مازال الجدال مستمرا حول رفض استمرار مجلس الشوري والبقاء عليه في مسمي جديد وهو الشيوخ وإعطائه صلاحيات التشريع ليكون محللا لوجوده الذي لايناسب نظام الحكم في مصر ولا الأوضاع الاقتصادية . ويناشد فقهاء وخبراء القانون أعضاء الجمعية التأسيسية بألا يكون هناك أكثر من مجلس تشريعي متمثل في مجلس الشعب أو النواب كما يحلو لهم ليكون مجلسا قويا للتشريع والمراقبة لكن تصويت أغلبية لجنة نظام الحكم والسلطات العامة بالجمعية يؤيد وجود مجلسين رغم أن رئيس اللجنة كان يفضل أن يكون مجلسا واحدا فقط.. ويظل الأمل معقودا علي تصويت أعضاء الجمعية سواء الموافقة علي مجلس واحد أو وجود مجلسين وإعطاء مجلس الشوري اختصاصات التشريع ومجلس الشعب اختصاصات المراقبة والميزانية.. وكان لكبار أساتذة القانون رأي في هذا الوضع قبل الموافقة النهائية. ويتحدث الدكتور جمال جبريل أستاذ الدستور والقانون الإداري بجامعة حلوان ورئيس لجنة نظام الحكم والسلطات العامة بالجمعية عن جانب التشريع ومهام البرلمان بغرفتيه فيشير إلي أن اللجنة أخذت برأي أن يكون البرلمان من غرفتين علي أن يقوم الاثنان بالتشريع ولم ينفرد أي منهما بالتشريع لكن مجلس النواب أي الشعب سيقوم بمراقبة الميزانية والمراقبة التي تصل إلي حد سحب الثقة من الحكومة, والحقيقة كان رأيه هو شخصيا أن يكون هناك مجلس واحد في الدستور لكن الديمقراطية تحتم علينا اللجوء للتصويت وكان رأي الأغلبية في اللجنة لصالح وجود برلمانين يسمي أحدهما النواب وهو الشعب حاليا والأخر الشيوخ وهو مجلس الشوري الآن, وسيجري رفع الرأي للجمعية التأسيسية للدستور للتصويت الجماعي عليه ولم يكن رأي قاطع أو نهائي. فسألته أي الدول بها مجلسان؟ ولماذا تفضل مجلسا واحدا؟, أكد رئيس اللجنة أن الدول الفيدرالية مثل أمريكا لابد من وجود مجلسين لكن هناك دولا مثل ايطاليا وفرنسا وأسبانيا والبرتغال فيها مجلسان, ورغم ذلك أري أن مصر لها ظرف خاص الآن ونحن لسنا في حاجة لمجلسين لكن يري البعض أن أهمية المجلس الثاني وهو الشيوخ هي ضبط التشريع في مصر بالإضافة للحصول علي خبرات مختلفة, ومازال يؤكد أن مصر ليس أمامها أمور معقدة لكي تحتاج لمجلسين إلا أنه يتوقع أن ينتهي الدستور إلي وجود مجلسين مع وضع ضوابط لمجلس الشيوخ بحيث يكون السن35 سنة وحاصلا علي ليسانس أو بكالوريوس ويكون عدد الأعضاء المعينين10 فقط. ويؤكد الدكتور جبريل أن أعمال اللجنة انتهت بالنسبة للبرلمان ويبقي الجزء الخاص بنصوص الإدارة المحلية حيث تجري المناقشات المختلفة حولها. ومن ناحيته يري الفقيه الدستوري الدكتور ثروت بدوي بعد أن سألته ما رأيك في أن يتخصص مجلس الشوري في التشريع ومجلس الشعب في الرقابة أنه من الضرورة الآن الاكتفاء بمجلس تشريعي واحد فقط ولايتجاوز عدد أعضائه300 عضو, أما من ناحية الدستور فهو منظومة واحدة مترابطة من المواد والأحكام والقواعد التي يستحيل الجمع