مجلس النواب وسط الجدل السياسي الذي تعيشه مصر الآن لن نستطيع أن ننكر وجود مسودة جديدة للدستور هناك من أيدها وهناك أيضا من عارضها وهي في طريقها الآن بين الرفض والقبول من خلال الاستفتاء الذي سيجري في موعده يوم السبت القادم وهو الميعاد الذي قد أعلنه رئيس الجمهورية من قبل ومن المعروف أن الدستور هو القانون الأعلي الذي يحدد القواعد الأساسية لشكل الدولة (بسيطة أم مركبة) ونظام الحكم (ملكي أم جمهوري) وشكل الحكومة (رئاسية أم برلمانية) وينظم السلطات العامة فيها من حيث التكوين والاختصاص والعلاقات التي بين السلطات وحدود كل سلطة والواجبات والحقوق الأساسية للأفراد والجماعات ويضع الضمانات لها تجاه السلطة. ويشمل اختصاصات السلطات الثلاث (السلطة التشريعية والسلطة القضائية والسلطة التنفيذية) وتلتزم به كل القوانين . وبالتالي المسودة الجديدة للدستور المطروحة للاستفتاء كان لابد أن نسلط الضوء بها علي السلطة التشريعية "البرلمان" ومعرفة ماهي المستجدات التي طرأت علي صلاحياته مقارنه بدستور "1971" ومع دستور مصر الجديد نجد أن وضع البرلمان كما هو لن يطرأ عليه متغيرات جوهريه ولكن تغير اسمه من مجلس الشعب إلي مجلس النواب وهذا الاسم قد أطلق علي أول المجالس النيابية الجادة في مصرسنة 1866 حيث ضم 75 عضواً منتخبين . هذا بالإضافة إلي الغرفة الثانية مجلس الشوري الذي أخذ صلاحيات أكثر مما كان عليه من قبل وذلك بعد أن كان مهددا بالإلغاء من قبل الجمعية التأسيسية وأصبح البرلمان في مصر جزءا من السلطة لأن نظام الحكم أصبح مائلا إلي نظام شبه مختلط "رئاسي برلماني" حيث يتم انتخاب أول حكومة دستورية سياسية مستقرة بموافقة البرلمان والحصول علي ثقة أعضائه وذلك بعد انتخاب مجلس النواب. ومن الملفت في المسودة الجديدة وما يتعلق بالبرلمان أن عددا كبيرا من المواد الخاصة بالبرلمان في الدستور الجديد هي نفس المواد الموجودة في دستور 1971 بالإضافة إلي أنه قد تم اختزال عدد المواد الخاصة بمجلس النواب إلي 15 مادة في الدستور الجديد بعد أن كانت 51 مادة في الدستور القديم. وكذلك أصبح المجلسان في الدستور الجديد شركاء في إصدار التشريعات وأصبح رأي مجلس الشوري إلزاميا وليس كالماضي كان رأيه لا يأخذ به إلا في مشروعات القوانين المكملة للدستور ونصت المادة 102 في الدستور الجديد علي أنه لا يجوز لأي من مجلسي النواب والشوري إقرار مشروع قانون إلا بعد أخذ الرأي عليه، ولكل مجلس حق التعديل والتجزئة في المواد، وفيما يعرض من التعديلات، وكل مشروع قانون يقره أحد المجلسين يبعث به إلي المجلس الآخر ولا يجوز له أن يؤخره عن ستين يوما، لا تدخل فيها العطلة التشريعية. ولا يكون قانونا إلا إذا أقره المجلسان. ونصت المادة 103 أنه إذا قام خلاف تشريعي بين المجلسين، تشكل لجنة مشتركة من عشرين عضوا يختار كل مجلس نصفهم من بين أعضائه بناء علي ترشيح لجنته العامة، وذلك لاقتراح نصوص للمواد محل الخلاف.