يقف أمام المذيع، ونظرات الهيبة والوقار تتسرب من تحت عدسات نظارته، على جنبات شعره الشيب، يطرح المذيع الأمريكي عليه سؤالًا: "المساعدات العسكرية الأمريكية هل تعطيكم ميزات تكتيكية تحتاجون لها؟"، فجاءت إجابة وزير الخارجية المصري نبيل فهمي خالية من الدبلوماسية: "نعم بالطبع هي مهمة جدًا بالنسبة لنا، لأنها مثل الزواج وليست علاقة لليلة واحدة أو نزوة عابرة تستمر ليوم واحد وتنتهي"، إجابة وزير الخارجية السابق والتي وصف فيها علاقة مصر بأمريكا بالزاوج، أثارت غضب المصريين، بينما اكتفت وزارة الخارجية باعتبار أن وسائل الإعلام تناولت التصريحات بشكل غير دقيق وفيه قدر من المبالغة. مواقف الدولة المصرية بعد ثورة 30 يونيو تتناقض مع تصريحات وزير الخارجية السابق، وظهر ذلك عندما أعلن المتحدث العسكري السابق العقيد أحمد علي، في فبراير 2014، عن نية المشير السيسي، وزير الدفاع في ذلك الوقت، زيارة روسيا هو ووزير الخارجية حينئذ نبيل فهمي، والحديث عن صفقات عسكرية هي الأكبر في تاريخ العلاقات بين البلدين، الأمر الذي اعتبره البعض استمرارًا في سياسة التباعد بين مصر وأمريكا بسبب موقفها من ثورة 30 يونيو. تكررت الزيارة مرة أخرى بعد وصول السيسي لقصر الاتحادية رئيسًا لمصر، عندما قرر أن تكون أول زيارة أوروبية له لروسيا، ليعود الحديث مجددًا عن التقارب المصري- الروسي، على حساب العلاقات الأمريكية- المصرية، وأن السياسة المصرية الخارجية كانت أمام خيارين، إما التعاون مع الولاياتالمتحدةالأمريكية أو التعاون مع روسيا، بحسب ما ترى الدكتورة أسماء عبدالفتاح، الباحثة في الشؤون الأمريكية، موضحة أن مصر فضَّلت الخيار الثاني بسبب الدعم الأمريكي لجماعة الإخوان والصداقة التاريخية بين مصر وروسيا. واعتبرت عبدالفتاح، في تصريحات ل"الوطن"، أن الفترة المقبلة ستشهد تحركات أمريكية مع بعض الدول مثل قطر لإيقاف الجهود المصرية- الروسية للتبادل التجاري فيما بينهما، وهناك تخوف أمريكي مؤكد من الاتفاقات الاقتصادية التي أعلن عنها خلال المؤتمر الصحفي للرئيس السيسي ونظيره الروسي بوتين. بشعر أشيب وعينين ضيقتين، ينزل وزير الخارجية الأمريكي جون كيري من طائرته، تطأ قدماه أرض مطار القاهرة ببطء وهيبته، يرافقه عدد من كبار معاونيه في زيارة للقاهرة ستستغرق بضعة أيام لبحث وقف إطلاق النار في غزة، تقاطع هيبته عدد من رجال أمن المطار، يفاجئونه بجهاز محمول كاشف للمعادن، يمررون الجهاز حتى الجزء السفلي من سترة الوزير الأمريكي، قبل أن يسمحوا له بالمرور هو والوفد المرافق له، موقف التقطته عدسات الإعلام، فيما اعتبره المحللون السياسيون دلالة واضحة على تدهور العلاقات بين مصر وأمريكا. "الولاياتالمتحدة تجنبت الحديث عن أي قضية سياسية أثناء القمة الإفريقية الأمريكية التي رفض السيسي المشاركة فيها".. كلمات توضح بها الدكتورة أسماء عبدالفتاح، مدى تدهور العلاقات بين مصر وأمريكا، مشيرة إلى أن الولاياتالمتحدة لم تتحدث سوى في المشاريع الاقتصادية المدشنة في القارة الإفريقية، وفي الوقت ذاته كان السيسي يقوم بوضع حجر الأساس لمشروع تنمية محور قناة السويس، الذي اهتمت به الصحف الإفريقية أكثر من القمة. وتوقَّعت الخبيرة في الشؤون الأمريكية أن الولاياتالمتحدة ستحاول تعويض خسائرها في مصر عن طريق السيطرة على الاقتصاد الإفريقي وتقويض المشاريع المصرية في القارة السمراء.