بينها دون رابط يربطها جميعا بحيث تكون المواد المتعلقة بتشكيل البرلمان وعدد أعضائه وشروط العضوية مرتبطة ارتباطا وثيقا بصلاحيات واختصاصات البرلمان ودور البرلمان في التشريع والرقابة التنفيذية وعلاقة رئيس الدولة بكل من البرلمان والسلطة التنفيذية لأنه يستحيل قيام نظام سليم ما لم تتخذ هذه الروابط بين السلطات وعدم الاختلال الذي قد يؤدي إلي هيمنة سلطة علي غيرها من السلطات, ومسألة التوازن بين السلطات الأساسية كما أن السلطة تقابلها مسئولية ولايصح وجود سلطة بلا مسئولية بنفس القدر, كما أن التوازن يتطلب أيضا التوازن بين السلطة والمسئولية, أي بقدر ماتكون السلطة تكون المسئولية. أما الأخذ بنظام المجلسين التشريعيين فهذا ما لا أرحب به إطلاقا لأن نظام المجلسين في أمريكا مرتبط بنظام الاتحاد الفيدرالي المركزي أما مصر فلايصح التفكير في اتحاد فيدرالي لأننا دولة واحدة وموحدة بسيطة ولايصح أبدا التفكير في إعطاء المحافظات أو الوحدات الإقليمية أي اختصاصات تشريعية وإنما يجب الإبقاء علي نظام الدولة البسيطة الموحدة. ونظام المجلسين في انجلترا كما يبين الدكتور ثروت بدوي له ظروف تاريخية وكانت في البداية مجرد مجالس وهمية استشارية أدوارها شكلية ولم تبدأ أدوارها الفعلية إلا أخيرا وتدريجيا, لكن إذا أخذنا بنظام المجلسين لابد من إعادة النظر في النظام السياسي ويؤكد أهمية الانتخاب في الوقت الحالي بالنظام الفردي في البرلمان حتي تتكون أحزاب سياسية حقيقية ومستقلة ولها قواعد شعبية فعلا وبعد التخلص من الأحزاب الطفيلية, وهذا لن يأتي إلا بمجلس واحد وقوي مع وجود حرية حقيقية. اتجاه الجمعية التأسيسية نحو الإبقاء علي نظام المجلسين التشريعيين يصفه الدكتور السيد فودة أستاذ فلسفة القانون ووكيل حقوق بنها بأنه وضع لايتناسب مع طبيعة تكوين الدولة المصرية حيث أنها دولة موحدة ويتفق كثير من الفقهاء في هذه الجزئية مؤكدين أن مصر ليست فيدرالية وهو النظام الذي يحتاج لمجلسين يعتمدان علي التمثيل النسبي للولايات الفيدرالية, كما تمر البلاد بظروف اقتصادية تستدعي ترشيد الإنفاق وضغطه, وفي حالة الإبقاء علي الشوري مع تغيير مسماه للشيوخ إهدار لموارد الدولة في الوقت الحالي لكن مادامت أن الجمعية التأسيسية قررت الإبقاء علي المجلسين وأعطت الشوري صلاحيات التشريع يكون هناك مبرر للإبقاء عليه لأن الاختصاصات الأولي له كانت تتشابه مع المجالس القومية المتخصصة, ويؤكد ان النظام التشريعي الواحد هو الأصلح للتطبيق في مصر, لكن في وجود المجلسين يفضل وجود التشريع في يد الشوري مع وجود ضوابط تحدد شروط العضوية تتناسب مع الصلاحيات المعطاة, وهذا ما سيتجه له الدستور الجديد, واقتصار دور مجلس النواب علي الموازنة ومتابعة الحياه اليومية وهو دور حيوي ومهم ويتناسب مع شروط العضوية لكن التشريع يحتاج لثقافة أعلي وتفرغ وخبرة لكي تخرج التشريعات قوية خالية من الثغرات.