«نروح فين إحنا دلوقتى يارب، بطنى بتوجعنى من إمبارح بالليل، وجيت الصبح أقطع تذكرة وأكشف هنا عشان حالنا على قدنا، ملقتش دكاترة، بيقولوا عاملين إضراب ورجعونى من غير كشف ومش عارفة أتصرف إزاى»، كلمات قالتها لنا سعاد أحمد، سيدة فقيرة الحال كانت تتوجع من شدة المرض، وقفت حائرة أمام بوابة مستشفى الساحل التعليمى، حبست بالكاد دموعها؛ لكنها لم تستطع كتمان الوجع، الذى يموج بجسدها النحيل. بعد المرور من بوابة المستشفى الكبيرة تجد أناساً بسطاء يجلسون فى مدخل العيادات تحسبهم هربوا من زحام استراحة العيادات لكنهم فى انتظار موعد زيارة مرضاهم بالعنابر؛ لكن المرضى المترددين على العيادات يومياً منعوا من الدخول. ولم يسمح للدخول إلا للحالات الحرجة فقط. غرفة استقبال العظام، الغرفة الوحيدة التى تعمل فى مبنى العيادات الخالى من المرضى تماماً. ممرضات يجلسن أمام أبواب العيادات الخاوية من الأطباء والمرضى وكأنهن حراس. يبدو أنهن قد استرحن هذا اليوم من زحام المرضى وذويهم وجلسن يتجاذبن أطراف الحديث مع بعضهن، قلن لى: بالأمس لم تكن تستطيع أن تقف على رجلك من عدد المرضى الموجودين بالاستراحة، لكن اليوم لا يوجد مرضى بسبب إضراب الأطباء. الدكتور محمد بدير، إخصائى عظام بمستشفى الساحل، يقف بغرفة كشف العظام باستقبال المستشفى، لم يشارك فى إضراب الأطباء؛ لأنه موجود فى قسم الطوارئ، ولا يعالج إلا الحالات الحرجة فقط، لكن الاستشارات والحالات العادية لا يكشف عليها. ويشكو الطبيب من الحالة المادية المتردية بالنسبة للأطباء، إذ أكد أنه بعد عدد سنوات خدمة بالطب لا يتعدى مرتبه 500 جنيه لذلك يطالبون بكادر ثابت، ويؤكد طبيب آخر موجود معه بنفس الغرفة رفض ذكر اسمه أن ثمن مواصلاته للمستشفى أكثر من المرتب الذى يحصل عليه ولولا العيادة لما استطاع أن يعيش، وهنا لا تنفع الإنسانية لأنها لا تسمن ولا تغنى من جوع هذه الأيام.. هكذا قال الطبيب. طبيب كبير من قيادات المستشفى سمعنى أتحدث عن إضراب الأطباء، فقال فى حماسة: لا يوجد إضراب هنا، قلت له: فى العيادات، قال: لا.. المستشفى يعمل بكامل طاقته، والإضراب موجود فى الإعلام فقط. لكن د عبدالفتاح حجازى مدير المستشفى قال إن بعض العيادات مقفولة بسبب الإضراب وأخرى استقبلت مرضى خلال يوم الإضراب الأول بالإضافة إلى قسم الطوارئ والعمليات العادية وقسم الغسيل الكلوى والحضانات والرعايات المركزة لكن المضربين عن العمل من الإخصائيين والنواب والامتياز وهم جزء قليل فى العيادات. نحن متعاطفون مع المريض نفسياً لأنه يأتى إلى هنا فى أضعف حالاته. وأضاف أن عدد أطباء المستشفى يبلغ حوالى 700 إخصائى ونائب واستشارى و300 ممرضة، تقدم العيادات الخدمة إلى 400 مواطن فى اليوم الواحد بالإضافة إلى 350 حالة طارئة يومياً بقسم الحوادث والاستقبال؛ لذلك لن نتسامح مع أى طبيب يضرب فى قسم الاستقبال.