وتعرض هذه المقترحات علي كل من المجلسين، فإذا لم يوافق أحدهما عليها يعرض الأمر علي مجلس النواب ويؤخذ بما ينتهي إليه من قرار يصدره بأغلبية ثلثي أعضائه أما بالنسبة لصحة عضوية الأعضاء فقد أنهي الدستور الجديد عصر " سيد قراره" وذلك من خلال المادة 87 التي تنص علي اختصاص محكمة النقض بالفصل في صحة عضوية أعضاء المجلسين، وتقدم إليها الطعون خلال مدة لا تجاوز ثلاثين يوما من تاريخ إعلان النتيجة النهائية للانتخاب، وتفصل في الطعن خلال ستين يوما من تاريخ وروده إليها، وفي حالة الحكم ببطلان العضوية، تبطل من تاريخ إبلاغ المجلس بالحكم. وبالنسبة لدعوة رئيس الجمهورية للانعقاد للدور السنوي العادي وفض الدورة البرلمانية فقد اختلفت هذه المادة في الدستور الجديد ففي دستور 1971 كان رئيس الجمهورية يدعو المجلس للانعقاد للدور السنوي العادي قبل يوم الخميس الثاني من نوفمبر وكان دور الانعقاد 7 أشهر أما الدستور الجديد في المادة 94 يدعو رئيس الجمهورية كلا من مجلس النواب ومجلس الشوري للانعقاد للدور العادي السنوي قبل يوم الخميس الأول من شهر أكتوبر، فإذا لم تتم الدعوة يجتمع كل منهما بحكم الدستور في اليوم المذكور.ويستمر دور الانعقاد العادي لمدة ثمانية أشهر علي الأقل ويفض رئيس الجمهورية دور الانعقاد بعد موافقة كل مجلس، ولا يجوز ذلك لمجلس النواب قبل اعتماده الموازنة العامة للدولة. مع كل هذه الامتيازات الدستورية للبرلمان تبقي هناك قضية ثانية وهي لائحة المجلس الداخلية التي لابد أن تكون من أولوية مجلس النواب الجديد تعديلها لأنه بدون تعديل هذه اللائحة سوف يكون هناك حزب وطني آخر تحت القبة. وكانت الجمعية التأسيسية قد وافقت علي نظام برلماني بغرفتين ، وأن يبقي اسم مجلس الشوري كما هو دون تغيير وأن يكون اسم مجلس الشعب مجلس النواب. وثار جدل كبير بين أعضاء الجمعية التأسيسية حيث أصر ممثلو حزب الحرية والعدالة علي إلغاء مجلس الشوري والعمل بغرفة واحدة وكان علي رأس من أيدوا هذا الاقتراح الدكتور عصام العريان نائب رئيس حزب الحرية والعدالة وحسين إبراهيم و أحمد دياب وعزة الجرف. وقال الدكتور عصام العريان إن المرحلة التي تعيشها مصر تحتاج إلي ثورة من التشريعات ومن ثم وجود غرفتين سيعطل عمل التشريع، و أضاف حسين إبراهيم أن الاختصاصات تكاد تكون واحدة في المجلسين ومن ثم لا قيمة من وجود غرفة ثانية. ومن جانبه قال بسام الزرقا إن المطلوب هو الإبقاء علي الغرفتين ولكن مع إزالة العيوب والمشاكل التي قد تنشأ عن اتباع هذا النظام. ومن جانبه، قال الدكتور محمد محسوب وزير الدولة للشئون القانونية والمجالس النيابية إن مجلس الشوري جزء من النظام السياسي المصري ، ولا يجب النظر إليه علي أنه معوق و أن ديمقراطيات العالم تعتبره هو أساس التشريع ومن ثم أري أن مجلس الشوري يمنح اختصاصات تشريعية كاملة و أن يتفرغ مجلس النواب للرقابة علي الحكومة ومحاسبتها وسحب الثقة منها. كما وافقت الجمعية التأسيسية علي بقاء اسم مجلس الشوري دون تغيير تسميته بمجلس الشيوخ بعد مداخلة للدكتور محمد سليم العوا الذي قال إن مجلس الشيوخ يذكرنا بالنظرة الطبقية التي كانت موجودة قبل ثورة يوليو، ومن ثم صوت الأعضاء علي بقاء مجلس الشوري، بينما وافقوا علي أن مجلس الشعب يتحول اسمه إلي مجلس نواب الشعب. والبرلمان أو مجلس النواب أو مجلس الشعب هو هيئة تشريعية تمثل السلطة التشريعية في الدول الدستورية، حيث يكون مختصا بحسب الأصل بجميع ممارسات السلطة التشريعية وفقا لمبدأ الفصل بين السلطات. ويتكون من مجموعة من الأفراد يطلق عليهم اسم النواب أو الممثلون. ويكون دخولهم بالبرلمان عن طريق الانتخاب والاقتراع العام باستخدام الأساليب الديمقراطية. ويتم اختيارهم بواسطة المواطنين المسجلين في كشوف الناخبين في عملية انتخاب أو اقتراع عام سري ومباشر.