة الناخبين وتفعيل النائب لأدوات التشريع والرقابة تكون البداية والسير على الطريق الصحيح.. وبذلك نعيد أمجاد البرلمان المصرى والحياة النيابية السليمة كما كانت قبل 52.. برلمان يشرع للأمة ويراقب من أجلها وليس برلماناً مثل البرلمانات التى أتت قبل 52.. تصفق أكثر مما تفكر، وتنافق أكثر مما تشرع، وتنحنى للحكومة أكثر من أن تراقبها وتحاسبها وتعلمها كيف تمشى على التشريع الذى يضعه البرلمان ولا تنحرف عنه.. أخشى أن تستمر المؤامرة على البرلمان المقبل بحيث يتم تفريغ النائب من دوره الذى نُصّ عليه فى الدستور مقابل أن تتنازل الدولة عما تضمّنته المادة 109 من الدستور حيث تنص على أنه «لا يجوز لعضو المجلس طوال مدة العضوية أن يشترى أو يستأجر بالذات أو بالواسطة شيئاً من أموال الدولة أو أياً من أشخاص القانون العام أو شركات القطاع العام أو قطاع الأعمال العام ولا يؤجرها أو يبيعها شيئاً من أمواله أو يقايضها عليه ولا يبرم معها عقد التزام أو توريد أو مقاولة أو غيرها ويقع باطلاً أى من هذه التصرفات.. إلخ».. لقد شهدت مصر ترجمة حقيقية للفساد البرلمانى والسياسى بسبب استغلال عضوية البرلمان فيما حذرت منه المادة 109.. وتحول بعض النواب إلى مافيا استولت على أراضى الدولة وتاجرت فى كل شىء على حساب التشريع والرقابة والرسالة البرلمانية السامية فى تمثيل الشعب. لو رجعنا إلى الأراضى التى استولى عليها بعض النواب، والصفقات استغلالاً للحصانة البرلمانية لأدركنا أنها السبب الرئيسى فى ترك مسئولية التشريع للحكومة كاملة ودفن ملفات الفساد عقب موافقة أعضاء الأغلبية على الانتقال إلى جدول الأعمال بمجرد تقدم أكثر من عشرين عضواً بطلب بإغلاق المناقشة والانتقال إلى جدول الأعمال.. حتى الآن لم يُستدل ولم يُعلن عن أسماء هؤلاء العشرين المبشرين دائماً وأبداً برضاء الحزب الوطنى غير المأسوف على رحيله. برلمان محترم يشرع ويراقب تتقدم به الأمة.. وبرلمان يصفق وينافق يؤدى إلى انهيار الأمة. نريد برلماناً له رسالة.. ولا نريد برلماناً مجرد صفقة بين النواب والحاكم.