ويكون للبرلمان السلطة الكاملة فيما يتعلق بإصدار التشريعات والقوانين، أو إلغائها والتصديق علي الاتفاقات الدولية والخارجية التي يبرمها ممثلو السلطة التنفيذية. ويطلق علي البرلمان تسميات مختلفة حسب كل دولة مثل "مجلس النواب" - "المجلس التشريعي" - "مجلس الشعب" - "مجلس الأمة" أو الجمعية الوطنية، أو "المؤتمر العام الوطني" والبرلمان له ثلاث مهام هي التشريع والرقابة علي أعمال الحكومة وتمثيل الشعب أمام الحكومة، وأول برلمان تم تأسيسه كان في إسبانيا في مملكة ليون في عام 1118. تم استخدام مصطلح برلمان لأول مرة في الممكلة المتحدة في عام 1236 وقد كان في السابق يكون هناك مجموعة من المستشارين المقربين من الملك وكلمة برلمان أصلها من كلمة "parler الفرنسية وهي تعني النقاش والحوار. ويؤكد محمد العمدة عضو مجلس الشعب السابق ووكيل لجنة الشئون الدستورية والتشريعية علي سريان نصوص الدستور الجديد من اليوم التالي لإعلان نتيجة الاستفتاء عليه وحصوله علي الأغلبية المطلقة من الأصوات التي أودعها الشعب في الصناديق. ستسحب السلطة التشريعية من يد الرئيس الواحد لتوضع في يد180 عضوا يتكون منهم مجلس الشوري ثم خلال 60 يوما ستنتقل هذه السلطة إلي 676 عضوا يمثلون الشعب كله في مجلس النواب الجديد الذي سيتم انتخابه ويمضي مع زميله مجلس الشوري علي طريق الديمقراطية يمارسان السلطة الشعبية الكاملة. ويتم كذلك انتخاب أول حكومة دستورية سياسية مستقرة بموافقة البرلمان والحصول علي ثقة أعضائه ومع سقوط الإعلانات الدستورية جميعها ووجود رئيس جمهوري قوي محدد الصلاحيات تشاركه الاختصاصات حكومة شعبية ومجلسان منتخبان فإن الأمر سوف يستقيم ونجد أنفسنا في حياة ديمقراطية سليمة وحسب قناعاتي هذا هو المطلوب من كل الطوائف والتوجهات فنسعي بجد واجتهاد لبنيان الدولة واستكمال مؤسساتها والعمل علي قوتها ورسوخها. وقال الشيخ ياسر برهامي، نائب رئيس مجلس إدارة الدعوة السلفية وعضو الجمعية التأسيسية للدستور، إن الدستور الجديد سيزيل صفة الكفر عن المجالس التشريعية المصرية لأنه سيجبر أعضاء المجالس علي الالتزام بمبادئ الشريعة الموجودة بالدستور عند سن القوانين. وأضاف برهامي أنه في ضوء دستور 71 وتعديلاته، تم سن تشريعات موافقة للشريعة، لكنه لم يمنع مخالفة النصوص التشريعية للكتاب والسنة.وأكد برهامي أن المسئول عن تطبيق الشريعة بعد موافقة الشعب المصري علي الدستور، هو المجالس التشريعية، التي سيناط بها تعديل كل التشريعات المخالفة للشريعة الإسلامية، قائلا " الآن أصبح الباب مفتوحا ووضعت للقطار قضبان يسير عليها ولا يخرج عنها، فعلي سائق القطار أن يسير في الطريق المحدد إلي الغاية المقصودة وهي تطبيق شرع الله". ومن جانبه قال سعد عمارة عضو مجلس شوري الإخوان إن "مجلس الشوري في الدستور الجديد أخذ صلاحيات أكبر بكثير لأن الصورة الذهنية عن مجلس الشوري في الماضي كانت سيئة لأسباب كثيرة ولم يتم تفعيله وكانت صلاحياته محدودة للغاية وسيصبح غرفة أساسية ثانية للبرلمان المصري".